} يُتوقع ان تُعلن تنسيقيات العروش البربرية اليوم رفضها عرض الحوار الذي قدمته الحكومة لوضع حد لحال العصيان المدني التي تعرفها منطقة القبائل منذ نهاية نيسان ابريل الماضي عقب مقتل الشاب مسينيسا قرماح في مركز تابع للدرك في ولاية تيزي وزو. وقال مصدر قريب من لقاء ممثلي العروش، أمس، في قرية مشدالة في ولاية البويرة 120 كلم شرق العاصمة أن مسؤولي التنظيمات البربرية شددوا، خلال مناقشتهم التطورات في منطقة القبائل، على ضرورة "تكثيف التجنيد وسط السكان". لكن لم يصدر حتى مساء أمس أي بيان يُعلن فيه ممثلو العروش رفضهم عرض الحوار الذي قدّمته الحكومة. كذلك لا يُعرف كيف سترد الحكومة على مثل هذه الخطوة. يُنتظر أن تبدأ حركة العروش البربرية، منتصف الشهر الجاري، سلسلة من النشاطات بهدف تكثيف الضغط على الحكومة الجزائرية لدفعها إلى تنفيذ بنود "عريضة القصر" التي تنص على ضرورة إبعاد قوات الدرك من المنطقة. ويُعتقد بان رفض العروش عرض الحكومة بدء حوار في شأن مطالب البربر يؤكد توجهاً نحو مزيد من التصعيد، خصوصاً بعد دعوة الجناح المتشدد في الحركة البربرية إلى تعبئة سكان المنطقة لتنظيم إستفتاء على الحكم الذاتي لولايات البويرة وتيزي وزو وبجاية. وفي سياق ردود الفعل، قلل السيد عبدالكريم عبادة الناطق بإسم جبهة التحرير الوطني حزب الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة من فرص نجاح مبادرة الحوار مع العروش البربرية. وقال في اتصال مع "الحياة" ان جبهة التحرير "تُفضل أن يتم الحوار في الأطر الشرعية والهيئات المنتخبة"، مشيرا إلى أن الحكومة "إذا اضطرت الى الحوار مع العروش البربرية فإن ذلك يعني إما أن الأحزاب والمجتمع المدني عاجزة عن القيام بدورها وبالتالي تطويق الوضع وإما أن الحكومة تريد القفز على هذه التنظيمات الوطنية". وتابع ان "العروش تنظيم تقليدي تنحصر مهماته في وظائف اجتماعية ضيقة، بينما تتولى الأحزاب درس القضايا الوطنية". أما السيد جمال فرج الله، نائب رئيس التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية بربري، فقد استبعد أي نجاح لمبادرة الحوار. وقال ان "عرض الحوار مجرد مناورة جاءت متأخرة عن وقتها". وقال ل "الحياة": "إن العروش ترفض الحوار مع الحكومة لأن مبادرتها جاءت متأخرة كثيراً، لقد اقترحنا ذلك منذ البداية وقبل سقوط الضحايا والآف الجرحى. كان يمكن الحكومة الرد على مطالب المتظاهرين لكنها تركت الوضع يتعفن". واعتبر ان عرض الحكومة الحوار هدفه "كسر الحركة الإحتجاجية. ولدينا معلومات بأن السلطة كلفت عناصر خلط الوضع داخل الحركة لكن اللجان الشعبية أدركت بيقظتها هذه المحاولات". وتنقسم حركة العروش إلى مجموعات صغيرة تمثل المناطق المختلفة. وهي تنقسم في شأن الحوار مع الحكومة إلى مجموعتين: تضم الأولى جناحاً يُوصف بالمعتدل وعلى رأسه السيد علي غربي، والثانية جناحاً يُوصف بالتشدد على رأسه عدد من قدامى ناشطي الحركة اليسارية مثل بلعيد أبركة. وبدأ التيار الأول يفقد قوته في الشارع أمام تصاعد التيار المتشدد. وبدأ الفنان البربري فرحات مهنى، وهو أحد القياديين في الحركة الثقافية البربرية، سلسلة من التجمعات للدعوة إلى حكم ذاتي للمنطقة. وهي فكرة تلقى، على ما يبدو، دعم بعض قدامى الحركة إضافة الى متشددين أمازيغ. وترى أوساط مراقبة ان خيارات الحكومة في التعامل مع منطقة القبائل أصبحت محدودة، خصوصاً بعد رفض العروش التفاوض على عريضة "مطالب القصر" التي قد يتم تجاوزها قريباً بإصدار عريضة مطالب أكثر تطرفا. ويعتقد بان ثمة خيارين أمام حكومة السيد علي بن فليس لمواجهة التطورات: الخيار الأول هو القبول بتطبيق "لائحة القصر" كلها، بما في ذلك بعض المطالب التي تدرج في خانة "المستحيلات" مثل إبعاد قوات الدرك أو اعتماد الأمازيغية لغة وطنية في الدستور وبالتالي الدخول في مواجهة مفتوحة مع قيادة الجيش التي تتبع لها فرق الدرك، والأحزاب الإسلامية التي ترفض إقرار الأمازيغية خارج إستفتاء وطني يعبر فيه الشعب الجزائري بكامله عن قناعته في الموضوع. أما الخيار الثاني، وهو المرجح، فهو فتح قنوات حوار عدة مع التنظيمات السياسية والإجتماعية والثقافية البربرية النشطة لتغليب كفة الحوار وقطع الطريق أمام الأطراف التي لا تريد سلطة الحكومة على منطقة القبائل. ومعروف ان بعض مناطق ولايتي تيزي وزو وبجاية تلاشت فيها سلطة الدولة. ويُضطر زوار ولاية بجاية مثلاً إلى إستعمال "كلمات المرور" ليلاً لضمان الانتقال من حي الى آخر. وتتولى "لجان اليقظة" التي تتشكل من سكان المنطقة والتي يتسلح بعضها بأسلحة بيضاء وعصي، القيام بالمهمات الرسمية للشرطة والأمن. وساهمت في كثير من الأحيان في وقف أعمال النهب التي يقوم بها بعض الذين يتاجرون بصفة غير شرعية في رمال شواطئ المدينة.