أعلنت الحكومة الجزائرية، مساء الأربعاء، استعدادها لمناقشة أي مبادرة أو اقترحات تقدمها تنظيمات العروش البربرية من شأنها المساهمة في وقف ما يشبه حال العصيان المدني التي تعرفها منطقة القبائل منذ نيسان ابريل الماضي. ونسبت "وكالة الأنباء الجزائرية" الرسمية إلى "مصدر حكومي" أن الدولة "التي ما فتئت تدعو إلى الحوار وتسعى إلى كل السبل الممكنة لإقامته تبقى في الإصغاء لكل المبادرات وتؤكد بل وتجدد استعدادها للحوار الذي بات ضرورياً أكثر من أي وقت مضى خدمة لشبابنا وشعبنا ووطننا". واوضح المصدر: "من البديهي أن الأرضيات مطالب البربر التي نشرتها الصحافة يمكن أن تشكل قاعدة للنقاش ما دامت لا تمس بمقومات الدولة والدستور وقوانين الجمهورية. و من الواضح أيضاً أن الدستور قد يتضمن نقائص يجب تداركها وأن القوانين يمكن أن تتطور بصفة إجماعية في إطار المؤسسات الوطنية". وتضم عريض المطالب البربرية التي تعرف باسم "أرضية القصر"، 15 مطلباً تحظى بإجماع تنظيمات العروش التي صادقت عليها في اجتماعها يوم 11 حزيران يونيو الماضي في دائرة القصر في ولاية بجاية 300 كلم شرق العاصمة. وأبرز هذه المطالب "الدعوة إلى محاكمة منفذي وآمري ومدبري الجرائم في محاكم مدنية وشطبهم من أسلاك الأمن والوظائف العمومية"، "السحب الفوري لفرق الدرك وتعزيز وحدات حفظ الأمن"، "حل لجان التحقيق التي نصبتها السلطة"، و"استجابة المطلب الأمازيغي بكل أبعاده المتعلقة بالهوية والبعد الحضاري واللساني والثقافي". وقال المصدر الحكومي ان "الحوار ممكن وليس هناك من يشكك في قدرات الجزائريين على إجرائه". وأشارت إلى أن "حركة المواطنين المعبر عنها من خلال العروش يمكن أن تشكل مؤشراً إيجابياً بالنسبة الى مجتمعنا". ورأت الحكومة التي أثنت على تنظيمات العروش، ان اللقاء الذي كان مقرراً أمس في ولاية البويرة 120 كلم شرق العاصمة "يمكن أن يكون تعبيراً عن نضج هذه الحركة والنخبة التي تؤطرها". وذكّرت بأن "السلطات السياسية للبلاد تولي كل الاهتمام وتفتح الأبواب على مصراعيها كي تكون هذه الحركة مثمرة ومولّدة لثقافة اجتماعية قائمة على الحوار الهادئ والمسؤول الكفيل وحده بتحقيق تقدم ومكاسب اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية ضمن المجتمع". وكانت الحكومة عبرت في السابق عن رغبتها في التفاوض مع العروش البربرية، لكنها رفضت تسلم عريضة مطالب "القصر" خلال المسيرات التي جرت في العاصمة في ايار مايو وحزيران يونيو وتموز يوليو. وفي أول رد فعل على قبول الحكومة التفاوض على مطالب البربر، حذّرت "تنسيقيات" البلديات في ولاية بجاية "الجماعات التي ترغب في فتح قنوات الحوار مع السلطة والتفاوض على لائحة مطالب القصر من مغبة المغامرة التي تعد مساساً بأرواح شهداء الربيع الأسود" إضطرابات صيف 2001. ونددت بسعي السلطة إلى "زعزعة الحركة وتفجيرها من الداخل من خلال تطعيمها بالعناصر الموالية لها". وفي مقابل هذا الموقف، لم يتبن أي تنظيم من العروش عملية التفاوض مع الحكم، علما أن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة كان أوفد عدداً كبيراً من المبعوثين لفتح قنوات حوار لدعم خطته في جعل الأمازيغية لغة رسمية عبر تعديل الدستور. وتشير أوساط بربرية إلى بداية تشكل "قوة ثالثة" في منطقة القبائل ترتكز على أساتذة الجامعات والطلبة. ويرفض هذا التيار مطالب التيار البربري المتشدد في شأن تنظيم استفتاء على إقامة حكم ذاتي لمناطق القبائل.