} تستأنف اليوم محادثات التسوية السلمية في مقدونيا، وسط تفاؤل حذر بامكان حل كل المشكلات الشائكة وصوغ اتفاق قومي شامل للبلاد، فيما تصاعدت التهديدات المتبادلة بين الحكومة المقدونية والمقاتلين الألبان. أعلن مكتب الرئاسة المقدونية ان وضع الاطار الختامي لقضية استخدام اللغة الألبانية رسمياً، ومناقشة الأمور المتعلقة بصلاحيات الشرطة والأمن في البلديات ذات الكثافة السكانية الألبانية ومدى علاقتها بالسلطات المركزية في سكوبيا، ستكون في صدارة المواضيع التي سيُبحث فيها عند استئناف المفاوضات اليوم. وكانت المحادثات بين الأحزاب المقدونية والألبانية التي يشرف عليها الوسيطان الأميركي جيمس بارديو والأوروبي الفرنسي فرانسوا ليوتار، الجارية في منتجع "أوخريد" السياحي، منذ السبت الماضي، علقت يوماً واحداً امس لتزامنها ومناسبة قومية للسلافيين المقدونيين. وتوافرت معلومات مساء أول من أمس الأربعاء، عن التوصل الى اتفاق بين الزعماء السياسيين المقدونيين والألبان المشاركين في المحادثات، ينص على "اعتبار اللغة الألبانية التي يتحدث بها نحو 25 في المئة من سكان مقدونيا لغة رسمية في المناطق التي يشكل الألبان فيها 20 في المئة من السكان على الأقل، والسماح باستخدام هذه اللغة في جلسات البرلمان العلنية ومرافعات المحاكم وصوغ القوانين القضائية باللغتين المقدونية والألبانية، على ان تظل المقدونية اللغة الرسمية في انحاء البلاد وتكون وحيدة الاستخدام على مستوى الحكومة المركزية والعلاقات مع الدول الأخرى". وأشارت المعلومات الى ان الوسيطين بارديو وليوتار اقترحا ان تكون اجهزة الشرطة والأمن في البلديات ذات الكثافة السكانية الألبانية تحت سلطة وزارة الداخلية، على ان يُعين القادة المحليون فيها بالتفاهم بين السلطات المركزية ومسؤولي تلك البلديات. وكان مقرراً ان يعقد الوسيطان الأميركي والأوروبي مؤتمراً صحافياً مساء أول من أمس الأربعاء، لاعلان هذا الاتفاق. لكنه أُلغي بعدما أبلغهما رئيس "الحزب الديموقراطي الألباني" اربن جعفيري انه "يريد اجراء محادثات اضافية كي يتضمن الاتفاق استخدام اللغة الألبانية في اجتماعات الحكومة ووثائقها". واكتفى ليوتار بتصريح مقتضب، قال فيه: "حصلنا على اتفاق في شأن مسألة اللغة، يمثل خطوة مهمة في طريق المفاوضات الطويل، لكنه معلق على نتيجة الموافقة النهائية على باقي المحاور، ولا سيما منها قضية الشرطة". وأضاف ان المفاوضات لا تُعد منتهية بسبب تحفظ الحكومة المقدونية عن بعض استخدامات اللغة الألبانية "اذ تقدم الحكومة اجابات عن اعتماد الألبانية في اصدار الوثائق الشخصية، كجوازات السفر وشهادات الميلاد". الى ذلك، نقلت محطات التلفزيون في سكوبيا عن عضو الوفد المقدوني في المحادثات فلادو بوبوفسكي "ان الحديث عن أي نجاح غير ممكن، اذا لم تحل قضية اللغة الألبانية بالكامل وتحسم الأمور الأخرى التي لا يقل قسم منها صعوبة عن اللغة، مثل الشرطة والأمن". وتزامنت المحادثات مع تبادل لاطلاق النار بين القوات الحكومية والمقاتلين الألبان في ضواحي مدينة تيتوفو. وقالت الحكومة المقدونية أمس ان ثكنتين لقواتها تعرضتا "لاطلاق نار من الارهابيين، وأصيب أحد افراد الشرطة خلالها بجروح خطرة". وألقى وزير الداخلية المقدوني ليوبي بوشكوفسكي بظلال شك على جدوى الاتفاق السياسي. وقال في تصريح نقله التلفزيون الرسمي امس "ان الوسيلة الوحيدة لحل الأزمة في مقدونيا هي هزم المتمردين الألبان عسكرياً". وأوضح ان "الارهابيين تجاوزوا كل الحدود المسموح بها، ولا يمكن تحمل المزيد من عدوانهم وتنكيس الرؤوس امامهم والانتظار الى ان تُهوى سكاكينهم على الرقاب". وقال وزير الداخلية: "يجب ان نستعد لالحاق الهزيمة بهم، لأن ممارساتهم تدل ان المحادثات السياسية الجارية في أوخريد لا تعنيهم. تكفينا الأصوات الآتية من الخارج عن ضبط النفس والحل السلمي للحصول على الدعم الدولي". لكن وزير الدفاع فلادو بوتشكوفسكي أفاد ان "التمرد أصبح كبيراً الى درجة يتعذر على مقدونيا سحقه بالقوة فقط". وثمة خلافات بين وزير الداخلية الذي ينتمى الى "الحزب القومي" المتشدد بزعامة رئيس الحكومة ليوبتشو غيورغيفسكي، وزير الدفاع المنتمي الى "الحزب الديموقراطي الاشتراكي" الذي أظهر مرونة حيال مطالب الألبان. وفي بروكسل، أفاد حلف شمال الاطلسي ان مجلس اعداد السياسات التابع للحلف الغى اجازته الصيفية تحسباً للتوصل الى اتفاق سلام يفتح الطريق امام نشر ثلاثة آلاف جندي غربي لجمع اسلحة المقاتلين الألبان. وفي موسكو، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي ايفانوف ان بلاده لا تعتزم ارسال قوات الى مقدونيا.