راوحت المحادثات لتسوية الأزمة في مقدونيا مكانها بسبب مشكلتي اللغة الألبانية وصلاحيات الشرطة اللتين كانتا السبب في وصول المساعي السابقة الى طريق مسدود. لكن تقارير غربية افادت ان الوسيطين الاميركي والأوروبي يسعيان الى اتفاق ولو جزئياً يتيح نشر قوات اطلسية في المناطق التي تشهد مواجهات مستمرة. طغى المطلبان الألبانيان المتعلقان باللغة والصلاحيات المحلية لأجهزة الشرطة والأمن، على اليوم الثاني من المحادثات بين الأحزاب المقدونية والألبانية في منتجع "أوخريد" السياحي أمس. وبذل الوسيطان الأميركي جيمس بارديو والأوروبي الفرنسي فرانسوا ليوتار جهوداً مكثفة، من خلال اللقاءات الجانبية مع كل من الطرفين المقدوني والألباني، واجتماعات الطاولة المستديرة لكل المشاركين في المحادثات من الأحزاب الأربعة، اضافة الى الرئيس المقدوني بوريس ترايكوفسكي ورئيس حكومته ليوبتشو غيورغيفسكي. وأبلغ ليوتار الصحافيين في تصريح مقتضب أن المحادثات "تواجه مصاعب كبيرة تعترض خروجها بالحل الشامل المطلوب". وأفاد التلفزيون الرسمي في سكوبيا ان الوسيطين عرضا شكلاً جديداً لصيغة قضيتي اللغة والشرطة اللتين وردتا في خطتهما الاصلية للتسوية، وواجهتا رفضاً مقدونياً مطلقاً أدى الى توقف المحادثات السابقة. واقترحت الصيغة الجديدة ان "تكون اللغة المقدونية رسمية في كل أراضي دولة مقدونيا، في حين تعتبر الألبانية رسمية في البلديات التي تزيد نسبة الألبان فيها عن 20 في المئة من مجموع السكان، إضافة الى الدوائر الحكومية المركزية وجلسات البرلمان. أما بالنسبة الى القضية الثانية موضع الخلاف، فإن الاقتراح يفصل بين وحدات الشرطة والأمن، ويجعل الشرطة محلية مرتبطة بصلاحيات البلديات، في حين تكون متطلبات الأمن العام من صلاحيات الأجهزة الحكومية المقدونية وتشرف عليها وزارة الداخلية. وقوبل الاقتراح ببرود من الطرف الألباني الذي اعتبره لا يلبي الحد الأدنى لمطالبه، بينما رفض الطرف المقدوني بصورة قاطعة اعتماد اللغة الألبانية في المعاملات الرسمية. أما في شأن قضية الشرطة، فرأى الطرف المقدوني أن يبقى الوضع على ما هو، وان تظل المهمات الامنية مرتبطة بالكامل بالحكومة المركزية التي يمكن أن تخول البلديات الألبانية وغيرها، القيام ببعض النشاطات المحلية عند الضرورة. وافادت معلومات نقلتها وسائل الاعلام في سكوبيا، انه في حال الفشل في التوصل الى اتفاق شامل، فإن الوسيطين سيلجآن الى اتفاق من جزءين، يخص أحدهما القضايا التي أُنجزت، ويركز الآخر على وجوب وقف النار الدائم ومواصلة المحادثات في الملفات الشائكة، ويدعو حلف شمال الأطلسي الى ارسال قواته لنزع سلاح المقاتلين الألبان. لكن المقاتلين أعلنوا أنهم سيعترضون على أي اتفاق لا يكون ضامناً بصورة كاملة للمطالب الألبانية. ونقلت محطات تلفزيونية محلية في سكوبيا عن أحد قادتهم الميدانيين أمس، ان "أي اتفاق يجب ان تسلم صيغته الرسمية الكاملة الى جيش التحرير الوطني، لتدرسه قيادته العليا، فإذا جاء محققاً للأهداف التي قامت من أجلها الحركة المسلحة والخاصة بكل مطالب التعديلات الدستورية للشعب الألباني، فإن قيادة الجيش ستتفاوض مع الحلف الأطلسي حول انهاء عملياتها العسكرية". وأضاف القائد العسكري الألباني: "أما اذا كان الاتفاق في خلاف ذلك، فإن جيش التحرير الوطني لا يمكن أن يقبل بأمور غير محسومة، وسيواصل حقه في القتال حتى تتحقق التلبية الكاملة للأهداف التي يناضل من أجلها". وحول الوضع في منطقة تيتوفو، ذكرت الحكومة المقدونية ان "قذائف هاون عدة للارهابيين، سقطت بالقرب من أحد معسكرات الجيش في تيتوفو، كما استمر دوي الطلقات النارية وانفجارات القذائف في المرتفعات المطلة على المدينة". وأشارت المصادر نفسها الى أن الوضع "ظل متوتراً في تيتوفو وضواحيها بسبب عدم التزام الارهابيين بتعهداتهم للحلف الأطلسي بالانسحاب من كل المناطق التي سيطروا عليها نتيجة انتهاكاتهم لاتفاق وقف النار". ودعت الحكومة المقدونية الحلف الأطلسي الى "ارغام المتمردين على تنفيذ اتفاقه معهم، حتى يتمكن النازحون من العودة الى منازلهم في منطقة تيتوفو".