حكمت محكمة الجزاء الدولية لجرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة على الجنرال في صرب البوسنة راديسلاف كريستيتش بالسجن 46 عاماً لدوره في الابادة الجماعية التي تعرض لها سكان سريبرينيتسا قرب سيراييفو في تموز يوليو 1995 واسفرت عن مقتل ما لا يقل عن ثمانية آلاف شخص. واكتسب الحكم صفة تاريخية كونه الاول الذي يتناول جريمة "ابادة" وقعت في اوروبا، بوصفها جريمة دولية. كما اكتسب الحكم اهمية اضافية، كونه اشار في حيثياته الى مسؤولية آخرين في هرم السلطة الصربية عن الجرائم التي حصلت اثناء اجتياح المدينة المنكوبة، مما يعني امكان استخدامه لإدانة الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيش المعتقل حالياً لدى المحكمة في لاهاي، باعتباره كان يضع الخطوط الرئيسية لسياسة التطهير العرقي في البوسنة. واستقبل قرار المحكمة باستياء شديد في اوساط الناجين من المجزرة واقارب ضحاياها كونهم توقعوا السجن المؤبد للجنرال الذي كان يأتمر مباشرة بأوامر القائد السابق لجيش صرب البوسنة الجنرال راتكو ملاديتش والرئيس السابق للكيان الصربي رادوفان كاراجيتش اللذين نجحا حتى الآن في الفرار من العدالة. وفند القضاة الرئيسيون الثلاثة، ومن بينهم المصري فؤاد رياض، ادعاءات محامي الدفاع ان موكله كان مجرد منفذ للأوامر. وأكد رئيس الهيئة القاضي ألميرو رودريغير ان الأدلة التي لدى المحكمة، تشير الى ان الجنرال كريستيتش كان واعياً ومصمماً على اقتراف الجرائم المنسوبة اليه، كما انه تلقى عنها مكافآت وتقدير من القيادة الصربية في البوسنة. وينتظر ان يقضي كريستيتش سنوات الحكم، وهو الأثقل في تاريخ المحكمة، في احد البلدان التي سيجري التوافق عليها. ولكن سيتاح له استئناف الحكم. وقال الناطق باسم المحكمة ان المجرم الصربي لن يتمتع بأي خفض لفترة الحكم اثناء وجوده في البلد الثالث، اي انه سيستثنى من قوانين العفو المحلية التي تراعي حسن السلوك. وأضاف ان الأمر بهذا الصدد متروك للمحكمة وحدها. كما دين الجنرال كريستيتش الى جانب الابادة بارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب. وهذا اقسى حكم يصدر عن محكمة الجزاء الدولية حتى الآن، ويتجاوز الحكم بالسجن 45 عاماً الذي اصدرته محكمة البداية ضد الجنرال الكرواتي - البوسني تيهومير بلاسكيتش المدان بارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب. وخاطب القاضي البرتغالي الميرو رودريغس الذي ترأس المحكمة كريستيتش قائلاً: "انت مذنب، لأنك كنت تعرف ان النساء والاطفال والشيوخ نقلوا من سريبرينيتسا تمهيداً للمجزرة، ولاشتراكك في خطة الاعدام الجماعي لكل الرجال القادرين على حمل السلاح. انت مدان يا جنرال كريستيتش، بجريمة الابادة". وبقي الجنرال كريستيتش البالغ من العمر 53 عاماً، جالساً بسبب مشاكله الصحية وساقه المبتورة، ولم يبد عليه التاثر عند النطق بالحكم، علماً انه اظهر خلال المحاكمة العديد من علامات الانزعاج العصبي، اذ كان يغمز بعينيه باستمرار ويواجه صعوبة في ابتلاع ريقه. وكانت قوات حلف شمال الاطلسي اعتقلت كريستيتش عام 1998، واقتادته الى لاهاي لمحاكمته.