أكد الرئيس حسني مبارك أن حل الأزمة الراهنة في يد الحكومة الإسرائيلية وأن الكرة في الملعب الإسرائيلي، مشيراً إلى أنه لا يدافع بذلك عن الفلسطينيين لكن عن السلام والاستقرار في المنطقة "وحياة الشعوب التي تضع أرواحها في أيدي قيادتها". ورفض في حديث للقناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي فكرة "انتظار وقف القتال كلياً لكي نبدأ التفاوض"، ودعا إلى العودة إلى مائدة المفاوضات بالرغم من العنف. وقال مبارك إن الرئيس ياسر عرفات يستطيع تهدئة العنف نسبياً لكنه لا يستطيع وقفه نهائياًَ "لأن الفلسطينيين بعد هدم بيوتهم وضرب ابنائهم لن يستجيبوا بسهولة". وأشار إلى انتقادات شعبية فلسطينية لقمة شرم الشيخ: "قالوا إن مبارك جرجر عرفات وعمل له قمة" و"مبارك يسعى الى وقف الانتفاضة" موضحاً أن القمة تمت بناء على طلب عرفات. واعتبر أن طلب رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون وقف العنف بنسبة 100 في المئة معناه أنه لا تفاوض قبل 100 سنة. وأشاد بزعماء سابقين في إسرائيل ووصفهم ب"أقوياء" مثل مناحم بيغين واسحق رابين اللذين مضيا في طريق السلام من دون خوف. ورفض مبارك الجلوس مع شارون للتفاهم، وقال: "منذ أن تولى السلطة وحتى اليوم لم أرَ منه شيئاً يجعلني أعمل مخاطرة معه". وكشف أن شارون أرسل له عبر الأجهزة الأمنية ما يؤكد أنه رجل سلام وهو ما لم يتضح بعد. ورفض مبارك دعاوى الحرب الشاملة التي تروج لها إسرائيل، ووصفها بأنها "موضة قديمة" وأن "الأفظع هو الإرهاب". وقال إن إسرائيل مخطئة في الموضوع السوري من الألف إلى الياء، مؤكداً أن "الموضوع السوري كان على وشك الحل أيام رابين لولا التعطيل من هنا وهناك ثم مصرع رابين". واستغرب مبارك التهديدات الإسرائيلية لسورية ولبنان والاتهامات التي وجهت الى مصر بتهريب اسلحة الى الفلسطينيين. وقال إن التصرفات الإسرائيلية الحالية "لا تخدم الشعب الإسرائيلي إنما تضره في مقتل وتجعله غير آمن على حياته وماله". وأوضح مبارك عدم جدوى تهديد سورية بسبب أي عملية تقع داخل إسرائيل، وقال: "إذا تم ضرب باص عندي هل أضرب في السودان أو ليبيا أو الأردن؟". وشدد على أن الطريق الوحيد لمنع الإرهاب هو التفاوض وإحياء الأمل لدى الفلسطينيين. وانتقد مبارك وزير البنية الأساسية أفيغدور ليبرمان الذي هدد بضرب أسوان والأهرامات، وقال: "لاپبد أن تحسب القيادات كلامها بميزان من ذهب"، وأشار إلى أن هذه التهديدات أثارت الرأي العام في مصر وجعلته يتساءل عن استعدادات الجيش المصري، كما أن مناخ العلاقات فسد وهو لم يكن كذلك قبل عامين، مشيراً إلى النشاط السياحي والى مشاريع مصرية - إسرائيلية مشتركة كانت بدأت نشاطها. وعن القدس، أوضح مبارك أن أبو عمار عرفات وافق على التنازل عن حائط المبكى والحي اليهودي وعدم إقامة اسوار بين الحي اليهودي والحي الإسلامي والمسيحي ووافق على أن تكون القدس عاصمة لدولتين، وأكد مبارك أن عرفات ليس بمقدوره التنازل عن السيادة على الحرم الشريف. وأعرب مبارك عن اعتقاده بأن الحل كان ممكناً لو أن الرئيس بيل كلينتون بدأ جهوده المكثفة قبل ستة أشهر من انتهاء ولايته وليس في الأيام الخمسة عشر الأخيرة، والشيء نفسه بالنسبة الى محادثات طابا عشية الانتخابات الإسرائيلية، وقال مبارك للإسرائيليين: "لا أنتم ملائكة ولا الفلسطينيون. أجلسوا معاً على مائدة المفاوضات بقلب مفتوح وهذا هو السبيل الوحيد ولا حل آخر". من جهة اخرى، نفى مصدر مسؤول في وزارة الخارجية المصرية اجراء وزير الخارجية أحمد ماهر اتصالاً هاتفياً مع رئيس الحكومة الإسرائيلية آرييل شارون أو نظيره الاسرائيلي شمعون بيريز أثناء انعقاد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر عقب العملية الاستشهادية في القدس الغربية الخميس الماضي. وكانت وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت عن هذه الاتصالات إلا أن وزارة الخارجية المصرية أعلنت أن مثل هذه الانباء لا أساس لها من الصحة. من جهة أخرى، يلتقي ماهر اليوم مع عضو مجلس النواب الأميركي زعيم الاقلية الديموقراطية في اللجنة الفرعية للشرق الأوسط السيد جاري أكرمان ورئيس مركز السلام والتعاون الاقتصادي في الشرق الأوسط السيد ويبدا ونيز اللذين وصلا إلى القاهرة مساء أمس في زيارة تستغرق يومين ضمن جولتهما في عدد من دول المنطقة. وتركز المحادثات على آخر تطورات الموقف في الشرق الأوسط خصوصاً التدهور الحادث في الأراضي المحتلة والصعوبات التي تعترض عملية السلام على المسار الفلسطيني - الإسرائيلي خصوصاً وباقي المسارات عموماً، كما تتناول العلاقات الثنائية من جوانبها المختلفة وسبل تدعيمها. يذكر أن ماهر كان التقى أكرمان خلال زيارته الأخيرة لواشنطن. الى ذلك، جرت خلال الساعات الأخيرة اتصالات هاتفية بين وزراء الإعلام العرب لعقد اجتماع طارئ خلال الأيام المقبلة للنظر في المعالجة الإعلامية لمساندة الموقف الفلسطيني وطرح الحقائق للرأي العام العالمي. وأجرى وزير الإعلام المصري السيد صفوت الشريف في هذا الإطار مجموعة من الاتصالات مع عدد من وزراء الإعلام العرب للبحث في عقد الاجتماع الطارئ خلال أيام بالتنسيق مع الأمانة العامة للجامعة العربية.