للمرة الأولى منذ تشكيل الائتلاف الحكومي الحالي في إسرائيل، يتساءل كبار المعلقين للشؤون الحزبية هل يقع الطلاق بين عجوزي الحكومة وقطبيها ارييل شارون ووزير خارجيته شمعون بيريز ويكون بداية نهاية حكم شارون؟ ويزيد النقاش الساخن الذي شهدته جلسة المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية فجر أمس في أعقاب هجوم القدس الغربية من إمكانات فض الشراكة بين "ليكود" و"العمل" اللذين يشكلان معاً القاعدة البرلمانية الأوسع للائتلاف 42 نائباً في الكنيست. وحسب مصادر صحافية، تعرض بيريز إلى هجوم كلامي حاد من عدد من وزراء اليمين، وفي مقدمهم شلومو بنزري من حركة "شاس" الدينية الشرقية الاصولية الذي اتهم وزير الخارجية بالهذيان لمجرد توكيده ضرورة اجراء حوار مع الفلسطينيين "لأنه ما لم نفعل ذلك، ونجلس مع الرئيس ياسر عرفات فستكون غالبية للعرب في هذه البلاد بعد عشر سنوات". وطالب بنزري بتوجيه ضربة عسكرية صارمة "من دون الأخذ في حساباتنا رد العالم على ذلك"، فيما قدم وزير السياحة العنصري رحبعام زئيفي قائمة ب18 هدفاً فلسطينياً "يجب على الجيش الإسرائيلي إعادة احتلالها". وطرح وزراء آخرون إمكان شن هجوم عسكري واسع يشمل تدمير البنى التحتية في المناطق الفلسطينية والاذاعة والتلفزيون واغتيال عدد من القادة الفلسطينيين. وقالت الاذاعة الإسرائيلية إن شارون أبلغ وزراءه ان رداً كهذا قد يأتي لاحقاً في حال تفاقم الأوضاع الأمنية. ولم يلتفت شارون إلى معارضة بيريز للاقتراحات المطروحة وصادق عليها المجلس بغالبية تسعة وزراء ومعارضة بيريز وزميليه من "العمل" ماتان فلنائي وافرايم سنيه. أما الممثل الرابع ل"العمل" في المجلس وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر فبدا شارونياً أكثر من شارون وطالب المجلس باطلاق يد الجيش ليرد بعنف. لكن شارون كما يبدو قرأ في ملاحظات بيريز بوادر شرخ في العلاقات بينهما، اذ لم ينتظر طلوع الفجر ليهاتف رئيس حزب المتدينين مفدال الحاخام اسحق ليفي ليدعوه إلى الانضمام الى حكومته بهدف تعزيز الجناح اليميني المتطرف فيها علماً ان هذا الحزب يمثّل المستوطنين في الكنيست 5 نواب. كما اجرى شارون اتصالاً للغرض نفسه مع النائب دان مريدور زعيم حزب "المركز" المتمثل في الكنيست بخمسة نواب، جميعهم كانوا في حزب "ليكود" سابقاً. وقالت الاذاعة ان شارون يريد اساساً توسيع صفوف المجلس الوزاري المصغر بوزراء يمنيين يضمنون له غالبية واضحة فيه. وردّ ليفي باشتراط الانضمام بقيام اسرائيل باتخاذ "خطوة جدية اكثر" ضد الفلسطينيين وعدم الاكتفاء بالسيطرة على "بيت الشرق" في القدس وقصف رام الله. واجمع المعلّقون الاسرائيليون على ان بيريز يشعر منذ اسابيع بالاحباط والقلق ازاء تعامل شارون معه، خصوصاً في مسألة رفضه اجراء أي اتصال مع الفلسطينيين. وكتبت الصحافية سيما كدمون يديعوت احرونوت "ان بيريز اخذ يفهم ان شارون ينفذ بهدوء وتروٍ ما ينتظره معسكر اليمين والمستوطنون: تقويض اركان السلطة الفلسطينية". وزاد زميلها شمعون شيفر ان بيريز يصرّ على ضرورة اخلاء المستوطنات في قطاع غزة ويرى انه لا يجوز التسبب في افقار مئات آلاف الفلسطينيين مقابل ضمان امن مئات المستوطنين "وثمة حدود يجب ان تكون لاستبدادنا هذا". واضاف ان بيريز يعي انه يمنح غطاء دولياً لشارون لكنه لن يتردد في الانسحاب من الحكومة إذا ما توصل الى قناعة مفادها ان لا امل من رئيس الحكومة في أحياء عملية السلام. ويبني بيريز حساباته على ان انسحاباً كهذا سيضعف شارون ويضرب شعبيته في اوساط الاسرائيليين فتكون بداية نهايته السياسية. استطلاع وعلى ذكر شعبية شارون أكدت استطلاعات جديدة للرأي نزعة الإسرائيليين إلى الغطرسة والتطرف، إذ أيد 86 في المئة من اليهود سياسة اغتيال الناشطين الفلسطينيين. وكان لافتاً أن 60 في المئة ممن يحسبون على معسكر اليسار يؤيدون هذه السياسة. ورأى 64 في المئة من الإسرائيليين اليهود والعرب ان هذه السياسة تحول دون وقوع "عمليات ارهابية". كما أيد 37 في المئة اغتيال مسؤولين رفيعي المستوى في السلطة الفلسطينية وعارضه 49 في المئة. وعارض 62 في المئة أن تجتاح إسرائيل مناطق السلطة مقابل تأييد 30 في المئة لذلك. وقال 42 في المئة إن إسرائيل لا تستعمل القوة الكافية ضد الفلسطينيين، فيما اعتبرها 17 في المئة فقط مفرطة. وأيد 58 في المئة عدم اجراء مفاوضات تحت وقع النار. وعبر 59 في المئة عن رضاهم من أداء شارون.