الغيرة احد المظاهر الانفعالية الوجدانية المكدرة تعيشها المرأة وتسبب لها اضطرابات نفسية تتمثل في القلق والخوف من فقدان الشريك والشعور بالنقص والغضب. وتظهر هنا نزعة الملكية لدى المرأة في علاقتها مع الشريك ورغبة الاستحواذ عليه حتى لا يشاركها طرف ثالث فيه، وقد تصل بعض حالات الغيرة لدى المرأة الى اعتبار الطرف الآخر رهينة وضرورة ان تكون المرأة العين الساهرة اليقظة التي تحجب عنه عيوناً تسرقه منها. وهذه الحال تجعل المرأة فريسة الهواجس والوساوس المبالغ بها تحرق اعصابها وتهدم حياتها. وتكون الغيرة في هذا المستوى مرضية تستوجب العلاج لما تجلبه من ألم وشقاء. ولكن هل الغيرة غريزة فطرية تلازم طبيعة المرأة أم هي مجرد هواجس وأوهام يصنعها خيالها لعدم ثقتها بنفسها؟ تقول غادة السهلي 24 عاماً - معلمة: "لا اعتقد ان هناك امرأة لا تشعر بالغيرة. وان قالت عكس ذلك فهي كاذبة لشعورها بالخجل في التعبير عن هذا الشعور الذي تخبئه في اعماقها، لأنه شعور غريزي موجود يلامس كل امرأة، فعندما يحدث الحب تجاه الطرف الآخر تلازمه الغيرة. وأعتقد ان الفتاة التي لا تغار على حبيبها عند اهتمامه بفتاة اخرى او عند اهتمام تلك الفتاة به، فحبها له هو حب مزيف كاذب. ولكنني في المقابل ارفض الغيرة العمياء القاتلة التي تحوّل حياة الفرد جحيماً وتدمرها، لأنها تعكس خللاً ما في شخصية صاحبها التي تعاني عدم الثقة بالنفس وبالطرف الآخر، وتطلق لخيالها العنان في تضخيم الامور وتعظيم المواقف وهي في حقيقة الامر لا تستحق هذه المبالغة التي ترهق صاحبها وتؤزمه وتجعل الطرف الآخر يضيق ذرعاً كونها تشعره بأنه في حصار وعليه ان يكون دقيقاً في تصرفاته مع الفتيات ويبتعد من العفوية. من الضروري ان تكون المرأة حكيمة في شعورها بالغيرة ومعتدلة، فلا تسمح للغيرة ان تسيطر على تعاملها مع الحبيب، لئلا تحكم على علاقتها بالفشل". ينتقص من احترامي لذاتي سهى محمد 23 عاماً - موظفة تقول: "أكره الغيرة وأرفضها لأنها شعور يبعث القلق والحيرة ويعكر صفو اللحظات الجميلة التي يعيشها الحبيبان، فمن الضروري ان تكون الثقة عماد العلاقة بين الطرفين، وفي تعاملي مع خطيبي امنحه الثقة الكاملة كوني اعرف مكانتي لديه، وأحاول تجاهل هذا الاحساس عندما يحاول فرض نفسه عليّ في بعض الاحيان، لأنني اعتبره ينتقص من احترامي لذاتي التي احبها ان تكون بعيدة من السخافات، لذا لا اعيره اي اهمية، فأنا وخطيبي متفقان في علاقتنا على حدود معينة في تعاملنا مع الجنس الآخر، وألتزم جيداً هذه الحدود. اما حال الغضب التي تعتريني عندما اجد ان خطيبي تجاوز هذه الحدود في تعامله مع الفتيات فليست نابعة من شعوري بالغيرة بل حفاظاً على خصوصياتنا التي لا يجوز لأحد ان يقتحمها، وكذلك يجب ان يكون هناك مساواة بين الرجل والمرأة في الالتزام بالتعامل مع الآخرين". غيرة جامحة وتقول زينب العيسى 26 عاماً - ممرضة: "اعترف بأنني اشعر بالغيرة تجاه الحبيب، وقد تكون غيرتي في بعض الاحيان جامحة لدرجة انني اغار من النسمة التي تمرّ امامه اذا قال انها لطيفة، وأشتاط غيظاً عندما يلقي السلام على احدى الفتيات او عندما يتحدث معهن حديثاً وبخاصة اذا كن جميلات، على رغم يقيني انه لا شيء يجمعهما، ولكنني لا استطيع السيطرة على هذا الشعور الذي ينتابني لدرجة انه يبكيني احياناً لكثرة الغيظ الذي يحل بي، وأحاول اخفاء هذا الشعور الذي يحرجني كثيراً، لكنه يظهر رغماً عني في نبرة صوتي وحدّة نظرتي وعصبيتي في الكلام ويفضحني امام الحبيب الذي يسخر مني لشدة غيرتي التي يصفها بقلة العقل. وأتمنى لو استطيع التحرر من هذا الشعور الذي يؤرقني في تعاملي سواء مع صديقاتي او غيرهن وخوفي من ان تحظى احداهن باعجاب حبيبي". وتقول سناء خليل 31 عاماً - مزيّنة: "كنت اشعر بالغيرة على زوجي عند بداية معرفتي به في فترة الخطوبة وذلك بحكم عمله كصحافي يفرض عليه ان يتعامل مع الكثير من الفتيات والفنانات وغير ذلك... وكنت احتفظ بهذا الشعور في داخلي ولا احاول اظهاره امامه، ولكن بعد فترة من الزواج اختلف الامر وتوضحت شخصية زوجي امامي عارية وأيقنت تماماً انه لا يمكن ان يتخلى عني ويتركني سعياً وراء امرأة اخرى، وهو كبقية الرجال الذين ينظرون الى المرأة الجميلة ويعجبون بجمالها، وهذا الاعجاب بمثابة اعجابه بأي جمال يلفت الانظار، وفي النهاية انا سيدة حياته وهذا يكفيني، لذا تخليت عن ذلك الاحساس البغيض الذي لن احصد من ورائه سوى القلق وشغل البال وهو مجرد اوهام لا تستحق الاهتمام". وتقول هنادي اسماعيل 25 عاماً - موظفة: "لدي عقدة تجاه احساس الغيرة لكثرة ما عانيت من زوجي الذي كان يغار علي ليس من الرجال فقط بل من اختي التي كان يتهمني بأنني احبها اكثر منه لما ابديته من اهتمام تجاهها، وكذلك صديقاتي اذ كان يمنعني من زيارتهن، لظنه أنني سأنساه عندما ألتقي بهن. وأكثر ما كان يزعجني من غيرته انه عندما كان يزورني ضيوفي من النساء كان يبقى طوال الوقت جالساً بقربي ولا يسمح لي بالانفراد بهن وكأنهن سيأخذنني منه، وهذه الحال من الغيرة الجنونية التي كانت تفتك بحياتي الزوجية وتفرض عليّ حصاراً منيعاً جعلتني اترك زوجي وأطلقه. لذا فأنا اهاجم فكرة الغيرة ولا اشعر بها اطلاقاً، ولن اسمح لها بأن تتسلل الى حياتي لأن الثقة بالطرف الآخر هي جوهر حياة زوجية ناجحة بعيداً من الغيرة المرضية التي تقتل الحب وتعدم التفاهم والانسجام بين الطرفين". وتقول ريما عبدالغني 32 عاماً - ربة منزل: "الغيرة هي احدى الضروريات التي تزكي الحب وتبعث فيه الحركة وتخرجه من روتينه. فالمرأة لديها احساس غريزي بالغيرة، كونها تشعر بالضعف والرجل يعني القوة والحنان والأمان والاستقرار والسعادة وتعيش دوماً حال قلق من فقدان نصفها الآخر الذي تحاول الاحتفاظ به بشتى الوسائل، وتكون الغيرة دليلاً يؤكد مدى حب المرأة للرجل، ما يبعث السعادة في قلبه، ويشعره بمدى اهميته ومكانته لدى شريكة حياته، وكذلك المرأة تسعد كثيراً عندما تلاحظ غيرة زوجها عليها، لأن غيرته هذه تشعرها بأنوثتها وجمالها، وبمدى حبه واعجابه بها، حتى ان بعض النساء والرجال عندما يشعرون ان الطرف الآخر لا يغار عليهم يحاولون اثارة هذا الاحساس لديه ليشعروا بمتعة عندما يصدر عن الحبيب. فالمرأة عندما تجد حبيبها غير مبالٍ تشعر بالاهمال في قرارة نفسها وكذلك الامر بالنسبة الى الرجل، لذا فالغيرة ضرورية لتؤكد مدى حب الطرفين ولكن في حدودها المعقولة لأنها عندما تزيد عن حدها فإن الامور ستنقلب رأساً على عقب".