رجحت مصادر حقوقية في الرباط ان تتفاعل قضية اعترافات ضابط الاستخبارات السابق احمد البخاري في شأن ظروف اختفاء المعارض المغربي المهدي بن بركة. وينتظر ان يتم الكشف عن حقائق جديدة في ضوء طلب ناشطة في مجال حقوق الانسان فتح تحقيق جديد يتناول ملابسات اذابة جثة بن بركة بحمض الأسيد في معتقل دار المقري في ضواحي العاصمة الرباط كما جاء في شهادة البخاري المنشورة في صحيفتي "لوموند" الفرنسية و"لوجورنال" المغربية. وزاد من ترسيخ هذا الاعتقاد ان السيد البشير بن بركة نجل المعارض الراحل طلب من السلطات المغربية معاودة فتح التحقيق خصوصاً ان رئيس الوزراء المغربي السيد عبدالرحمن اليوسفي كان يرتبط بعلاقات جيدة مع رفيقه الراحل خلال فترة معارضة نظام الملك الراحل الحسن الثاني في منتصف الستينات. ورجحت المصادر ان تتداول الحكومة في مضاعفات هذه التطورات في اجتماع الخميس المقبل، او تعمد الى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق. لكن اللافت في التطورات ان الضابط البخاري اشار الى تورط مسؤولين رفيعي المستوى في جهاز الاستخبارات المغربية لا يزال بعضهم على قيد الحياة، ما يهدد بكشف ملفات فترة الاحتقان السياسي التي شهدتها البلاد في الستينات. وسبق للمعارض الفقيه محمد البصري ان كشف النقاب عن بعض ملابساتها في رسالة نُسبت اليه في نهاية العام الماضي عرضت ضلوع زعماء في المعارضة في مؤامرة أوفقير لاطاحة الملك الحسن الثاني في العامين 1971 و1972 ما يعني ترابط ملفات تلك الفترة التي شهدت تصعيد المواجهة بين القصر والمعارضة، وامتدت الى العام 1973 لدى تسلل معارضين مغاربة قدموا من الجزائر لشن هجمات ضد مراكز امنية في منطقة بوعزة وسط شرقي البلاد. وروى الحسن الثاني ان الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين نفى ان يكون له ضلع في تلك الهجمات. غير ان نشاطات المعارض الراحل المهدي بن بركة التي كان مسؤولون اسرائيليون ابدوا انزعاجاً حيالها زادت من احتمال تورط الاستخبارات الاسرائيلية في تصفية بن بركة. وتعتقد اوساط عدة ان تورط مسؤولين في الامن الفرنسي في خطفه في باريس كان بتنسيق مع الاستخبارات الاسرائيلية. وكان النائب جوحنا اوحنا المتحدر من اصول يهودية قضى فترة طويلة مع المعارض بن بركة في باريس، لكنه صرّح قبل وفاته في العام 1995 بأن الاثنين تعرضا لمضايقات من الاستخبارات الاسرائيلية. وعاد اوحنا الى المغرب بعد صدور عفو ملكي عنه في السبعينات. وترى مصادر ديبلوماسية ان الجانب المثير في معاودة فتح ملف اختفاء بن بركة يتمثل في محور العلاقات المغربية الفرنسية التي كانت تأثرت وقتذاك بحادث الخطف التي تحول الى ازمة تم تجاوزها بعد ذلك اثر محاكمة مسؤولين مغاربة في مقدمهم الجنرال احمد الدليمي في ملف الاختفاء، لكن القضاء الفرنسي برأه من التورط، في حين تم حفظ الملف على رغم مرور سنوات عدة ويرجح الا يعاد فتحه الا باتفاق بين البلدين. الى ذلك وجه المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الانسان رسالة مفتوحة الى رئيس الوزراء ووزراء العدل وحقوق الانسان والداخلية والمحامي العام لدى المجلس الاعلى والوكيل العام لدى محكمة الاستئناف في الرباط، طالبهم فيها بفتح تحقيق في القضية. واوضح المكتب في بيان وقعه رئيسه عبدالحميد امين وتلقته "الحياة" في لندن امس، ان ما نشرته الصحيفتان "يتضمن معلومات خطرة عن خطف بن بركة وتصفيته" في العام 1965. ولاحظ ان المقال "حدّد اسماء عدد كبير من الضالعين في خطف القائد السياسي وتصفيته وإتلاف جثته وتذويبها". واضاف "بما ان عدداً لا يزال على قيد الحياة وقد يكون بعضهم يزاول وظائف رسمية، واذ ان تداعيات القضية قد تجعل سلامة المشار اليهم في المقال في خطر، مع احتمال ان يحاولوا الاختفاء عن أعين العدالة بما في ذلك مغادرة الوطن، فإننا نطلب منكم وفق اختصاصكم اعطاء اوامر لمن يهمه الامر بهدف فتح التحقيقات اللازمة، وضمان امن المتورطين والمشتبه فيهم والشاهد احمد بخاري". وزاد: "لا يخفى عليكم ان الدولة المغربية ستكون مسؤولة عن اي تهاون او تقصير من شأنه عرقلة التحقيقات". وطالب المسؤولين ب"التعاون مع القضاء الفرنسي الذي يمسك بملف القضية". ونذكّركم بأن هذا التعاون ملزم لكم بمقتضى الاتفاقية بين المغرب وفرنسا ولا يعفيكم عن عدم فتح الملف امام القضاء المغربي وفقاً لمقتضيات القانون الجنائي".