لا تزال الرباط مشغولة بتداعيات قضية قتل المهدي بن بركة عام 1965. وتردد ان خلافات مالية بين المغرب وفرنسا ربما كانت وراء بعض التسريبات المتعلقة بهذه القضية، في حين بدا ان ضابط الاستخبارات السابق أحمد البخاري لن يستطيع السفر الى باريس للإدلاء بشهادته أمام القضاء عن ملابسات قتل المعارض اليساري. زعمت أوساط مالية مغربية وفرنسية ان معاودة فتح ملف خطف المعارض المهدي بن بركة وقتله سنة 1965، تعود إلى خلافات على مشاريع اقتصادية كبرى كان البلدان اتفقا عليها مبدئياً، لكن خلافات على كلفة تمويلها وظهور شركاء جدد حالت دون إبرام اتفاقات نهائية في شأنها. وقالت هذه الأوساط ان بعض المؤسسات الفرنسية المتنفذة قد تكون وراء التسريبات التي لم تقتصر على طرح ملف بن بركة، بل ذهبت الى توجيه انتقادات شديدة للفترة الحالية في المغرب. الى ذلك، يبدو ان تعقيدات إدارية بينها عدم حصول العميل السابق للاستخبارات المغربية السيد أحمد البخاري على جواز سفره، ستحول دون تلبيته دعوة وجهها اليه القضاء الفرنسي للمثول أمامه غداً 19 الشهر الجاري للإدلاء بما يعرف عن ملابسات تصفية بن بركة. ووجه قاضي التحقيق الفرنسي جان باتيست بابلوس دعوة الى البخاري للمثول أمامه في باريس بعد إدلاء العميل المغربي بتصريحات صحافية زعم فيها ان بن بركة قُتل تحت التعذيب وذوّبت جثته في حوض أسيد في دار المقري في الرباط. وأورد البخاري أسماء أشخاص تورطوا، بزعمه، في قضية بن بركة وعلى رأسهم الجنرال محمد أوفقير "انتحر" في 1972 والرائد أحمد الدليمي توفي إثر حادث سير في 1983. ورجّحت مصادر قريبة من البخاري ان يمثل أمام القضاءالفرنسي في قضية بن بركة في الخريف المقبل. وكان ثلاثة من المسؤولين السابقين في جهاز الاستخبارات المغربية الكاب 1 نفوا نهاية الأسبوع ما أورده البخاري في شأن علاقتهم بقضية بن بركة. وأكد الثلاثة، وهم العمداء محمد العشعاشي وعبدالقادر ساكا ومحمد المسناوي، في رسائل الى صحيفة "لو جورنال" الأسبوعية ان لا علاقة لهم بحادثة خطف بن بركة وقتله. وفي هذا الإطار، لم يرد بعد قاضي التحقيق المغربي على طلب قدّمه اليه الاتحاد الإشتراكي الذي يتزعمه رئيس الوزراء السيد عبدالرحمن اليوسفي، لفتح تحقيق في معلومات البخاري عن ملابسات قتل بن بركة. وفي حين يقول بعض المصادر ان "تقادم" حادثة قتل بن بركة حصلت في 1965 ربما يدفع القضاء المغربي الى الرد بعدم قدرته على إعادة فتح الملف، فإن مصادر أخرى ترى ان القضاء المغربي يمكن ان يعتبر ان جريمة قتل بن بركة مسؤولية القضاء الفرنسي على أساس انها حصلت في باريس. ويقول بعض المصادر إن عودة الحديث عن ملابسات قتل بن بركة ربما ستساعد السلطات المغربية على طي ملفات تُطاول 130 شخصاً اختفوا في ظروف غامضة. وكان البخاري تحدث عن تذويب نحو 30 جثة في "دار المقري" حيث ذوّبت جثة بن بركة. ويُطالب ذوو "المختفين" خلال سنوات الاحتقان السياسي في البلاد بمعرفة مصيرهم وتسلّم رفاتهم لإعادة دفنه. لكن الحديث عن تذويب الجثث في دار المقري ربما يشرح سبب عدم إمكان تسليم رفات بعض "المختفين". ونظّمت عائلة المانوزي في الدار البيضاء، يوم السبت، لقاء عرضت فيه وقائع اختفاء أفراد منها في ظروف غامضة. وقالت ان عميد العائلة الضابط ابراهيم المانوزي أُعدم من دون محاكمة عام 1971، على رغم انه لم يكن متورطاً في المحاولة الانقلابية ضد الملك الراحل الحسن الثاني في الصخيرات في تموز يوليو من ذلك العام. ويُذكر في هذا السياق ان جنرالات تورطوا في انقلاب الصخيرات أُعدموا في مكان مهجور بين تمارةوالرباط، على الساحل الأطلسي، بعد صدور أحكام عسكرية ضدهم قيل لاحقاً ان الجنرال محمد أوفقير كان وراءها بهدف منع انكشاف أمر تورطه في الانقلاب ضد العاهل المغربي. ولم يُكتشف دور أوفقير سوى في المحاولة الإنقلابية الثانية في 1972. وقيل آنذاك انه "انتحر" بعد انكشاف دوره.