أعلن أربعون من المثقفين والمهتمين بالشأن العام أمس تأسيس جمعية لحقوق الانسان بهدف "الدفاع عن الحريات الاساسية" في سورية، استجابة ل"متطلبات التطور" التي ظهرت في البلاد، فيما اصدرت "اللجنة السورية لحقوق الانسان" تقريرهاالسنوي في الخارج بعد مرور سنة على تسلم الدكتور بشار الاسد الحكم نوهت فيه ب"الانفراج المحدود في الحريات" في البلاد. وجاء في بيان صدر أمس في دمشق ان "عدداً من المثقفين والعاملين في الحقل العام المهتمين بقضايا حقوق الانسان والحريات الاساسية، تداعوا استجابة منهم لدواعي المسؤولية الوطنية والاجتماعية والاخلاقية ولمتطلبات التطور الذي طرأ على حياة بلادنا واحتياجات شعبنا وظروف عالمنا بأسره، لانشاء جمعية وطنية مستقلة تعنى بالدفاع عن حقوق الانسان والحريات الاساسية. وتوافقوا على الاعلان عن قيام "جمعية حقوق الانسان في سورية والتزام اهدافها والاسهام في نشاطها". وكان بين الموقعين النائب رياض سيف وعدد من اعضاء الهيئة التأسيسية ل"لجان احياء المجتمع المدني" بينهم محمد نجاتي طيارة والدكتور حسان عباس والمحامي خليل معتوف ومنصور الاطرش نجل سلطان الاطرش قائد الثورة السورية ضد الفرنسين وعدد من المعتقلين السابقين بينهم حسيبة عبدالرحمن وسليم خير بك. وأفاد البيان ان هؤلاء اجتمعوا الاثنين واتفقوا على تشكيل هيئة تحضيرية لمتابعة اعداد الوثائق اللازمة لتوفيق عمل الجمعية مع القوانين النافذة. وكان عدد من المحامين والمعتقلين السابقين اعلنوا في ايلول سبتمبر الماضي تشكيل "لجان الدفاع عن حقوق الانسان في سورية" ومارست نشاطاتها في دمشق ب"غض طرف" من السلطات السورية. كما ان النائب المستقل محمد مأمون الحمصي طلب الاسبوع الماضي تشكيل "لجنة لحقوق الانسان" في البرلمان السوري اسوة بباقي البرلمانات العربية. في غضون ذلك، سجل الناطق الرسمي باسم "لجان الدفاع عن حقوق الإنسان في سورية" أكثم نعيسة "تراجعاً" في أوضاع حقوق الإنسان، لافتاً إلى المطالب العامة مثل الافراج عن المعتقلين السياسيين ووقف الاعتقال التعسفي، كذلك الاعتراف القانوني ب"اللجان" التي يمثلها والسماح للناشطين فيها بالسفر "من دون ممانعة أو موافقات أمنية سابقة". وقال نعيسة إن مئات من المعتقلين السياسيين لا يزالون قيد الاحتجاز "بعضهم في وضع صحي سيئ للغاية"، وعدد منهم: الصحافي الدكتور عادل اسماعيل، وجيه غانم، فارس مراد، سعدالدين حتاحت، هيثم نعال، عدنان محفوض، نزار مرادني، نشوان اليوسفي، مرشد مرعي سويد، بهجت شعبو، أكرم البني، ماهر المعاز ونضال كمال. وأشار خصوصاً إلى أن الحال الصحية لوجيه غانم في "تدهور مستمر من دون أن يلقى العناية الطبية الكافية". وأفاد بأن معلومات منظمته عن المعتقل الكردي حسين داود أنه في وضع صحي سيئ للغاية وأنه في غرفة العناية الفائقة، وان هناك ادعاءات عن وفاة ايهاب خليل سجن عام 1999 في السجن. وأبدى القلق على مصير مالك شخاخيرو وضاهر مسعود وهلا عبدالرازق، كذلك ثلاثة معتقلين لم تستطع المنظمة الحصول على اسمائهم كاملة بعد، وهم اعتقلوا قبل نحو شهر. وتزامن الاعلان عن تأسيس جمعية مستقلة لحقوق الانسان مع اصدار لجنة خارجية تهتم بهذا الموضوع تقريرها السنوي. وجاء في البيان الذي تسلم مكتب "الحياة" في لندن نسخة منه: "على رغم وعود الانفتاح التي طرحها الرئيس الاسد في خطاب القسم، بقيت اوضاع حقوق الانسان في سورية على حالها في ظل قانون الطوارئ المعمول به منذ انقلاب 8 آذار مارس عام 1963 واستمرت هيمنة الاجهزة الامنية على الحياة العامة للبلاد". ولاحظ ان "الانفراج المحدود في الحريات الذي ميز النصف الاول من العام الاول لحكم الرئيس الاسد لم يكن نتيجة تبدلات حقيقية في توجهات السلطات الحاكمة، بمقدار ما كان اجتهادات ومحاولات فردية من بعض الفعاليات الثقافية والسياسية السورية التي قرأت خطاب القسم على أنه إيذان بمرحلة جديدة من الممارسة السياسية. لكن سرعان ما تبين ان الانفتاح الحقيقي لا يعني شيئاً ما لم يقترن بقوانين تحميه وبإعادة الاعتبار للسلطات التشريعية والقضائية ولمؤسسات المجتمع المدني، فكان سهلاً والأمر كذلك الانقلاب على هذه الخطوات الخجولة والعودة الى الخطاب الامني التجريمي اعتباراً من الشهر الثالث 2001". وتابع البيان ان السلطات "غضت النظر عن اجتماع للجان الدفاع عن حقوق الانسان في سورية وصمتت عن نشاط هذه المجموعة من دون ان تمنحها ترخيصاً رسمياً. ومع ان السلطات منحت تراخيص لثلاث صحف تعود لاحزاب "الجبهة الوطنية التقدمية" المشاركة في الحكم ولصحيفة ساخرة خاصة، إلا أنها لم تلتزم القانون الذي منحت على أساسه هذه التراخيص ومنعت طباعة صفحتين من جريدة "الدومري" الخاصة ورد فيها انتقادات لاداء الحكومة السورية"، مشيراً إلى أن "عدداً من التهديدات طاولت بعض اعضاء مجلس الشعب المستقلين الذين طالبوا باحداث تعديلات على سياسات الحكومة ورفعت عنهم الحصانة النيابية من دون مسوغات قانونية.