رفضت موسكو "عرضاً مغرياً" قدمته الولاياتالمتحدة لإقناعها بقبول مشروع "العقوبات الذكية" على العراق. واعتبرت المشروع خطراً على كل منطقة الشرق الأوسط. واكد ديبلوماسي رفيع المستوى ل"الحياة" ان روسيا تسعى الى اقناع بغداد بقبول نظام الرقابة الدائمة، لكنه قال ان الاميركيين "ليسوا متحمسين" لهذا النظام. ورفض الديبلوماسي الحديث عن طبيعة العرض، لكنه قال انه "مغرٍ وكبير جداً". واضاف ان موسكو ردت بأنها "لا تساوم على قضايا مبدئية" وهي ترى ان الدولة الكبرى لا يمكن ان "تباع بثلاثين من فضة". واضاف ان مشروع "العقوبات الذكية" الذي عطلته روسيا بتهديدها باستخدام حق النقض الفيتو، انما هو مشروع كان يهدف الى اعادة ترتيب الأوضاع في الشرق الأوسط. وأوضح ان سورية مثلاً كانت ستغدو موضع "ابتزاز واسع النطاق" لو رفضت قبول مراقبين دوليين على حدودها مع العراق، بموجب "العقوبات الذكية"، وان هذا الابتزاز كان سيستخدم للتحرك اميركياً على محوري الخليج والشرق الأوسط. ورداً على سؤال عن البدائل التي تطرحها روسيا، قال الديبلوماسي ان موسكو قدمت مشروعاً مضاداً، وهي ترى انه يحظى بتأييد متزايد. واضاف: "اننا نريد ان نلعب في ساحتنا، وليس في ساحة الاميركيين"، ملاحظاً ان الهدف ليس فرض عزلة على الولاياتالمتحدة، بل اقناعها بأن الحلول التي تقترحها "مستحيلة التطبيق". وكانت موسكو أوفدت الى بغداد السفير نيكولاي كارتوزوف لينقل رسالة من الرئيس فلاديمير بوتين الى نظيره العراقي صدام حسين. ولم يكشف مضمون الرسالة، الا ان مصدراً قريباً الى وزارة الخارجية، قال ل"الحياة" انها أشارت الى ان مستوى التعاون في الاقتصاد يجب ان يكون مثله في السياسة، وذلك في تلميح الى ان موسكو ترغب في "ترجمة ملموسة للامتنان" العراقي واضفاء ابعاد اقتصادية عليه. وشدد المصدر على ان العراقيين رفضوا من حيث المبدأ استقبال مراقبين دوليين، لكنه قال انهم سيتراجعون عن موقفهم في حال تنفيذ الفقرة 14 من القرار الدولي الرقم 687 والتي تقضي بتحويل كل الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي، مما يعني اجراء جرد وتفتيش داخل اسرائيل. ويعتقد الديبلوماسيون الروس ان في وسعهم "زحزحة" الموقف العراقي هذه المرة كما فعلوا من قبل عند استحصال موافقة بغداد على قرارات دولية منها القرار الرقم 986. إلا ان الخبراء في موسكو يرون ان الاميركيين لا يرغبون في اقامة نظام الرقابة الدائمة لأن اطلاقه مجدداً يعني الموافقة ضمناً على تعليق العقوبات والتمهيد لرفعها. ويعتقد هؤلاء الخبراء بأن الاطراف ستبقى متمسكة بمواقفها، مما سيعني تمديد العمل بنظام "النفط للغذاء" مرة اخرى مطلع كانون الأول ديسمبر. واكد ديبلوماسي وثيق الصلة بالملف العراقي ان مثل هذا الموقف اخذت تتبناه دول كانت ابدت "تراخياً" في التعامل مع مشروع "العقوبات الذكية" مثل فرنسا والصين وبلدان عربية.