مالت تعليقات المراقبين الى ابداء قدر اكبر من التحفظ عن النتائج التي ستسفر عنها القمة الباكستانية - الهندية التي ستبدأ اعمالها اليوم، بوصول الرئىس الباكستاني برويز مشرف صباحاً الى مطار انديرا غاندي الدولي في نيودلهي، في اطار زيارة رسمية تستمر ثلاثة ايام، ويقوم بها تلبية لدعوة تلقاها من رئيس الوزراء الهندي آتال بيهاري فاجبايي قبل شهرين. وأظهر سيل التصريحات المتبادلة بين اسلام آباد ونيودلهي خلال الساعات الاخيرة، عمق الهوة التي لا تزال تفصل بين مواقف البلدين، لا سيما ازاء قضية كشمير والاولويات الذي يجب تحديدها للشروع في تطبيع العلاقات الثنائية. بدأ واضحاً امس، ان القمة الباكستانية - الهندية لا تحمل في طياتها بذور النجاح الذي روجت له الصحف في كلا البلدين على مدى الاسابيع الثلاثة الماضية. وكان احد ابرز المواقف المعلنة تراجع حزب المؤتمر المعارض الرئىسي في الهند، عن ارسال ستة من قادته الى حفلة شاي تقيمها المفوضية الباكستانية العليا في نيودلهي مساء اليوم. وسبق للتحالف الديموقراطي الحاكم ان اعلن رفضه حضور الحفلة، احتجاجاً على اصرار مشرف على دعوة مندوبي اللجنة التنفيذية ل"مؤتمر حريات" وهو تجمع يضم تحت مظلته 23 تنظيماً كشميرياً مطالباً بالانفصال عن الهند. وقال حزب المعارضة الهندي الرئىسي انه سيرسل موفداً عادياً عنه. وبرر مسؤولوه موقفه هذا بأنه استجابة لضغوط حكومية. وانتقد وزير الخارجية السابق نتوار سينغ، العضو في حزب المؤتمر، موقف الحكومة "غير المبرر"، مشيراً الى ان وزراء سيحضرون ايضاً حفلة الاستقلال التي تقيمها المفوضية الباكستانية الشهر المقبل، في حضور نائب الرئىس الهندي و500 شخصية هندية رفيعة المستوى، من دون ان يصدر اي تعليق بهذا الخصوص. عمق الخلافات وفي الاطار ذاته، ألقت التصريحات المتناقضة الصادرة من البلدين امس، اضواء على عمق الخلافات بينهما، معززة الاقتناع بعدم احتمال خروج القمة بقرارات حاسمة. وأعطى مشرف الانطباع بأنه لا يريد التحادث في اي موضوع غير الملف الكشميري، بعدما خفض عدد اعضاء وفده المرافق من 63 شخصاً الى 19 معنيين في الشأن السياسي، مستبعداً بذلك وزراء التجارة والاقتصاد والصناعة والزراعة. كشمير اولاً وتضمنت تصريحات مشرف، قبل يوم واحد من بدء القمة، ثلاث نقاط خلافية مع الهند: اولها، ان اتفاقات كشمير 1972 واعلان لاهور 1999 بين البلدين، باطلة لأنها لا تعالج قضية كشمير، وثانيها، ضرورة اشراك الفصائل الكشميرية في الحوار بين باكستانوالهند. وثالثها، ازالة الخط الفاصل بين قطاعي كشمير، محذراً في ان اي رئىس باكستاني يقبل بغير ذلك سيطاح. ورد فاجبايي على تصريحات مشرف بالتأكيد على انه مستعد للبحث في قضية كشمير وكل المسائل الاخرى، لكن "اي طرف ثالث لن يدخل الى المفاوضات". كما اكد تمسكه باتفاقات شيملا واعلان لاهور التي رفضها مشرف، وقال: "آمل ان يحمل الرئىس مشرف الى القمة الرغبة في دفن كل النزاعات السابقة". وعاد الناطق باسم حزب المؤتمر لاحقاً، وهاجم في مؤتمر صحافي، عقد مساء امس، موقف باكستان. وقال: "إن اتفاقات شيملا واعلان لاهور مبرمة بين دولتين ولا يحق لأي نظام يأتي ان يلغيها". في حين احتجت الاحزاب الكشميرية، من جهتها، على امكان البحث في مستقبل كشمير من دون حضور ممثليها. ويأخذ الجانب الهندي على مشرف انه لا يزال يتكلم كقائد للأركان، وانه حديث العهد بالديبلوماسية، في حين يعتبر الجانب الباكستاني ان نيودلهي قامت بمبادرات حسن نية رمزية، ولكنها لم تتزحزح قيد انملة عن موقفها الرافض البت في مصير كشمير ضمن جدول زمني يمكن للقمة ان تخرج به. وقائع القمة ويغطي 700 صحافي تفاصيل القمة التي تشهد في يومها الاول برنامجاً حافلاً لزيارة مشرف نيودلهي ومأدبتي غداء وعشاء يقيمهما الرئىس ورئىس الوزراء الهنديين، على ان تعقد غداً في مدينة آغرا جولة مطولة من المحادثات لمدة اربع ساعات ونصف الساعة بين مشرف وفاجبايي، تجمع ايضاً مساعديهما. وقالت مصادر في وزارة الخارجية الهندية ل"الحياة": "إن مشرف سيعقد مؤتمراً صحافياً بمفرده في آغرا بعد ظهر الاثنين، قبيل مغادرته الى إسلام آباد". وكان مشرف عرض امس البقاء 48 ساعة اضافية في الهند اذا اقتضى ذلك التوصل الى اتفاق. لكن احداً لا يتوقع حصول هذا التمديد، خصوصاً ان جدول الاعمال الذي قصر المؤتمر الصحافي على الرئيس الباكستاني وحده يعني ان الجانب الهندي لا يتوقع التوصل الى اي اعلان مشترك ذي اهمية بما يستدعي حضور فاجبايي الى جانب ضيفه الباكستاني. ويتوقع المراقبون ان يتم التفاهم بين الزعيمين على وضع آلية لاستمرار الحذر، وان تكلل قمة آغرا بصيغة تكفل اعطاء انطباع نسبي بتحقيق تقدم، وتبدد اي اجواء تصعيدية قد يقود اليها فشل الزعيمين في بلورة اتفاق قادت اليه الحملة المتفائلة للصحف ووسائل الاعلام في البلدين.