توسعت حملة المطالبة بسن "عفو اشتراعي عام" في تونس بعدما كسرت الصحافة المحلية دائرة الممنوعات واستفتت شخصيات سياسية بشأن ضرورة الاقدام على هذه الخطوة. وكان هذا الموضوع يعتبر من المسائل المحظور الاقتراب منها كونه يتصل بهوية السجناء السياسيين الذين تنتمي غالبيتهم الى "حركة النهضة" المحظورة. إلا أن الخطوة تشمل حكماً، اذا اتخذت، سجناء آخرين في مقدمهم رئيس "حركة الاشتراكيين الديموقراطيين" معارضة محمد مواعدة الذي أعيد الى السجن الشهر الماضي بعد الغاء قرار عفو صدر بحقه في 1997 والناطقة باسم "المجلس الوطني للحريات" غير مرخص له الناشرة سهام بن سدرين. ولوحظ ان الأحزاب السياسية أجمعت في استفتاء نشرته أمس مجلة "حقائق" المستقلة على طلب اصدار عفو عام، بما في ذلك الأحزاب القريبة من الحكم والتي كانت مترددة في دعم هذا الطلب، فيما طورت "حركة التجديد" الحزب الشيوعي سابقاً طلب "العفو الانساني" الذي رفعته في مؤتمرها الأخير الى شعار "العفو الاشتراعي العام". إلا أن السلطات تبدو غير متحمسة للاستجابة الى هذا الطلب في المدى المنظور، وذهب وزير العدل بشير التكاري في تصريحات الى حد نفي وجود سجناء سياسيين في السجون التونسية، ما يعني أن الطلب ليس مرشحاً للتنفيذ في وقت قريب، فيما يربطه مراقبون باستحقاق الانتخابات الرئاسية والاشتراعية المقررة بعد ثلاثة أعوام. من جهة أخرى، أعلن محامي الناشرة سهام بن سدرين أن قاضي التحقيق الذي يباشر ملف التحقيقات في قضيتها رفض طلب الافراج الموقت عنها، وأوضح المحامي عبدالرؤوف العيادي أحد أعضاء هيئة الدفاع ل"الحياة" ان مرور أربعة أيام على إيداع طلب الافراج الموقت من دون استجابته يعني في القانون الرفض. ولم يوضح ما إذا كان المحامون يعتزمون التقدم بطلب جديد أم لا، إلا أن مصادر قضائية أشارت الى أن الصلاحيات الممنوحة للقاضي تجيز له إحالة بن سدرين على محكمة الجنح من دون استكمال التحقيقات التي كان مقرراً اجراؤها في الخامس من الشهر الجاري، لكنه لم يتم بسبب اصرار محامي بن سدرين الذين تجاوز عددهم المئة حضور جلسات التحقيقات الى جانبها، فيما اشترط القاضي تفويض ثمانية وعشرين محامياً فقط للترافع عنها. وكانت بن سدرين اعتقلت في مطار تونس أواخر الشهر الماضي بعدما شاركت في حوار بثته قناة "المستقلة" من لندن وأودعت سجن النساء في ضاحية منوبة بعد توجيه تهمتي "قذف القضاء" و"نشر اخبار غير صحيحة" لها. وفي باريس أ ف ب اعتبر الناشط التونسي في حقوق الانسان مصطفى بن جعفر في حديث لصحيفة "لوموند" الفرنسية في عددها الذي يصدر اليوم ان النظام التونسي "يريد اخماد حماسة بعض الحملات التضامنية .. وذلك حتى يعود الى سياسته القمعية". واكد بن جعفر انه "ليس هناك تغيير في تونس وانما عمليات تهدئة بسيطة .. وهدف النظام واضح وهو تجاوز مرحلة صعبة واخماد حماسة بعض الحملات التضامنية من داخل البلاد وخارجها وذلك للعودة بشكل افضل الى سياسة القمع المستمرة في البلاد منذ سنين". وبحسب بن جعفر وهو احد مؤسسي المجلس الوطني للحريات في تونس محظور فانه على رغم التزام الرئيس زين العابدين بن علي "فاننا ما زلنا نلحظ اللهجة الدعائية ذاتها في الصحافة وتتشابه الجرائد كما لو انها مستنسخة". واضاف "ليست هناك ارادة سياسية لدفع الامور الى الامام وما زال مدراء الجرائد يتلقون التعليمات من اعوان الرئيس".