اطلقت رابطة حقوق الانسان التونسية "حملة وطنية ودولية" للعفو العام، وذلك في أول مبادرة تتخذها منذ رفع الحجر القضائي عنها. في غضون ذلك، أبقت الشرطة التونسية الحراسة أمس أمام مكاتب الخطوط الجوية الفرنسية في العاصمة تونس بعد اعتصام حشود أمامها أول من أمس احتجاجاً على اقتحام عناصر من "مراسلون بلا حدود" المكتب السياحي التونسي في باريس. اعلنت رابطة حقوق الانسان التونسية "حملة وطنية ودولية" للعفو العام وعقدت قيادتها مؤتمراً صحافياً في مكاتب الرابطة، التي استعادتها من القضاء رسمياً الأربعاء الماضي، لشرح أهداف الحملة والتي قالت انها الثالثة من نوعها منذ العام 1980. وعزت "استمرار الحملات بهذه الوتيرة الى تعدد المحاكمات السياسية منذ الستينات الى اليوم". وأوضحت أن الهدف من العفو الاشتراكي العام هو "محو الجرائم والعقوبات في آن معاً ورد الاعتبار للذين تعرضوا لمحاكمات رأي على نحو يتيح اطلاق السجناء السياسيين وعودة المغتربين المتورطين في جميع القضايا ذات الطابع السياسي واستعادة حقوقهم المدنية والسياسية والاجتماعية". لكن السلطات اعتبرت قيادة حملة من هذا النوع خارجة عن المهمة التي أوكلتها محكمة الاستئناف في العاصمة تونس للقيادة الحالية للرابطة والتي تتمثل بإعداد مؤتمر استثنائي في غضون سنة لانتخاب هيئة ادارية جديدة للرابطة. ولوحظ ان القيادة سعت الى إشراك ممثلي الأحزاب والجمعيات لتكون راعية للحملة وفي مقدمها حركة الاشتراكيين الديموقراطيين والحزب الديموقراطي التقدمي والتكتل الديموقراطي وحزب العمال الشيوعي ونقابة المحامين وجمعية النساء الديموقراطيات مستقلة. وقال رئيس الرابطة المحامي مختار الطريفي ل"الحياة" ان الحملة ترمي لاستصدار قانون للعفو العام من مجلس النواب يؤمن اطلاق مئات المعتقلين الذين صدرت في شأنهم أحكام بالسجن في قضايا سياسية والسماح بعودة المغتربين وإعادة السجناء السابقين الى أعمالهم والتعويض عن الخسائر المترتبة على فترة الحبس. وأشارت مصادر حقوقية الى أن عدد السجناء السياسيين في تونس يبلغ نحو ألفي سجين أكثريتهم منتمون لحركة "النهضة" المحظورة والتي تعرض قياديوها وكوادرها لمحاكمات مدنية وعسكرية مطلع التسعينات. وأفاد الطريفي ان "اللجنة الوطنية" التي شكلت أمس تضم قياديين في الجمعيات والأحزاب الراعية لحملة العفو العام اضافة الى شخصيات مستقلة من الأوساط الجامعية والنقابية. "الخطوط الفرنسية" من جهة أخرى، بث التلفزيون التونسي في نشرته الرئيسية مساء أول من أمس مشاهد من اعتصام حاشد أمام مكاتب "الخطوط الجوية الفرنسية" وسط العاصمة تونس نفذته عناصر من فروع "التجمع الدستوري الديموقراطي" الحاكم احتجاجاً على اقتحام عناصر "مراسلون بلا حدود" المكتب السياحي التونسي في بارسي. ولوحظ أن الحضور الأمني كان كثيفاً في محيط مكاتب "الخطوط الفرنسية" لمنع المتجمهرين من رشقها بالحجارة أو اقتحامها. ولم يبث التلفزيون تفاصيل عن طلبات المتجمعين، لكن لوحظ أن الوضع كان عادياً أمس في الشارع الذي توجد فيه المكاتب، التي ظلت مقفلة بسبب العطلة الاسبوعية مع استمرار وجود حراسة أمنية لم تكن ملحوظة أمام المكاتب في الماضي. وكانت محكمة باريسية أنهت أول من أمس الاعتصام الذي نفذته عناصر من جمعية "مراسلون بلا حدود" الفرنسية في مكتب السياحة التونسي في باريس بقرار أصدرته وقضى بإجلاء المعتصمين من المكتب وفي مقدمهم رئيس الجمعية روبير مينار. وكانت الجمعية تطالب باطلاق الصحافية سهام بن سدرين التي اعتقلت في مطار تونس الأربعاء بعد عودتها من الخارج تمهيداً لاستجوابها، الخميس المقبل، بتهمتي قذف السلطات القضائية ونشر أخبار غير صحيحة.