أثارت محاولة السلطة الفلسطينية اعتقال الناطق الرسمي باسم حركة "الجهاد الاسلامي" عبدالله الشامي موقفا فلسطينيا موحدا يعارض الاعتقال السياسي "تحت اي ظرف من الظروف". وفيما شدد المبعوث الاميركي عقب لقائه الرئيس ياسر عرفات على ان لا حل عسكريا للنزاع، توغل الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة وهدم 19 منزلا. وقتل فلسطيني وجرح آخران. أعلنت اسرائيل انهم حاولوا التسلل الى مستوطنة. حاولت السلطة الفلسطينية اعتقال الناطق باسم حركة "الجهاد الاسلامي" عبدالله الشامي بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، اذ هاتفه مسؤول في احد الاجهزة الامنية واستدعاه الى مقر الجهاز، وعندما أكد الشامي له انه سينفذ ذلك صباحا، حضرت قوة من الشرطة الى منزله في حي الشجاعية لكن تدخل عدد كبير من المواطنين حال دون اعتقاله. وقالت مصادر في الحركة ان الشامي توجه صباحا الى مقر الجهاز حيث جرى الاستفسار منه عن تصريحات كان أدلى بها خلال مهرجان اقيم في غزة قبل يومين، قبل ان يعود الى منزله. واعتبرت "الجهاد" المحاولة "أمراً مؤسفاً يحدث شرخاً في الشارع الفلسطيني". وفي اعقاب الزوبعة التي استمرت ساعات، راج كثير من الاشاعات عن اعتقال اجهزة السلطة ناشطين في الانتفاضة من "حركة المقاومة الاسلامية" حماس وحركة "فتح"، فيما اكد مصدر في "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" ان احد كوادرها استدعي في الليلة ذاتها وتم "تحذيره" من خرق وقف النار في مناطق السيادة الفلسطينية. وقال عضو اللجنة المركزية في الجبهة قيس عبدالكريم ل"الحياة" ان الاجراء جاء في اعقاب اعلان لجان المقاومة الشعبية التابعة للجبهة في غزة مسؤوليتها عن عملية في منطقة المغراقة. واضاف ان السلطة الفلسطينية اكدت "ضرورة التزام وقف النار في منطقة غزة وفي حال استمرار خرق وقف النار ستكون هناك اعتقالات". واعرب عن مخاوفه من ان تخلق اي محاولة لاعتقال ناشطين انعكاسات سلبية وتؤدي الى "ان تفتح السلطة الابواب على نفسها فتتصاعد الضغوط عليها من الاميركيين والاسرائيليين لتوسيع الاعتقالات وتنفيذ مطالب تحت عنوان خرق وقف النار". ونفت "حماس" على لسان الناطق باسمها الدكتور عبد العزيز الرنتيسي ان يكون جرى اعتقال اي من كوادر الحركة او اعضائها، مؤكدة "رفض الشعب الفلسطيني اعتقال من يقاوم الاحتلال". ومن ناحيته، قال امين سر حركة "فتح" في الضفة الغربية مروان البرغوثي ل"الحياة" ان القوى السياسية "ترفض اعتقال اي فلسطيني لمقاومته الاحتلال، ولن نسمح باعتقال اي شخص من اي فصيل او حركة كانت". وفي اجتماع عاجل عقد في رام الله في اعقاب احداث ليلة الجمعة، قررت القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية ارسال رسالة الى الرئيس ياسر عرفات تؤكد فيها رفض الاعتقالات وتطالبه بوقف تصرفات بعض الاجهزة الامنية. وقالت مصادر فلسطينية ل"الحياة" ان بعض القوى التي شاركت في الاجتماع دعا الى فعاليات جماهيرية لاستنكار سياسات الاعتقالات، لكن تم الاكتفاء باصدار بيان يدين هذه السياسة ويدعو الرئيس للتدخل لوقف اي محاولة اخرى. على رغم نفي القوى حصول اعتقالات في صفوفها، افاد مسؤول فلسطيني امس ان اجهزة الامن الفلسطينية اعتقلت اخيرا ناشطين لم يلتزموا قرار وقف النار وصادرت مدافع "هاون" في قطاع غزة. ولوح باعتقال اي شخص لم يلتزم قرار وقف النار ايا كان الفصيل الذى ينتمي اليه، مضيفا: "عقد صباحا اجتماع طارئ لمجلس الامن الفلسطيني في غزة حضره رؤساء الاجهزة الامنية الفلسطينية واتفق على اجراءات حاسمة على الارض تؤكد التزام السلطة التزاماتها لتثبيت وقف النار". ويرى مراقبون ان الوضع في قطاع غزة يشكل حساسية لدى السلطة الفلسطينية ازاء تعهداتها في "تفاهم تينيت" بسبب خصوصية الوضع في هذا الجزء من الاراضي الفلسطينية الذي لا يوجد فيه تقسيم واضح لمناطق أ، ب، ج كما هو الحال في الضفة الغربية. كما ان تنفيذ اي عملية ضد المستوطنات المزروعة في قلب القطاع يعني عمليا انطلاق منفذيها من الاراضي الواقعة تحت سيادة السلطة. لكن الفلسطينيين يرفضون هذا المنطق خصوصا انهم "لا يحتاجون حتى الى استحضار ذاكرتهم للاشارة الى الخروق من الجانب الاسرائيلي لهذا التفاهم". ففيما جرت محاولة اعتقال الشامي، كانت الدبابات الاسرائيلية تقتحم مناطق السلطة قرب رفح على الحدود المصرية وتدمر بيوت الفلسطينيين. وافادت مصادر امنية فلسطينية وشهود ان الجيش الاسرائيلي توغل فجرا نحو مئتي متر في منطقة البراهمة في رفح والمغراقة قرب مستوطنة نتساريم. وهدمت جرافتان تحت حماية اربع دبابات 17 منزلا في البراهمة من دون سابق انذار ما ادى الى تشريد 19 عائلة. كما هدم منزلان في المغراقة بالطريقة نفسها. وكان الجنود الاسرائيليون حاولوا اكثر من مرة هدم هذه المنازل القريبة من الحدود بحجة اطلاق النار عليهم من المنطقة ومن اجل خلق منطقة امنية عازلة. واعتبرت السلطة الاجراءات "تصعيدا وخرقا خطيرا لوقف اطلاق النار". وقتل فلسطيني فجر امس برصاص الجيش واصيب اخران بجروح شرق مخيم المغازي وسط قطاع غزة. وقال مسؤول امني فلسطيني ان الجيش أخذ الجثة واعتقل الجريحين، مشيرا الى ان الجانب الاسرائيلي "ادعى انهم كانوا يحملون اسلحة وطلبنا منهم اثبات هذا الادعاء". وذكر مسؤولون من "حماس" ان القتيل يدعى محمد سوادان وكان في مهمة لقتل اسرائيليين. بيرنز في غضون ذلك، واصل المبعوث الاميركي وليام بيرنز الاعداد لزيارة وزير الخارجية الاميركي كولن باول للمنطقة. واجرى محادثات مع عرفات في رام الله اكد في ختامها التزام بلاده مواصلة مساعيها لاعادة الهدوء الى المنطقة. وصرح بانه اكد "انه لا يوجد حل عسكري للنزاع وان العملية السلمية فقط هي التي ستعيد الامن للاسرائيليين والحياة الطبيعية للفلسطينيين الذين يعيشون ظروفا صعبة". وقال مصدر فلسطيني ل"الحياة" ان بيرنز، رغم مهمته ذات الطابع السياسي، ركز في محادثاته على الوضع الامني، مطالبا الفلسطينيين بالقيام بالمزيد، وان الفلسطينيين ركزوا على ضرورة الشروع في الخطوات التالية الواردة في توصيات لجنة "ميتشل" خصوصا تلك المتعلقة بتجميد الاستيطان.