قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باول زيارة من نوعها الى بلغراد وبريشتينا، ورأى ان على المجموعة الدولية ان تبذل ما في وسعها لانهاء "خطر التطرف القومي والديني في كوسوفو الذي يتهدد منطقة البلقان". أنهى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس زيارة الى بلغراد التي كان وصلها مساء أول من أمس، بدعوة من الرئيس اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا، برفقة وزيري الخارجية والدفاع الروسيين إيغور ايفانوف وسيرغي ايفانوف. وهذه الزيارة الأولى من نوعها لرئيس روسي منذ تفكك الاتحاد السوفياتي. وكان الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف آخر سيد للكرملين يزور يوغوسلافيا. واستهدفت زيارة بوتين اعادة الحضور الروسي في منطقة البلقان الذي تراجع كثيراً خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً بعدما أحجمت موسكو عن تقديم مساعدة فعلية لبلغراد أثناء غارات حلف شمال الأطلسي على يوغوسلافيا عام 1999. والتقى بوتين خلال الزيارة مع كل من كوشتونيتسا ورئيس الحكومة الصربية زوران جينجيتش وكبار المسؤولين في الحكومتين الاتحادية اليوغوسلافية والمحلية الصربية. وخلال مؤتمر صحافي عقده بوتين وكوشتونيتسا، بعد انتهاء الجولتين من المحادثات بينهما في القصر الرئاسي في بلغراد، أوضحا الأمور التي تناولاها في البحث وتركزت على العلاقات الاقتصادية وخصوصاً الأمور التجارية وتوفير روسيا احتياجات يوغوسلافيا من النفط والغاز الطبيعي، اضافة الى تعاون الشركات الانشائية للبلدين في أعمال مشتركة دولياً. وأشار بوتين أيضاً الى أن المشكلات الآنية في كوسوفو وجنوب صربيا والعلاقة الاتحادية بين صربيا والجبل الأسود اضافة الى الوضع في مقدونيا، أخذت حيزاً مهماً من المحادثات. وأكد بوتين انه متفق مع كوشتونيتسا في الرأي بشأن ان "أزمة مقدونيا وغيرها من المشكلات الرئيسية في المنطقة أصبحت كلها تنطلق من اقليم كوسوفو الذي صار مصدر عدم استقرار لدول البلقان، وانه ينبغي انهاء أعمال الارهابيين الالبان وتجريدهم من سلاحهم، مهما كان ذلك صعباً". وأضاف ان التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 1244 الخاص بكوسوفو وعقد مؤتمر دولي لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة البلقان وتثبيت الحدود القائمة بين دولها وحماية الأقليات الموجودة فيها "كفيل بإعادة الأوضاع الطبيعية الى المنطقة". وينص القرار 1244 على اقامة حكم ذاتي واسع في كوسوفو والحفاظ على السيادة اليوغوسلافية على الاقليم الذي تعيش فيه غالبية من الالبان وتديره الاممالمتحدة منذ حزيران يونيو 1999. ووصف بوتين الأزمة في مقدونيا بأنها "أدت الى تألم شديد واهتمام كبير من المجتمع الدولي". وذكر ان جانباً من محادثاته مع الرئيس الأميركي جورج بوش في العاصمة السلوفينية ليوبليانا، تركز حول يوغوسلافيا، حيث اتفقا على ان تكون هذه الدولة حرة وديموقراطية و"توفير المجال لها لحل مشكلاتها الخاصة وعودتها الى الأوضاع الطبيعية من دون تدخل خارجي". وتزامنت زيارة بوتين الى بلغراد مع قيام أكثر من 10 آلاف شخص من المؤيدين للرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش بتظاهرة في وسط المدينة مطالبين بالافراج عن الرئيس السابق. وحذروا الحكومة اليوغوسلافية من القيام بأي خطوة تؤدي الى تسليمه الى محكمة جرائم الحرب في لاهاي. ومعلوم ان ميلوشيفيتش معتقل حالياً في السجن المركزي في بلغراد منذ نيسان ابريل الماضي بتهم الفساد المالي واستغلال منصبه أثناء وجوده في السلطة مدة 10 سنوات لتحقيق مكاسب شخصية. وتوجه قسم من المتظاهرين نحو مبنى السجن المركزي وأعربوا في هتافاتهم عن تضامنهم مع ميلوشيفيتش. وتردد في أوساط المؤيدين لميلوشيفيتش ان التظاهرة توخت تذكير الرئيس بوتين بالوعد الذي كان أعطاه وزير خارجيته ايغور ايفانوف أثناء توسطه في حل مشكلة تخلي ميلوشيفيتش عن السلطة في تشرين الأول اكتوبر الماضي بقضايا عدة حول سلامته الشخصية وتوفير الاحترام اللازم له كرئيس سابق، ومن ذلك، عدم تسليمه الى محكمة لاهاي. وبعد انتهاء زيارة بوتين الى بلغراد توجه أمس الى مطار بريشتينا عاصمة كوسوفو، حيث تفقد الوحدات الروسية التي تتولى الاشراف على الأمور الأرضية في المطار ضمن قوات حفظ السلام الدولية، كما التقى رئيس الادارة المدنية الدولية في الاقليم هانس هاكيروب ومسؤولين في القوات الدولية كفور. وأشار مراقبون الى ان بوتين لم ينتقل الى مدينة بريشتينا وذلك لدواع أمنية، خصوصاً أن السكان الألبان أكدوا دائماً عدم ارتياحهم من موقف الوحدات الروسية في كوسوفو تجاههم.