بدا أن الوساطتين الروسية واليونانية لحل الأزمة الناجمة عن الانتخابات في يوغوسلافيا، فشلتا قبل انطلاقهما، وذلك نتيجة تمسك الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش برفضه إعادة النظر في عملية فرز الأصوات وإصرار مرشح المعارضة فويسلاف كوشتونيتسا في المقابل، على اعتبار نفسه فائزاً في الانتخابات . وأفيد أن الموقف غير المتعاون لميلوشيفيتش ادى الى إلغاء زيارة كان سيقوم بها وزير الخارجية الروسي الى بلغراد، فيما صدر بيان عن الحكومة الألمانية مفاده ان برلين وموسكو متفقتان على أن كوشتونيتسا هو الفائز في الانتخابات الرئاسية. ووصل الى بلغراد أمس، المبعوث الروسي الخاص الى البلقان فلاديمير تشيزوف يرافقه الديبلوماسي الكسندر تولكاتش وأجريت محادثات مع مسؤولين في نظام الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش وقادة المعارضة. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعرب عن استعداده للقيام بدور نشط لإنهاء المواجهة بين الرئيس اليوغوسلافي ومرشح المعارضة فويسلاف كوشتونيتسا وإرسال وزير خارجيته ايغور ايفانوف الى بلغراد للمساهمة في نزع فتيل الأزمة، إلا أن موقف ميلوشيفيتش غير المتعاون مع الوساطة الروسية، لم يشجعه على ذلك، فاستعاض عن ايفانوف بديبلوماسيين من وزارة الخارجية. وجاء ذلك في وقت أفاد بيان نشرته الحكومة الألمانية أمس أن الرئيس الروسي اتفق مع المستشار الألماني غيرهارد شرويدر على الاعتراف ب"فوز كوشتونيتسا في الانتخابات الرئاسية في يوغوسلافيا والذي يعكس بشكل كامل رغبة الشعب الصربي في حصول تغيير ديموقراطي في يوغوسلافيا". وأضاف البيان أن بوتين اتصل بشرويدر وبحث معه "تطورات الوضع في يوغوسلافيا" واتخذا موقفاً واحداً من هذه القضية. وتحدث الرئيس الأميركي بيل كلينتون هاتفياً لمدة 35 دقيقة مع الرئيس الروسي، وأبلغه ضرورة احترام رغبة الشعب الصربي، وقال البيت الأبيض إن بوتين اتفق مع وجهة نظر الرئيس الأميركي. ودعا مقرر الأممالمتحدة لحقوق الإنسان في البلقان جيري دينستبيير الى فرز جديد للأصوات في الانتخابات الرئاسية اليوغوسلافية تحت إشراف دولي لوضع حد للأزمة. وأوضح المسؤول الدولي الموجود في بلغراد ان "الحقيقة يجب أن تنتصر. ومن أجل ذلك، على الطرفين الموافقة على اقتراح من دول صديقة بإجراء فرز جديد للأصوات". وفي الوقت نفسه، قال كوشتونيتسا بعد لقائه مع دينستبيير ان "الحقيقة لا يمكن ان تظهر إلا بإعادة فرز الأصوات من قبل بعثة صديقة اجنبية تقبلها الحكومة والمعارضة". واقترح ان تكون البعثة يونانية. لكن المراقبين استبعدوا قبول الحكومة هذا الاقتراح لأنه يعني عدم صدقية اللجنة الانتخابية التي شكلتها، خصوصاً أن ميلوشيفيتش انتقد في خطاب له أمام قادة الجيش اليوغوسلافي المعارضة "التي تحاول فتح البلاد أمام تدخل القوى الأجنبية وخصوصاً الحلف الأطلسي". وأكد كوشتونيتسا أنه فاز في الانتخابات الرئاسية في مواجهة ميلوشيفيتش في الدورة الأولى التي جرت في 14 أيلول سبتمبر الماضي، في حين أن اللجنة الانتخابية الاتحادية دعت الى دورة ثانية الأحد المقبل للفصل بين المرشحين. وشهدت مختلف المدن الصربية تظاهرات حاشدة أمس، ضم كل منها عشرات الآلاف من الأشخاص ورددت الأهداف نفسها المطالبة بتخلي ميلوشيفيتش عن السلطة. وأشار قادة المعارضة الى أن حملة العصيان المدني الواسع والاضراب الوطني الشامل ستبدأ في الخامسة من صباح اليوم بالتوقيت المحلي إذا لم يتم التوصل الى حل لأزمة الانتخابات، وأعربوا عن استعداد هم للاستمرار في الحملة الى حين اعتراف ميلوشيفيتش بالنتائج الحقيقية لانتخابات الرئاسة الأخيرة. وأكدت المعارضة أنها ستشدد الضغط على ميلوشيفيتش.