اشتدت ضغوط المعارضة الصربية على الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش لحمله على الاعتراف بهزيمته في الانتخابات الرئاسية، مع تصاعد حملة العصيان المدني وانقطاع التيارالكهربائي عن مزيد من المناطق في صربيا، فيما لجأت المعارضة الى المحكمة الدستورية للحصول على إقرار بفوز مرشحها فويسلاف كوشتونيتسا في الجولة الانتخابية الأولى التي جرت في 24 أيلول سبتمبر الماضي. وأفاد الخبير القانوني للمعارضة الديموقراطية اليوغوسلافية نيبويشا باكاريتش، أنه قدم شكوى الى المحكمة الدستورية لحسم "التزوير الذي حصل في الانتخابات الرئاسية، باعتبار المحكمة أعلى هيئة قضائية يمكن للمعارضة اللجوء إليها". لكنه اعتبر أن من "غير المحتمل" صدور رد إيجابي من هذه المحكمة أيضاً على الشكوى. وأوضح، أن المحاكم في يوغوسلافيا، كان "رتبها ميلوشيفيتش خلال سنوات حكمه الطويلة بما يناسبه". وكانت المعارضة اتبعت التسلسل القانوني في اعتراضها، إذ تقدمت أولاً الى اللجنة الانتخابية ومن ثم الى المحكمة العليا اليوغوسلافية، وبعد رفض كليهما الشكوى، انتقلت الى المحكمة الدستورية كمرحلة اخيرة، ويتوقع أن يصدر حكمها اليوم الخميس، وتتخذ في ضوئه المعارضة قرارها سواء بالمشاركة في الجولة الانتخابية الثانية الحاسمة الأحد المقبل أم لا. ويرجح المراقبون أن يكون قرار المعارضة المشاركة في الجولة الثانية، باعتبار أن كل التوقعات تشير الى أن نصرها سيكون مؤكداً. ومن جانبه، دعا مقرر الأممالمتحدة لحقوق الإنسان في منطقة البلقان جيري دينستبيير في تصريح صحافي، الى إعادة فرز أصوات الناخبين للرئاسة بإشراف دولي، موضحاً أن لديه معلومات ثقة بأن نحو 5،1 في المئة من الأوراق التي وجدت في صناديق الاقتراع، أكثر من عدد الذين أدلوا بأصواتهم". وأشار الى أنه، إذا كانت القضية خالية من التزوير، كما تذكر الحكومة "فلماذا تخشى تدقيق أوراق الانتخابات". واتصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بكل من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان والرئيسين الفرنسي جاك شيراك والأميركي بيل كلينتون ورئيس الوزراء الإيطالي جوليانو أماتو وبحث معهم الوضع الراهن في يوغوسلافيا. ووصف وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف مبادرة الرئيس بوتين بدعوة كل من ميلوشيفيتش وكوشتونيتسا الى موسكو بأنها "دعوة الى الحوار"، مشيراً الى أن موسكو ترفض تشبث الطرفين الحكومي والمعارض بموقفهما "إصرار المعارضة على الفوز وتعنت ميلوشيفيتش في رأيه". وأشار المسؤول الروسي سيرغي بريخوتشكو الى أن الكرملين على اتصال مباشر مع كوشتونيتسا، أما الاتصال مع السلطات اليوغوسلافية فإنه يتم عبر السفارات في موسكو وبلغراد. وفي واشنطن، قال ناطق اميركي، إن الولاياتالمتحدة تتوقع من روسيا أن تسلم ميلوشيفيتش الى المحكمة الدولية لجرائم الحرب "إذا ذهب لزيارة موسكو". وفي العاصمة المقدونية سكوبيا، نقلت صحيفة "دنيفنيك" عن وزير خارجية اليونان جورج باباندريو، أنه يريد أن ينهي المشكلة اليوغوسلافية "لكن حكومة بلغراد تعرقل جهوده". وأشار الى أنه منذ أيام كان يريد الذهاب الى بلغراد "لكنه لم يجد ما يشجعه على ذلك". وانتقد باباندريو الموقف الأميركي المتشدد جداً تجاه ميلوشيفيتش، وأشار الى أن تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية مادلين اولبرايت التي تتسم بالتهديد في الأزمة اليوغوسلافية "ألحقت ضرراً بالمعارضة لدى المواطنين الصرب". وفي بلغراد، أعلن مرشح المعارضة كوشتونيتسا أنه لن يسلم ميلوشيفيتش الى محكمة لاهاي، وقال في مقابلة مع صحيفة "كوميرسانت" الروسية "لن أقوم بذلك لأن المحكمة هي مؤسسة سياسية وليست قضائية". ورداً على الاتهامات التي وجهها ميلوشيفيتش الى المعارضة في خطابه الأخير، قال كوشتونيتسا "إنه هو أكبر من خدم حلف شمال الأطلسي، إذ وضع جزءاً من هذا البلد تحت سيطرته، فهو الذي اتفق مع الأطلسي بانتشار 50 ألفاً من جنوده في كوسوفو، ولسنا نحن الذين فعلوا ذلك". وقال كوشتونيتسا "إن صربيا عندما تصبح من دون حكم ميلوشيفيتش، ستعود الى حقيقتها الصافية". وأضاف "إن للغرب مصلحة في أن يدير الدول الشيوعية السابقة قادة متسلطون في الداخل ويمكن توجيههم من الخارج". وأضاف "إن الغرب، وحين كان له مصلحة في ذلك قدم ميلوشيفيتش كما وكأنه عامل سلام واستقرار في البلقان" عند توقيع اتفاقات دايتون نهاية عام 1995. وتابع "لكنه لم يعد كذلك حين أبدى معارضته لخطة الغرب المتعلقة بكوسوفو وصربيا". واعتبر كوشتونيتسا أن الرئيس ميلوشيفيتش دين "بسبب القرار الوحيد الصائب الذي اتخذه" حين رفض قبول خطة التسوية التي اقترحت في رامبوييه فرنسا في شباط فبراير 1999 والتي نصت على منح اقليم كوسوفو حكماً ذاتياً.