"ليس كل ما يتمناه المرء يدركه"... هذه حقيقة رأيتها ماثلة أمام عيني بعد الذي تعرضت له في رالي قبرص الدولي... لقد كنت أتمنى أشياء كثيرة. كنت أتمنى أن يتخلى عني الحظ السيئ، وأن أكمل الرالي حتى خط النهاية، وأن أحقق نتيجة جيدة، وان افوز طبعاً. ولأن التمنيات يجب أن يصاحبها جهد وعرق وعزيمة وإصرار، فقد كانت الاستعدادات لرالي قبرص على مستوى الحدث من جميع النواحي المعنوية والنفسية والتدريبية والفنية، وتجلى ذلك بما خضناه من تدريبات وتجارب ومشاركات كان آخرها في رالي "تيري دي أوفيرين" في فرنسا وحققنا فيه فوزاً ثميناً شهد له أصحاب الأرض... حتى التدريبات النهائية التي سبقت رالي قبرص الأخير كانت تعكس إصرارنا على تحقيق طموحاتنا وآمالنا. ومن المحزن أن كل ما تمنيناه ضاع أدراج الرياح، ووقفت أمامنا كل الظروف بالمرصاد، ولم نكمل حتى مرحلة واحدة لأن الرياح لم تأت بما تشتهيه سفننا وحدث ما لم يتوقعه أحد واحترقت السيارة تماماً. لقد كانت مفارقة غريبة أن نخرج من رالي قبرص بعد ستة كيلومترات من بدايته في حين كان خروجنا من رالي السويد في فبراير الماضي قبل بضعة كيلومترات من خط النهاية، والسبب في الحالين أعطالاً ميكانيكية خارجة تماماً عن إرادتنا... إن سير الأمور على نحو أفضل كان كفيلاً بتغيير معطيات المسابقة بأسرها. قد يبدو غريباً إذا قلت أنني كنت أتمنى أن يكون خروجي من رالي قبرص بسبب خطأ شخصي من السائق أو حتى من الملاح لكن ما حدث شيء يصعب وصفه، تماماً مثل اللحظات العصيبة التي عشناها ونحن نرى السيارة تحترق أمام أعيننا وتحترق معها أحلامنا وطموحاتنا الكبيرة. عموماً، الشدائد تصنع الرجال الأقوياء ونحن بكل عزيمة وإصرار سنواصل المسيرة ابتداء من اليوم حتى ولو كان الفوز بلقب مسابقة كأس الفرق الخاصة هذا الموسم أصبح أبعد مما كان. صحيح أن رالي اليونان صعب لكن الحدث يبعث في الخيال ذكريات طيبة في مجمل مشاركاتي الثلاث السابقة حيث كانت المشاركة الأولى في عام 1998، حين حققت فيها المركز الثاني ضمن ترتيب سيارات المجموعة "ن" التي فزت بلقبها في الرالي ذاته في العام التالي، وشاركنا العام الماضي على متن سيارة "سوبارو إيمبريزا WRC" ضمن المجموعة "أ" وحققنا أوقاتاً جيدة في المراحل الخاصة قبل ان تتعرض السيارة لأعطال ميكانيكية حالت دون اكمال السباق. وفي النهاية لا يسعني إلا التأكيد مرة ثانية أننا سندخل رالي اليونان بكل عزيمة وإصرار ليس لمقارعة منافسينا وحسب، بل للتغلب على الحظ السيئ الذي حالفنا في قبرص... فهل تأتي الرياح بما تشتهي سفننا هذه المرة ؟ الله الموفق في كل الأحوال.