كان يفترض بجلسة "الأسئلة الى الحكومة" التي يستفسر خلالها النواب الفرنسيون عن النشاطات الحكومية المختلفة، ان تكون عادية على غرار مثيلاتها من الجلسات التي تعقد كل أربعاء، لولا خروج رئيس الحكومة الفرنسية ليونيل جوسبان عن صوابه، تحت وطأة الحملة المستمرة في فرنسا حول ماضيه "التروتسكي". وبمجرد طرح النائب هيرفي موران من حزب "الاتحاد من أجل الديموقراطية" اليمين، سؤالاً حول ماضي جوسبان، وقف الاخير ليفاجئ النواب الفرنسيين بضربة انتقامية وجهها الى شيراك، بقوله ان التأخر في الكشف عن انتمائه السابق "للمنظمة الشيوعية الدولية" التروتسكية "أقل خطورة من التأخر في الإجابة على أسئلة القضاء" بشأن فضائح الفساد. وفجر جوسبان ازمة بينه وبين شيراك، باتهامه مباشرة وللمرة الأولى، بالتهرب من توضيح دوره في عمليات التمويل غير المشروع لحزب "التجمع من اجل الجمهورية" اليمين الديغولي، خلال فترة توليه لرئاسة بلدية باريس. وسرعان ما بلغ الصخب الذي أثارته أقوال جوسبان في قاعة البرلمان الفرنسي، قصر الإليزيه الذي بادر بدوره، ونظر لكون الزمن زمن انتخابات، الى إصدار رد فوري، شكل غاية في التعالي على المستوى الذي بلغه رئيس الحكومة. فأعرب البيان الصادر عن الإليزيه عن "استغراب رئيس الجمهورية الشديد" للكلام الصادر عن جوسبان امام البرلمان و"أثناء وجود الرئيس في بروكسل للدفاع عن مصالح فرنسا لدى حلفائها في مجلس حلف الأطلسي" وعشية مشاركته ورئيس الحكومة في اجتماع المجلس الأوروبي في يوتبوري السويد. وأكد البيان حرص شيراك على ضرورة عدم السقوط في "حروب كلامية وتغليب روح المسؤولية في الظروف كافة". واتسم البيان الرئاسي بدرجة من المهارة، جعلت شيراك يبدو في مظهر الهادئ المتماسك الحريص على تحمل مسؤولياته كرجل دولة ورئيس للجمهورية، وإظهار جوسبان في صورة الشخص الفاقد السيطرة على مشاعره. وقالت أوساط إعلامية فرنسية ان جوسبان ضاق ذرعاً بالحملة حول ماضيه السياسي التي استمرت على رغم إقراره علناً بأنه انتمى في فترة من الفترات الى المنظمة الشيوعية، والتي يعتقد ان منظميها هم مجموعة من المقربين من شيراك.