يشكل انعقاد القمة الفرنكوفونية في الخريف المقبل في بيروت، مناسبة لتعريف الرأي العام الفرنسي بالإنتاج الثقافي اللبناني المعاصر. وفي هذا الإطار ينظم مركز "والوني - بروكسيل" في مقره الباريسي، تظاهرة يشارك فيها نحو 50 من الفنانين والكتاب والممثلين والمثقفين اللبنانيين، يفتتحها الوزير الفرنسي المفوض للتعاون الدولي شارل جوسلان ووزير الثقافة اللبناني غسان سلامة. وتستمر التظاهرة، التي تندرج ضمن سلسلة المهرجانات الفرنكوفونية المختلطة، من 12 الى 23 حزيران يونيو الجاري، تحت عنوان "الاستثناء اللبناني". ويذكر هذا العنوان بتعبير محبب لدى الفرنسيين هو "الاستثناء الفرنسي" الذي غالباً ما يرفعونه، دفاعاً عن تمايزهم الثقافي والاجتماعي، لكنه يثير بعض النقد والتحفظ من جانب عدد من المشاركين في التظاهرة اللبنانية. من أول المتحفظين، المخرجة المسرحية اللبنانية نضال الأشقر التي تشارك في التظاهرة بأمسية شعرية غنائية موسيقية. وتساءلت الأشقر في تصريح ل"الحياة"، ما معنى "الاستثناء اللبناني"؟ هل هو استثناء لأننا في لبنان حققنا نوعاً من التداخلات الثقافية والامتزاجات الاجتماعية؟ وقالت إنه لو أن اللبنانيين نجحوا في تجاوز توزعهم على 17 طائفة وتحولوا شعباً علمانياً، لكانوا بالفعل شكلوا "استثناء". اضافت، هل ان المقصود "بالاستثناء اللبناني" التعددية والعيش المشترك، إلى ما هناك من "تعابير مريضة" اختُرعت على مدى الحرب اللبنانية؟ وهل المقصود "أننا بلد ديموقراطي؟". فنحن لسنا ديموقراطيين ولكن شكلنا ديموقراطي فقط". ورأت أن "الاستثناء" كان يمكن ان يكون صائباً "لو اننا ديموقراطيون بالفعل". وقالت الأشقر انها تشارك في التظاهرة على رغم تحفظها على عنوانها، لأن الفرنكوفونية تحمل في طياتها بعداً إنسانياً، فجرته الثورة الفرنسية وما انبثق عنها من حقوق انسان وحريات عامة. وبخلاف الأشقر، هناك عدد من المشاركين في التظاهرة الذين يعتبرون ان في لبنان اجواء فكرية وثقافية تجعله مميزاً عن محيطه، وتعدد بالتالي الحديث عن "الاستثناء اللبناني". ومن هؤلاء الكاتب الكسندر نجار مستشار وزير الثقافة اللبناني الذي اعتبر ان عنوان التظاهرة جيد وأنه يبرز تميز لبنان بالنسبة الى الدول العربية الأخرى ويعبر عن تميز الثقافة اللبنانية لناحية جودتها. ورأى أنه على رغم ما يقال عن الحريات في لبنان، فلا شك في انه البلد الوحيد الذي لم يحظر فيه اي كتاب منذ عشر سنوات، وهناك اعمال مسرحية جريئة تحظى أيضاً بحرية كاملة، وقد حصلت بعض الأمور في ما يخص اعمالاً سينمائية وغنائية وغيرها، ولكن الإنتاج الفني عموماً لا يواجه اي عقبات أو قيود. وقال إن هذا لا يعني ان في لبنان اجواء حرية مثالية، ولكن ضمن محيطه، فإنه يشكل حالاً استثنائية، وهو منفتح على كل الثقافات انطلاقاً من موقعه وتاريخه. وفي ظل هذا التباين، تتوزع التظاهرة على نشاطات عدة، منها معرض للوحات مجموعة من الرسامين اللبنانيين ومعرض آخر للصور الفوتوغرافية، وأمسيات موسيقية وشعرية ومسرحية وسينمائية. كما تتخلل التظاهرات نقاشات حول موائد مستديرة تتناول مواضيع عدة، في مقدمها، الاستثناء اللبناني في العالم العربي والتيار الإبداعي الجديد في لبنان ومكانة اللغة الفرنسية في الإنتاج الأدبي اللبناني ومكانة الأدب اللبناني في فرنسا.