اقترحت فرنسا "تعويض" الدول المتضررة المجاورة للعراق "خسائرها الاقتصادية"، الناتجة من تنفيذ قرار جديد لمجلس الأمن، من خلال "ترتيبات" تقضي بتخصيص أموال من عائدات النفط العراقي لهذه الغاية. كما اقترحت السماح لكل من هذه الدول استيراد كمية من النفط العراقي لا تفوق 200 ألف برميل يومياً على ان تزود الأمين العام للامم المتحدة المعلومات اللازمة "لضمان الشفافية". وتضمنت الاقتراحات الفرنسية ان يسعى الأمين العام الى تعاون الدول المجاورة في الاتفاق على اجراءات مراقبة الصادرات العراقية براً، وان تخصص اموال لمراقبة الحدود من الحساب المعلق لبغداد. وجاءت الاقتراحات هذه في ما تسميه الديبلوماسية الفرنسية "اللامشروع قرار" الذي قدمته لسد الفجوة بين الموقف الاميركي - البريطاني والموقف الروسي الذي تدعمه الصين. وانطلقت باريس في "اللامشروع" من الموافقة على مبدأ تخفيف العقوبات المدنية مع تقنين العائدات النفطية في الحساب المعلق لضمان سيطرة الاممالمتحدة على الاموال. لكنها تقترح تأخير البت شهراً الى حين استكمال المفاوضات على ما يسمى "قائمة السلع الخاضعة للسيطرة" التي تشمل المواد ذات الاستخدام المزدوج لغايات مدنية وعسكرية. ومعروف ان واشنطنولندن ترغبان ان يصدر مجلس الأمن قراره الجديد بنهاية هذا الاسبوع، في حين لا تريد موسكو وبكين الاستعجال وتفضلان تمديد برنامج "النفط للغذاء" للمرحلة العاشرة قبل 4 حزيران يونيو المقبل، ثم العمل على مشروع القرار الجديد شرط الاتفاق أولاً على قائمة سلع الاستخدام المزدوج. ويدعو "اللامشروع" الفرنسي الى الافراج عن العقود المعلقة، وقيمتها حوالى 3 بلايين دولار، فور تبني القرار الجديد. وينص على السماح لحكومتي الأردن وتونس بإعادة الطائرات العراقية المدنية الى بغداد. فيما تضمن مشروع القرار البريطاني فكرة بيع هذه الطائرات ووضع العائدات في الحساب المعلق. ويقترح "اللامشروع" الفرنسي خفض نسبة الاموال المقتطعة لحساب التعويضات الى 20 في المئة، مع ترك النافذة مفتوحة للابقاء على نسبة ال25 في المئة الحالية. اما المشروع البريطاني فيلمح الى إعادة النسبة الى 30 في المئة في الوقت الذي فسح المجال للإبقاء على نسبة ال25 في المئة الحالية. واتفق المشروعان على السماح للعراق بتسديد استحقاقات ديونه للامم المتحدة والمساهمة سنوياً بالتزاماته للمنظمة الدولية مما يسمح له باستعادة حق التصويت والمساهمة في الجمعية العامة ولجانها. لكن المشروعين اختلفا على حجم الصلاحية الموكلة للامانة العامة في مقابل تلك الممنوحة للجنة العقوبات المؤلفة من أعضاء مجلس الأمن. وتقدمت باريس بقائمة اجراءات أرفقتها ب"اللامشروع" تضمنت تفاصيل مسؤوليات الأمانة العامة، وفي حين اقرت لندنوواشنطن بمبدأ الطيران المدني من العراق واليه، فإنهما شددتا على تحديد مواقع لهذه الرحلات، وعلى وجود مراقبين دوليين لتفتيش الطائرات في هذه المواقع. أما فرنسا فتقترح "ابلاغ" الدول الأمين العام "في اطار وقت ملائم" برحلات الطائرات المدنية واتخاذها "الاجراءات الضرورية" لضمان تفتيشها "من جانب السلطات الوطنية بمساعدة من الأمين العام" للتحقق من حمولتها. ووجد "اللامشروع" الفرنسي تحفظاً من الدول الأربع الأخرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن. وتعمدت الديبلوماسية الفرنسية عدم تقديم المشروع رسمياً امام مجلس الأمن، واعتبرت انه يدخل في خانة التعديلات أكثر مما هو مشروع قرار بديل من المشروعين البريطاني والروسي. ولفت الانتباه في "اللامشروع" ان الفقرات التمهيدية منه شددت على ان القرار الجديد هو مجرد "اجراء موقت" هدفه تلبية الحاجات الانسانية للشعب العراقي "الى حين تنفيذ الحكومة العراقية القرارات ذات الصلة، خصوصاً القرار 687 الذي وضع شروط رفع العقوبات والقرار 1284 الذي وضع شروط تعليق العقوبات ثم رفعها". كما ذكرت فقرة تمهيدية أخرى تصميم مجلس الأمن على ضمان التنفيذ التام للاجراءات الهادفة الى "تعزيز الأمن الاقليمي عبر تعاون جميع الدول المعنية خصوصاً تلك المجاورة للعراق"، وتصميمه على اجراء المشاورات باستمرار والعمل بتنسيق معها. وعاد سفراء الدول الخمس الى الاجتماع في نيويورك للبحث في قائمة سلع الاستخدام المزدوج والأفكار الواردة في المشاريع الثلاثة، وواصل وزراء خارجية الولاياتالمتحدة وبريطانيا وروسيا وفرنسا اجتماعاتهم في بودابست امس للبحث في الملف العراقي. وذكرت مصادر مطلعة ان الوزراء الأربعة اتفقوا على مبدأ التفاهم، لكن تفسير التفاهمات بقي رهن المفاوضات في نيويورك. واستمر الاختلاف على تفسير التفاهمات كما على تقويم ما حدث في بودابست، فيما انحسرت امكانات اتفاق اعضاء المجلس على مشروع قرار جديد وقائمة السلع ذات الاستخدام المزدوج قبل نهاية الاسبوع، مع انها بقيت واردة. ولم يستبعد تمديد مرحلي لبرنامج "النفط للغذاء" لفترة اسابيع وليس لستة اشهر، كما جرت العادة، ليتسنى الوقت للاتفاق على مشروع القرار الجديد.