بدا واضحاً لمن دخل معرض "كومكس 2001" في عمان، أن الثورة التكنولوجية تواصل غزوها مختلف أجناس البشر، وأن جهاز الكومبيوتر لم يعد عامل ترف في الفيللات الكبيرة والمنازل الضخمة. ولم تعد الإنترنت من اشياء القادرين فقط. بل شمل "الغزو" حتى القرى النائية القابعة بين جبال شاهقة، فباتت متصلة بالعالم، وتعرف "الياهو" و"هوت ميل"، ويغازل شبابها عبر "غرف الثرثرة"، وتقرأ صحف العالم. زحام على الخدمات وتلاشى الزحام مع انفلاش المعرض على مساحة 1800 متر مربع، لاستيعاب شركات بلغ عددها 150. وبدت الطوابير الواقفة امام جناح "شركة عمان للاتصالات" الأكبر حجماً، لأسباب معروفة، إذ أعلنت تسهيلات وحسومات تصل إلى خمسين في المئة على خدماتها. وكذلك قدمت خدمات اخرى مجانية كالاشتراك في الانترنت وتركيب الهواتف النقالة والثابتة. واشار احد موظفي الشركة إلى "أننا نتلقى كل يوم مئات الطلبات، ولا صورة واضحة حتى الآن". وأوضح ان خدمة الانترنت لقيت إقبالاً فاق التوقعات، خصوصاً ان الخفوضات الأخيرة على الاشتراكات اعطت فرصة كبيرة للراغبين في هذه الخدمة، إذ ألغي نظام الساعات المحددة التي كان المشترك يدفع ثمنها، سواء أفاد منها ام لا، لمصلحة نظام آخر يتطلب اشتراكاً ثابتاً بسيطاً، قيمته ريالان، أي ما يقارب خمسة دولارات. وتحسب الساعة ب180 بيسة الريال يساوي الف بيسة. هذه الخدمات وغيرها هي ما يميز معارض "كومكس" التي باتت حدثاً سنوياً. فالراغب في هاتف نقال يجد عشرات الخيارات من الأجهزة أمامه، وعلى بعد خطوات يمكنه تقديم طلب الاشتراك والحصول على الخدمة مباشرة. ويضاف الى ذلك ادخال نظام البطاقة الذكية او المدفوعة الأجر، وهي نظام "حياك" للهاتف النقال، و"جبرين" للهاتف المنزلي. واتاحت اجنحة الشركات فرصة لتبادل الصفقات وعقدها بين رجال الأعمال، ومكّن ذلك الشركات المحلية والعاملة في مجال الكومبيوتر والأجهزة التكنولوجية من الاطلاع على أسعار المنتوجات من الشركات الُمصنّعة أو وكلائها الاقليميين. وقدمت شركات "سيمنز" و"شارب" وغيرهما، أجيالاً جديدة من منتوجاتها المتمثلة في الطابعات وأجهزة الفاكس والكومبيوتر والسلع ذات الصلة مع عالم الاتصالات. واشتدَّ التزاحم في جناح شركة "الاتصالات العمانية"، فيما بقيت الأجنحة الأخرى ديكوراً جميلاً. والتقت "الحياة" أحد العارضين في شركة "اتصالات الإمارات" الذي اكد ان مشاركة بلاده تأتي من باب إيجاد صيغ تعاون مع الشركات العمانية لتسويق خدمات معينة. واهتمت الشركة الاماراتية بترويج نظام "كوم تراست" com trust، وهو عبارة عن محطة واحدة لحلول التجارة الالكترونية والخدمات البحرية ونظام بطاقة الابتكار. وعرض جناح "الثريا" بضعة هواتف يصل سعر الواحد منها الى 600 دولار، وتوفر اتصالات هاتفية فضائية متنقلة في 99 بلداً تشمل اوروبا وشمال افريقيا ووسطها والشرق الأوسط وآسيا الوسطى وشبه القارة الهندية. وزودت هواتف الفضاء بنظام تحديد المواقع العالمي GPS اي GLOBAL POSITIONING SYSTEM. يذكر أن "الثريا" أطلقت أول اقمارها الاصطناعية "الثريا - 1" في تشرين الأول اكتوبر 2000، وله عمر تشغيل افتراضي يتفاوت بين 12 عاماً و15. اللعب الطفولي وسوقه الالكترونية ولقيت برامج الأطفال والألعاب اقبالاً كبيراً. وبرز منظر تلال صناديق الطابعات في مشهدية المسرح التكنولوجي. ووزع بعض الشباب العمانيين اوراقاً إعلانية تعرض جهاز كومبيوتر بعدته وعتاده مع الكرسي والطاولة بأقل من 300 ريال عماني. وقدم اغلب العارضين هذا السعر في مقابل اجهزة كومبيوتر مجمّعة آتية من دبي. وعلّق أحد الزبائن: "لا يهم اذا جاءت من دبي او من جزر البهاماس، المهم ان يفي الكومبيوتر بالغرض، وييسر دخول عالم الانترنت بأقل الاسعار". "البرامج بريال واحد فقط"، "اشترِ واحدة وخذ الأخرى مجاناً". لمع مثل هذه الاعلانات في اكثر من مكان، وبيعت الأقراص المدمجة CD اكواماً، حتى غدا الأمر أشبه بالأسواق الشعبية، حيث تبحث السلع عن زبون، وكل زبون يبحث عن بضاعة. وصرح رئيس المبيعات والتسويق في "الشركة العمانية للمعارض والتجارة الدولية" صادق احمد خان، أن عدد الزوار قارب المئة الف، في حين أشار محمود الرحبي من "مركز المستقبل للحاسبات الآلية" الى ان المعرض قدم فرصة الى الشركات والمؤسسات العاملة في مجال الكومبيوتر والاتصالات للتسويق والبيع المباشر بهدف توفير السيولة. والحال ان سوق التكنولوجيا تشهد انحداراً قاسياً بسبب التنافس الكبير وظهور عدد هائل من الشركات والمؤسسات في سوق محدودة.