مثلت الخفوضات الاخيرة في اسعار خدمة الانترنت في عمان مدخلاً كبيراً للافادة القصوى من خدمات الشبكة الالكترونية التي دشنت في السلطنة قبل اربع سنوات تقريباً، لكنها حققت ارقاماً قياسية في الاشتراكات لم يتوقعها المسؤولون في شركة الاتصالات انفسهم. وقد بدأ الاعلان عن ادخال هذه الخدمة في عمان، حين كانت الهيئة المسؤولة عن هذه الخدمة تتبع وزارة البريد والبرق والهاتف، وكانت تسمى الهيئة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية، وفي إطار الخصخصة تحولت شركة مساهمة حكومية سميت بشركة الاتصالات، وتبعها تغيير اسم الوزارة الى وزارة الاتصالات. وعندما بدأت الانترنت تغزو الكومبيوترات والجالسين اليها، كانت الاسعار مرتفعة الى حد ما، مقارنة بالأسعار الحالية، وقد بلغت ارقاماً لم تكن في حسبان المشترك الذي قارن طويلاً بين اسعار الخدمة في السلطنة وأسعارها في دول اخرى اقل مبلغاً. وبعد الخصخصة هبطت الخدمات تدريجاً الى الاسعار الحالية، ما رفع اعداد المشتركين بنسبة اربعين في المئة، ووصل عدد المشتركين في خدمة الانترنت 23 ألفاً تقريباً، علماً ان عدد سكان عمان يبلغ مليوني نسمة، ربعهم من الاجانب. ويبدي المسؤولون في الشركة رضى كبيراً عن هذه الارقام التي تحققت في مجتمع ناشئ قياساً الى دخوله المتأخر الى المدينة، عام 1970. وفي عودة الى الرسوم الجديدة التي خفضت اسعار الانترنت بحسب الفئات، تمثلت النسبة الاعلى في خفض ايجار الساعة بالنسبة الى غير المشتركين لتصل الى 180 بيسة، بعدما كانت 600 بيسة الدولار 380 بيسة. وبالنسبة الى الاشتراكات الشهرية خُفضت فئة الخمسين ساعة الى 11 ريالاً من المبلغ السابق الذين كان 15 ريالاً. اما فئة المئة ساعة فخفضت الى 20 ريالاً عمانياً بدلاً من 25. والى عدد المشتركين في خدمة الانترنت، فإن عدداً آخر غير محسوب يتمثل في المستفيدين منها عبر حساب الساعة وثمة مستفيدون كثر من الموظفين الذي يلجأون الى هذه الخدمة عبر الاشتراكات التي قامت بها جهات عملهم. ومعظم الدوائر الحكومية اجرت خطوطاً تعمل على مدار اليوم، في حين وفرت مؤسسات القطاع الخاص لموظفيها هذه الخدمة التي اصبحت بمثابة الحل السحري للمعاملات اليومية وتبادل المعلومات والحصول على المعلومة اياً يكن موقعها وزمنها. وكل ذلك في اوقات قياسية. وأدى هذا التطور المعلوماتي الى انتشار مقاهي الانترنت التي تزدحم بزبائنها خصوصاً في المساء، ويبلغ ايجار الساعة الواحدة ريالين. وهبطت هذه القيمة كثيراً اذ ان ثمة مقاهي وصلت بسعر الساعة الى اقل من ريال عماني، اي ما يقارب الدولارين وهي معرضة للهبوط اكثر بعد الخفوضات التي ادخلتها شركة الاتصالات اخيراً. واعتمدت مقاهٍ اخرى سياسة الايجار الشهري بمبلغ رمزي، يمنح المشترك في ضوئه خفضاً كبيراً على قيمة الساعة الواحدة. ويقول احد اصحاب هذه المقاهي "اننا نعمل بكثافة اربعة ايام في الاسبوع. فمعظم الشباب في مسقط هم من الموظفين الآتين من مناطق داخلية من عمان، ويذهبون الى مناطقهم الاصلية في نهاية العمل يوم الاربعاء، ولكن في المقابل يسهر شباب مسقط كثيراً على هذه الخدمة". ويضيف "ان العدد معرض للتناقص في ظل اتجاه الغالبية من هواة الانترنت الى شراء اجهزة كومبيوتر، والعمل على هذه الخدمة في البيت بما يوفر خصوصية اكثر وطبعاً قيمة افضل بكثير". ومنعت الحكومة العمانية عدداً كبيراً من المواقع الاباحية. ويعلق احد هواة الانترنت ان الاباحية تنقسم نوعين، الاباحية الجنسية والاباحية السياسية. لكن هذا لا يمنع ان موقعاً عمانياً جريئاً لا يزال يستقطب الكثيرين متابعة او سماعاً، اسمه "سبلة العرب"، اذ يتعرض لكل شيء وتحذف الاشياء المخلة بعد ساعتين من انزالها على الشبكة. ويتوقع مصدر مسؤول في وزارة الاتصالات العماني ان يرتفع عدد المشتركين ويرتفع ايضاً عدد الساعات المستهلكة خصوصاً ان الانترنت تشكل ادماناً لعدد كبير من المشتركين الذين يسهرون معها احياناً الى طلوع شمس اليوم التالي. ويقول احمد الذهلي وهو صحافي عماني: "تشدني كثيراً خدمة المحادثة التي اتعرف بواسطتها الى اصدقاء جدد فنتبادل ارقام الهواتف بواسطة الانترنت لنتواصل بعد ذلك. وتشدني الافكار لكن المشكلة في الاستخدام السيئ لهذه الخدمة. ومعظم المحادثات تتم في صورة سطحية الا في ما ندر. لكن هذا لا يقلل من اهمية الانترنت في حياتنا العامة". ويضيف: "اتابع عبر الانترنت الاشياء الجديدة في ثورة المعلومات، خصوصاً في مجال الاتصالات وأمضي الساعات الطويلة في انزال برامج جديدة عبر الانترنت. وهذه امور مدهشة لم ترد حتى في خيالنا".