أنهت مسقط معرضها السنوي للاتصالات وتقنية المعلومات «كومكس» وسط فورة من الحديث المستمر عن الحكومة الالكترونية وسبل الوصول إلى خطوات متقدمة في هذا الهدف الذي أطلقته الحكومة العمانية منذ سنوات. والمفارقة أن المعرض اختتم على كلام مُشابه عن الحكومة الإلكترونية (وكذلك المجتمع الرقمي) في العام الماضي أيضاً. وعلى رغم تكرار الكلام، الذي يوحي بأن الفعل ما زال بعيداً، إلا أن الجهات الحكومية والخاصة تتصرف وكأن الخيار الإلكتروني بات حتمياً، وأن لا بديل له سوى الاستمرار في الوقوف الجامد داخل منطقة المعاملات الورقية. وقدّم معرض «كومكس» دورته ال19 في «مركز عُمان للمعارض»، على مدار أربعة أيام. وحضره ما يزيد على 12 ألف زائر. وشهد تفاعلاً كبيراً من الشركات الكبرى في الاتصالات والمعلوماتية، محلياً وعالمياً. فقد حضر الى المعرض 110 شركات من سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر وسنغافورة والأردن والسعودية وسورية وماليزيا والمملكة المتحدة والهند، حيث عرضت ما يقارب 225 علامة تجارية متخصصة بالبرامج المعلوماتية المتصلة بالأعمال والاتصالات الشخصية وشبكات الخليوي والبنى الإلكترونية التحتية وغيرها. المجتمع الرقمي عُمانياً بحكم العادة، انقسم «كومكس 2009» إلى جناحين. خصّص أحدهما للشركات الكبرى في صناعة ال «هاي تيك». وأُفرِد الآخر للمستهلكين التقليديين الذين يبحثون عن شراء الأجهزة الرقمية الأكثر تطوراً في الكومبيوتر والكاميرات الرقمية والخليوي وغيرها. في «كومكس 2009»، برزالحديث عن المجتمع الرقمي، وكذلك خطة السلطنة لدخول بوابة الحكومة الالكترونية، باعتبارهما العنوانين الأكثر بروزاً في هذا المعرض. وتجمّعت 20 جهة رسمية تحت مظلة «مبادرة عُمان الرقمية»، لتقدّم جناح الخدمات الحكومية. وأُعلِنَ فيه عن عروض تعريفية بالخدمات الإلكترونية المتاحة لدى تلك الجهات. وعرضت طرق الاستفادة من تلك الخدمات مثل الدفع الالكتروني والبوابة الرقمية الحكومية والمناقصات الإلكترونية والتعليم الرقمي وغيرها. وبحسب ما أعلنته تلك الجهات، يتمثّل الهدف من «مبادرة عُمان الرقمية» في تنمية القدرات الوطنية في تقنيات المعلوماتية والاتصالات، وإيجاد بيئة رقمية متطورة عالية الجودة. وضمن التشغيل التجريبي لبوابة الخدمات الحكومية الرقمية، دشنت وزارة الإسكان19 خدمة إلكترونية في التخطيط والمساحة والسجل العقاري، وتندرج 14 خدمة منها في إطار تخطيط المدن و5 خدمات في السجل العقاري. وفي أحاديثه الإعلامية، أعلن سالم بن حميد الشعيلي المسؤول عن المحتوى في البوابة الرقمية للخدمات الحكومية (عنوانها عُمان.غوف.كومoman.gov.com) أن الفترة التجريبية تستمر لمدة شهر للتعرف الى آراء الجمهور عنها. وأشار إلى ان البوابة هدفها ان تكون منفذاً للخدمات التي تقدمها المؤسسات الحكومية، بحيث تُسهّل أعمال المواطنين والمستثمرين. وأعلن أن عدد الخدمات المقدمة في تلك البوابة الرقمية يصل إلى 500 خدمة تقدّمها عشرون مؤسسة حكومية. وبيّن أن تلك البوابة تهدف أيضاً لضم جميع المؤسسات الحكومية اليها خلال فترة تراوح بين 3 و5 سنوات. ووجدت بوابة الدفع الإلكتروني مساحة كبيرة من اهتمام الزائرين بما تتيحه من إمكانات في إنجاز المعاملات ودفع رسومها، وكذلك دفع مخالفات السير والفواتير. ويلفت أنها خصصت قسماً لقبول التبرّعات الموجهة للهيئات الخيرية. وفي «كومكس عُمان 2009»، سعت المؤسسات الحكومية الى إبراز خدماتها الإلكترونية والتعريف بها. فقدّمت وزارة العدل تعريفاً بموقعها الالكتروني الذي يعرض القوانين التي تتصل بالحياة اليومية للناس، مثل قانون السلطة القضائية والكُتّاب بالعدل ولجان التوفيق والمصالحة، إضافة الى التعريف بنُظُم مكتبتها وارشيفها وإدارتها. وكذلك عرضت خدمات أخرى كالاستفسار عن المحامين وكشف حساب أموال اليتيم ونظام الاستعلام عن صلاحية الوثائق باستخدام تقنية «الرد الصوتي التفاعلي» («إنترأكتف فويس ريسبونس» Interactive Voice Response ) التي تعتمد على الاتصال الهاتفي سواء لتخزين البيانات أو الاستفسار عنها. وتتيح تلك التقنية الاستجابة السريعة للأسئلة عن البيانات، وكذلك إدخالها. فلا تستغرق عملية الإدخال أكثر من دقيقتين. وبمجرد حفظ البيانات، يصبح من الممكن الاستفسار عنها. ولا يحتاج المتصل لاستخدام الكومبيوتر، بل يكفيه الاتصال هاتفياً للتعامل مع نظام «الرد الصوتي التفاعلي» الذي يدخله الى قاعدة البيانات الرئيسية. ولا يتطلب الأمر أيضاً وجود موظف للرد على الهاتف، إذ تُعطى الإجابات من طريق تسجيل صوتي مسبق، لتبيان حال الوثيقة التي يسأل عنها المُتصّل. واستعرضت وزارة الإعلام موقع «شبكة عُمان الالكترونية» («عُمان.نت») باعتباره المنفذ الرسمي للمعلومات والأخبار عن السلطنة. وتتضمن تلك الشبكة خمسة مواقع إذاعية وتلفزيونية رسمية تقدم عدداً من الخدمات مثل الصحيفة الإخبارية اليومية التي تصل الى المشتركين ( 400 مشترك) يومياً عبر البريد الإلكتروني. وتتعاون تلك الشبكة مع 420 موقعاً في تبادل الأخبار والمعلومات. ويصل عدد زوار شبكة «عُمان.نت» إلى 150 ألف زائر يومياً، أي 4،5 مليون زائر في الشهر. الأجهزة الإلكترونية وناسها من خلال معرض «كومكس عُمان 2009»، تبيّن أن موقع وزارة الاقتصاد الوطني يتيح إمكان تصفح النصوص الكاملة للقوانين واللوائح المتعلقة بالوزارة مثل القانون الإحصائي وقانون التخصيص وطباعتها، إلى جانب الاستفادة من بعض الخدمات والتطبيقات الالكترونية، مثل إجراء الدراسات الإحصائية، وطلبات الأسعار، والمناقصات والاستمارات الإحصائية الالكترونية، كما يعرض الأخبار الاقتصادية المحلية والعالمية. وكذلك يقدم موقع «مجلس الشورى» خدمة للمواطنين العمانيين تتضمن تلقي الشكاوى والمقترحات حول المسائل العامة التي تمس الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والصحية والخدمية وغيرها. وعُلِم أن مكتب المجلس ينظر في هذه الطلبات، وفي الرد على صاحب الشكوى او المقترح. ويعتبر موقع «وزارة البلديات الاقليمية وموارد المياه» الأقرب إلى حياة العمانيين اليومية، إذ يقدم خدمات الوزارة الكترونياً. فقد بات بوسع طالب الخدمة تقديم طلبه عبر شبكة الانترنت والحصول على الموافقة من منزله. وخلال المعرض، عملت «هيئة تنظيم الاتصالات» على تكريس مفهوم التوعية بالقوانين والتشريعات، من خلال محاضرات قدمتها يومياً تمس حقوق المنتفع والتزاماته في ظل قانون تنظيم الاتصالات كأسماء النطاقات العليا في الإنترنت (مثل «.كوم» COM و».غوف» GOV و».نت» NET) وأنواع تراخيص الاتصالات، وشروط الحصول على تراخيص لاستخدام موجات الراديو وغيرها. وفي موازاة هذه الخدمات المقدمة من الشركات والوزارات في جناح أنيق ومنظم من معرض «كومكس عُمان»، شهد الجناح المُخصص للأجهزة الإلكترونية زحاماً كبيراً. وبدا خليط البشر والأجهزة، التي ارتصفت بأعدادها وتفاصيلها الصغيرة، أقرب إلى مشهد السوق الشعبي الذي يُعقد ليوم وحيد، فتندفع الجموع للبحث عن متطلباتها خلاله. وكرّر كثير من الزوار القول بأن الحديث صعب مع الباعة الذين انشغلوا بالإجابة عن التفاصيل التقنية للأجهزة المعروضة. وتميز معرض هذا العام بالحواسيب الشخصية الصغيرة («لاب توب») التي حاصرت حواسيب المكاتب بشدة. وعرضت إحدى الشركات «لاب توب» يمكن حمله في حقيبة يد نسائية، كما عبّر أحد الموجودين في المعرض. وبين أنواع الكاميرات الرقمية، برزت آلات للتصوير تحت الماء يصل سعرها إلى 250 دولاراً، وتستيطع أن تسجّل أشرطة فيديو لمدة 230 دقيقة على قرص صلب تصل سعته إلى 8 غيغابايت. وعُرض جهاز لإعادة شحن بطاريات ال «لاب توب» يمكنه التعامل مع أنواعها كافة. ولا يزيد سعره عن أربعين دولاراً. وتراجعت أسعار الأقراص الصلبة للكومبيوتر «هارد ديسك» إلى ما دون ال60 دولاراً.