تعهدت الحكومة المقدونية مواصلة عملياتها العسكرية الى أن يتم طرد كل المقاتلين من المناطق التي يسيطرون عليها، فيما خيم شبح الموت على قرى دمر القصف كل منازلها وأرغم سكانها على الفرار. ركزت القوات المقدونية قصفها المتقطع أمس على قرى سلوبتشاني وماتييتشي ولوباتي الواقعة جنوب غربي قريتي فاكسينتسي ولوياني اللتين تم إخراج المقاتلين منهما مساء الجمعة الماضي. واعتبر "مجلس الأمن القومي المقدوني" الذي يضم كبار الوزراء وقادة الجيش والشرطة المقدونيين من غير الألبان، خلال اجتماعه في سكوبيا مساء أول من امس، ان قوات الجيش والشرطة تنفذ تعليمات القيادة السياسية "بدقة وجدارة، وأن الوضع في الطريق الى الانفراج السريع". وأعلن وزير الدفاع فلادو بوتشوفسكي ان المجلس أكد "عدم إجراء أي محادثات مع الإرهابيين الذين يطلقون على انفسهم جيش التحرير الوطني، سواء مباشرة او من طريق وسطاء، وأن تستمر العمليات العسكرية ضدهم ما تطلب ذلك، حتى يستسلموا أو يتم القضاء عليهم". وإلى ذلك، قال وزير الداخلية ليوبي بوشكوفسكي: "يجب ان ننتصر، لأننا مصممون على استعادة النظام وتحقيق السلام، وأن تدخل قواتنا قريباً سلوبتشاني وكل القرى الأخرى، على رغم المقاومة العنيفة التي يبديها المتمردون". وأشار الى أنه تم إلقاء القبض على عدد من الإرهابيين، سيتم عرضهم من خلال التلفزيون قريباً، وهم من كوسوفو ومقدونيا الذين أكدوا ان قائدهم علي احمدي هو "من عناصر الجريمة المنظمة وعصابات المافيا". ومن جانبه، نفى علي أحمدي، في اتصال هاتفي امس مع محطة تلفزيون خاصة في سكوبيا، ان يكون مقاتلوه إرهابيين، وقال: "نحن ثوار ندافع عن قضية شرعية، ونوجه نيراننا نحو الجنود والشرطة، أما الإرهابيون فهم الذين القوات الحكومية يطلقون قذائف وصواريخ بصورة عشوائية ويحرقون المنازل والممتلكات ويقتلون المدنيين". ووصف الاتفاق الذي عقده مع زعيمي الحزبين الألبانيين في مقدونيا اربن جعفيري وايمير اميري بأنه "سبيل وقف الحرب وميثاق تحقيق السلام". واعتبر أحمدي ان القتال سيتواصل بأشكال مختلفة ويتسع مداه "حتى تستجيب السلطات المقدونية لمطالب المساواة الألبانية وتتفاوض مع قادة المقاتلين حول شروط وقف المعارك". وأكد أنه "من غير ذلك لا يوجد حل". معاناة النازحين وإزاء الوضع الناجم عن تصميم الحكومة المقدونية على القتال حتى النهاية باعتباره "الحل الأمثل" لإنهاء مشكلة الحركة المسلحة الألبانية، تواصل فرار السكان المدنيين من القرى التي ينالها القصف بضراوة متصاعدة، في اتجاه اماكن آمنه، في حين ازدادت المخاوف في شأن مصير المدنيين المحاصرين في هذه القرى حيث شحت المواد الغذائية والمياه والأدوية لديهم، وانتشار الأمراض الوبائية بينهم لبقائهم اكثر من أسبوعين في مخابئ تحت الأرض. وعرضت محطات تلفزيونية في سكوبيا صوراً لقرية فاكسينتسي بعدما استولت عليها القوات الحكومية، وظهرت أضرار جسيمة نتيجة القصف في كل منازلها. وقدرت المنظمات الإنسانية المحلية والدولية في المنطقة، عدد النازحين بأكثر من 12 ألف شخص، فروا الى مناطق آمنة في مقدونيا أو كوسوفو وجنوب صربيا. وذكر الصليب الأحمر المقدوني، انه سجل حوالى خمسة آلاف نازح "وتوجد صعوبة كبيرة في ايوائهم وتقديم المساعدات الضرورية لهم، نظراً لأن العدد اكثر مما كان متوقعاً". في حين أفادت منظمات الإغاثة الدولية في كوسوفو وجنوب صربيا أنه راجعها اكثر من أربعة آلاف هارب من شمال مقدونيا "وهم في حال اعياء ومشكلات صحية ونفسية". وأكد الفارون في تصريحات للصحافيين ان قرى فرغت بكاملها من سكانها، منها فاكسينتسي 800 منزل وسلوبتشاني ولوياني 3000 منزل. وقال بيتر بوكيرت رويترز وهو باحث كبير في جماعة هيومان رايتس ووتش لحقوق الإنسان "سجلنا حالات كثيرة تعرض فيها الرجال للضرب، وتعرض الصبية والنساء للضرب احياناً أيضاً، نحن قلقون للغاية إزاء ذلك".