اتسع نطاق المعارك شمال مقدونيا، لتشمل منطقة اقتربت من الطريق الدولية التي هدد المقاتلون الألبان بقطعها. وعارض السياسيون الألبان إجراءات الحكومة المقدونية تجاه الأزمة، فيما وصف المراقبون التصاعد السريع للمعارك بأنه مؤشر على أن حرباً رابعة بدأت فعلاً في البلقان، وستكون أشد ضراوة من سابقاتها في كرواتيا والبوسنة وكوسوفو، إذا أخفق المجتمع الدولي في احتوائها قبل فوات الأوان وتدخل دول بلقانية عدة فيها. عنفت المعارك بين القوات المقدونية والمقاتلين الألبان وتواصلت طيلة يوم امس، وشملت منطقة امتدت اكثر من 10 كيلومترات طولاً و4 كلم عرضاً، تقع فيها قرى: تانوشيفتسي وبريست وغوشينتسي، في شمال مقدونيا المحاذي لإقليم كوسوفو، واقتصرت نيران القوات المقدونية خلالها على القصف المدفعي البعيد المدى، بسبب وعورة المنطقة وكثافة الغابات فيها. وجاء اندلاع هذه المعارك، بعدما وقعت قافلة عسكرية مقدونية صباح امس، في مكمن نصبه المقاتلون الألبان عند قرية "بريست" حيث قتل أحد عناصر الشرطة المقدونية وأصيب عدد آخر بجروح، بحسب المصادر الرسمية في سكوبيا. وكانت هذه القافلة في طريقها الى قرية غوشينتسي جنوب بريست بنحو 4 كلم حيث حصور مسؤلوون من وزارتي الدفاع والداخلية المقدونية، كانوا يتفقدون الوضع الأمني هناك. وشاهدت "الحياة" أمس أرتالاً مدرعة لقوات الجيش والشرطة المقدونية، متجهة نحو مدينة "كومانوفو" الرئيسية شمال مقدونيا 7 كلم عن خط الحدود مع يوغوسلافيا و10 كلم عن بلدة بريشيفو جنوب صربيا التي تمر قربها الطريق الدولية الى الشرق من منطقة العمليات المسلحة جنوب صربيا وشمال مقدونيا التي كان المقاتلون الألبان من "جيش تحرير بريشيفو وبويانوفاتس وميدفيجا" جنوب صربيا و"جيش التحرير الشعبي" الألباني في مقدونيا حددوا بإطلاق نيرانهم على العربات المارة عليها لقطعها. ويذكر ان الوضع في مدينة كومانوفو والقرى المحيطة بها، يتسم بالحساسية الشديدة، لأن المنطقة تضم سكاناً من الأعراق المقدونية والصربية والألبانية، إضافة الى أن المعارك تبعد أقل من 30 كلم عن العاصمة سكوبيا التي حوالى ثلث سكانها من الألبان. ونقلت مصادر إعلامية في سكوبيا عن الألبان، تصميمهم على "الكفاح المسلح حتى طرد القوات المقدونية من المنطقة". وذكرت منظمات الإغاثة المحلية والدولية في سكوبيا، ان النزوح الجماعي تزايد بشكل كبير من قرى شمال مقدونيا، نتيجة المخاطر في المنطقة، وأعربت عن خشيتها من مأساة إنسانية جديدة في البلقان. اهتمام دولي وواصل رئيس الحكومة البلغارية ايفان كوستوف امس، زيارته "التفقدية" الى مقدونيا التي بدأها أول من امس واجتمع خلالها مع الرئيس المقدوني بوريس ترايكوفسكي ورئيس وزرائه ليوبتشو غيورغيفسكي. وأبلغ كوستوف الصحافيين في سكوبيا، ان القافلة الأولى من المساعدات العسكرية البلغارية، المحملة بالذخيرة وتجهيزات لنزع الألغام وغيرها، وصلت الى مقدونيا. وبحث وفد برلماني تركي في سكوبيا مع الحكومة المقدونية، ما يمكن ان تقدمه تركيا من مساعدات لمقدونيا، في مشكلتها القائمة مع مجموعات البانية مسلحة. ويذكر ان عدداً من دول البلقان، بينها بلغاريا ويوغوسلافيا واليونان وتركيا، كانت وعدت بالدعم العسكري وغيره لمقدونيا. ويصل وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين، اليوم الى مقدونيا، وذلك ضمن جولة بلقانية بدأها امس بالعاصمة البوسنية ساراييفو. وكان مجلس الأمن دان الحركة المسلحة شمال مقدونيا، وأكد دعم المجتمع الدولي لاستقرار جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة ووحدة أراضيها. الألبان وحذر الألبان في كوسوفو ومقدونيا من ان الإفساح في المجال امام قوات عسكرية يوغوسلافية للدخول الى المنطقة المنزوعة السلاح سيؤدي الى تفاقم أعمال العنف. ونقلت مصادر إعلامية في سكوبيا عن المقاتلين في جنوب صربيا وشمال مقدونيا، انهم سيهاجمون القوات اليوغوسلافية والمقدونية أينما وجدت "لأنها عدوة الألبان". ونقل تلفزيون آ.يدن المستقل في سكوبيا امس عن الزعيم الألباني في مقدونيا ابن جعفيري ان اي ألباني "لا يمكن ان يقبل بعودة القوات اليوغوسلافية التي ارتكبت المجازر ضد الألبان الى المنطقة المنزوعة السلاح بالقرب من حدود كوسوفو ومقدونيا". وكان جعفيري الذي يترأس "الحزب الديموقراطي الألباني" المتشدد في مقدونيا والذي يمثل الألبان بخمسة وزراء في الائتلاف الحكومي المقدوني الحالي ويدعم بقاء هذا الائتلاف بنوابه الأحد عشر في البرلمان، يتحدث بعد عودته من بريشتينا حيث شارك في إحياء ذكرى مصرع آدم يشاري مؤسس "جيش تحرير كوسوفو" الذي قتلته القوات الصربية قبل عامين. وأكد إدانته لسماح الحلف الأطلسي بانتشار وحدات يوغوسلافية في جزء من المنطقة العازلة في الأراضي الصربية المحاذية لكوسوفو ومقدونيا "الذي سيزيد توتر الأوضاع في المنطقة". ووصف جعفيري ما يحدث شمال مقدونيا بأنه "ليس نابعاً من كوسوفو كما يدعي المسؤولون المقدونيون، وإنما عائد الى مشكلة مقدونية محضة". واعتبر المراقبون تصريح جعفيري، بأنه تلميح الى انسحاب وزرائه من الحكومة و إنهاء دعم نوابه لها، ما يؤدي الى سقوط الحكومة ودخول مقدونيا في أزمة سياسية.