تشكل مناسبة مرور مئة سنة على دخول السينما الى إيران باباً للحديث عما يعتري هذه السينما من أزمات وما يواجهها من تحديات ومخاطر. أريد هنا أن أبدأ بالحديث عن فترة المئة سنة بأسلوب بحثي ونظرة متأملة وأن استحضر ما مرت به السينما الإيرانية من تذبذب. وذلك لأن الدرس الذي يقدمه لنا الماضي يمنحنا القدرة على صناعة مستقبل مشرق ومضيء. لقد أصبح عمر السينما الإيرانية مئة سنة، ولكن في جردة حساب سريعة، يمكننا تشخيص ليس فقط فترة السنوات التي سيطرت فيها البطالة وضياع الفرص بكل سهولة وبساطة، بل يمكننا ايضاً إدراك نتائج الأوج السينمائي الذي أدهش العالم. إن مرور مئة سنة على أي فن، يمكن ان يشكل بداية الكمال وانعقاد الثمر والمثال على هذا الكمال وانعقاد الثمر ما شاهدناه خلال السنوات الأخيرة الماضية. ولكن للأسف وفي ظل هذا الحضور والصعود في السينما العالمية، فجأة يظهر الجدري، ويوقف مسيرة مئة سنة من السينما". إن ما يبعث على الخوف والقلق، هو الإحساس بالسقوط والانزلاق، أنا قلق، قلق من يوم يأتي أو لا يأتي، أو بتعبير أصدق، قلق من ليل يفرش عتمه على السينما، وأن يحمل المفكرون والمثقفون الشمع في هذا الليل بحثاً عن علامات الجمال كما في "خان دوست كجا" فيلم: أين منزل صديقي. قلق من يوم لا يتذكر فيه احد الأشياء الغريبة الصغيرة مثل "ياشو"، ولا أحد يشعر في داخله بالحاجة الى شعر الحب الرفيع كما في "نياز" الحاجة، وكذلك ان تموت حماسات مثل حماسة "ديده بان" الراصد على أبراجها. قلق، من عودة الفيروسات التي تحولت الى مرض قاتل انهكت الجسد المنهك والمتعب للسينما الإيرانية، واستطعنا إخراجها من باب منزل السينما فعادت لتدخل من النافذة وتعلن عن وجودها. لنستمع الى وقع أقدام الابتذال يصل بسهولة الى الآذان، ها هي الأغاني السوقية ومشاهد الحب المزيف تعاود الظهور في الأفلام... من هو المقصر؟ نحن كسينمائيين؟ أم سياسة التخطيط التي أوجدت العطش الكاذب في المجتمع من خلال سياستها، أم أن الجمهور أصبح لديه مثل هذه الذاقة؟ وفي شكل واضح وصريح أقول إن الجمهور بريء من هذه البلادة، لأننا نعلم اكثر من غيرنا اننا من يقوم بصنع هذه الذائقة. باستطاعتنا، أي باستطاعة السينما، أن تحول المر الى حلو في عين المشاهد المخاطب وبالعكس، نحن الذين نصنع الثقافة. انني قلق من تكرار التاريخ. لنتذكر ان فيلماً فارسياً استطاع ان يقود الذائقة الى الطريق الأعوج ما أدى الى خروج رواية صادقة مثل الطبيعة الصامتة من ذاكرة المحافل السينمائية. * مخرج سينمائي.