لم يكن أقل أهمية من انتخاب قصي صدام حسين الخميس الماضي لأعلى هيئة قيادية في "البعث" الحاكم في العراق، إبعاد عدد من اعضاء "القيادة القطرية" الذين لعبوا أدواراً في تعزيز سلطة الحكم ودعموا الانقلاب على الرئيس السابق أحمد حسن البكر عام 1979. وترى مصادر عراقية مطلعة ان عضو القيادة القطرية السابق محمد حمزة الزبيدي الذي يتحدر من ريف مدينة الحلة بابل، "أبعد عن موقعه القيادي بعدما انتهى دوره المتمثل في انهاء ظواهر التمرد وسط العراق وفي محافظات الفرات الأوسط" مؤكدة ان الرئيس صدام حسين كان "كافأ الزبيدي لدوره في اخماد الانتفاضة الشعبية في آذار مارس 1991 بتعيينه رئيساً للوزراء" واتهمته ب"الضلوع في اغتيال المرجع الشيعي البارز محمد صادق الصدر" في شباط فبراير 1999. وكان بين القياديين الذين ابعدوا عن أعلى هيئة في "البعث" العراقي عبدالغني عبدالغفور، سكرتير "الجبهة الوطنية والقومية التقدمية" التي تضم "تحالفاً" بين "البعث" و أحزاب كردية موالية لبغداد. وتعتبر المصادر العراقية ذاتها ان ابعاد عبدالغفور الذي اقاله صدام عام 1996 من منصب وزير الثقافة والاعلام، بعد هجوم شنه عليه نجل الرئيس العراقي عدي وحمّله مسؤولية سياسات أدت الى هجرة الكتاب والصحافيين العراقيين ، مؤشر الى أزمة مستمرة بين الحكم وعشائر محافظة الرمادي الأنبار التي ينتمي اليها عبدالغفور. وتذكرّ باعتقال عدد من ضباط الجيش والحرس الجمهوري من اهالي المحافظة، التي شهدت مواجهات بين قوات الامن والعشائر هناك بعد اعدام اللواء الطيار محمد مظلوم الدليمي الذي اتهم بتدبير محاولة انقلابية عام 1996. وحال القيادي محمد يونس الاحمد الذي أبعد عن القيادة القطرية لم تكن أفضل من حال عبدالغفور. فإبعاده يمثل خطوة أخرى في تصفية النفوذ السياسي لقيادات مدينة الموصل نينوى بعد تصفية نفوذها العسكري، علماً ان ابناءها غالباً ما كانوا يمثلون "صفوة" ضباط الجيش خلال الحرب مع ايران 1980 - 1988 . وبين المبعدين أيضاً من "القيادة القطرية" كامل ياسين، أحد أقارب صدام، لكنه يعتبر من القريبين الى برزان التكريتي الأخ غير الشقيق للرئيس العراقي. ولكامل ياسين شقيق، أرشد المرافق الأقدم السابق لصدام والمتزوج من أخت برزان. وجاء ابعاده مواكباً ل"فشل" التكريتي في انتخابات القيادة لتأتي خسارة الأخير مزدوجة. وشكلت "القيادة القطرية" الجديدة فشلاً للدكتور سعدون حمادي رئيس المجلس الوطني البرلمان في استعادة موقعه القيادي الحزبي، وليكون ابعاده غياباً لآخر الرموز البعثية التي أسست الحزب في العراق خلال الخمسينات، وينظر اليها صدام ب"ارتياب". وتؤكد المصادر ان "فشل" حمادي سيكون مبرراً لدى صدام في إبعاده عن المجلس الوطني، فيما سيطرح اسم عدي بديلاً له، ولتكن رئاسة المجلس "تعويضاً" عن عضوية القيادة القطرية التي ظفر بها قصي النجل الثاني للرئيس.