«الدباغ القابضة» تتقدم بالتهاني لمقام خادم الحرمين وولي عهده بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    الأمين العام لمجلس التعاون: يوم التأسيس شاهد على الإنجازات التي عانقت سماء الطموح    ضبط أكثر من 21 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    عقد ورشة عمل "الممارسات الكشفية للفتيات في الجامعات"    فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بعسير يكمل استعداداته في يوم التأسيس    انطلاق أعمال جمعية أثر التعليمية    يوم التأسيس تاريخٌ مجيد ومستقبلٌ واعد    أسرة حسام الدين تحتفي بعقد قران أحمد ويوسف    انهيار مبنى إثر حريق ضخم في الأرجنتين        القيادة الإماراتية تهنئ خادم الحرمين وولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    رباعي هجوم الاتحاد .. الأقوى    صقورنا في مهمة عبور (سور) الصين    "السعودية في العصر الرقمي: من جذور التأسيس إلى ريادة المستقبل"    الأمين العام لمجلس التعاون يهنئ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    وزارة الداخلية تحصل على جائزة المنتدى السعودي للإعلام (2025) في مسار الأنشطة الاتصالية الإعلامية عن حملة "لا حج بلا تصريح"    اكتشاف النفط.. قصة إرادة التنمية السعودية    السعودية.. أعظم وحدة في العصر الحديث    إخماد حريق للغابات بمقاطعة "جانجوون" في كوريا الجنوبية    العز والعزوة.. فخر وانتماء    يوم التأسيس السعودي: ملحمة تاريخية تجسد هوية الوطن    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق تداولاتها على تراجع    كأس السعودية للخيل| "سكوتلاند يارد" يتألق بلقب كأس طويق    الملاكمون يواجهون الميزان في الرياض قبل ليلة الحسم لنزال "The Last Crescendo" اليوم السبت    الدرعية.. ابتدينا واعتلينا    انخفاض درجات الحرارة في عدد من مناطق المملكة    يوم التأسيس: امتداد لحضارةٍ مستدامة وعريقة    «الأسواق الناشئة».. السعودية تعالج تحديات اقتصاد العالم    فهد العجلان: يوم التأسيس يجسد مسيرة الكفاح وبناء دولة عصرية    تأسيس الحوكمة.. السعودية تحلق في فضاءات «الرقمنة»    «أنوار المباني» شاهد عيان على التنمية المستدامة    الدبلوماسية السعودية.. إطفاء الحرائق وتعزيز الشراكات    يوم التأسيس.. جذور التاريخ ورؤية المستقبل    لائحة الأحوال الشخصية تنظم «العضل» و«المهور» ونفقة «المحضون» وغياب الولي    الدولة الأولى ورعاية الحرمين    غبار المكابح أخطر من عادم السيارات    السعودية منارة الأمل والتميز الطبي    وزير الاتصالات يجتمع بقادة كبرى الشركات العالمية    من التأسيس إلى تنمية الإنسان.. جذورٌ راسخةٌ وقيمٌ شامخة    ذكرى التأسيس.. بناءٌ وتكريس    السعودية.. «حجر الزاوية» في النظام الإقليمي    مدرب الاتفاق ينتقد رونالدو ودوران    رئيس فلسطين يهنئ خادم الحرمين وولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    يوم بدينا    الفتح أول المتأهلين لممتاز كبار اليد    من الدرعية إلى الأفق.. يوم التأسيس ورحلة المجد السعودي    الخطة أن نبقى أحياء بين المؤسسين عبدالرحمن الداخل ومحمد بن سعود    السعودية من التأسيس إلى معجزة القرن ال 21    ضبط شخصين في الرياض لترويجهما مواد مخدرة    في يوم التأسيس نستذكر تاريخ هذه الدولة العريق وأمجادها الشامخة    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم ندوة علميّة تزامناً مع ذكرى يوم التأسيس    قادة الخليج والأردن ومصر يتوافدون لعاصمة القرار العربي    قرارات ترمب المتطرفة تفاقم العزلة الدولية وتشعل التهديدات الداخلية    كبار علماء الأمة يثمنون رعاية خادم الحرمين لمؤتمر بناء الجسور بين المذاهب    احتمالية الإصابة بالسرطان قد تتحدد قبل الولادة    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    الصداع العنقودي أشد إيلاما    قطر تؤكد أن استقرار المنطقة والعالم مرتبط بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الصهيونية صنو النازية": محاولة في تفكيك معادلة
نشر في الحياة يوم 20 - 05 - 2001

اندلعت منذ اسابيع حكمة سياسية قوامها إقامة التشابه، واحيانا التطابق بين الصهيونية والنازية. وقد احتفل بهذه الحكمة كتّاب وصحافيون من اصحاب الصلة بالشأنين الوطني والقومي. فزيّنوها واضافوا اليها التعليقات والمقالات والمقابلات والمعلومات "الموسوعية"... وبدوا وكأنهم يرغبون في تحويلها الى نظرية: فراحت اقلامهم تغصّ بالاسباب والحيثيات التي تجيز قيام هذه الفكرة مقام النظرية. أوردوا الوقائع، منذ نشأة اسرائيل وذكروا حملاتها التوسعية واستيطانها في اراضي غيرها وارتكابها المجازر والتهجيرالجماعييَن وعنصريتها الفظّة واعتمادها التعذيب رسميا.
بعضهم حاول التعمّق قليلا في الصهيونية نفسها، فساقَ وقائع التشابه التاريخية بينها وبين النازية، واستنتج منها أن هناك "منظورا نازيا" للنشأة و التوسّع الاسرائيليَّين. وقد توصل اليه بفضل "نمطه" الخاص بالتفكير، الذي يقوم على البحث في سجلات التاريخ عن عدد المجازر الاسرائيلية؟!
المهم: ان حكمة المقارنة بين الصهيونية والنازية، والتي قد تتكرّس كنظرية، هي في طريقها الى الذيوع، وقد تتخاطفها المؤتمرات والندوات والمهرجانات، على أشكالها الوطنية والقومية المختلفة" وقد تسلك ايضا دروب السجالات "الفكرية" السابقة بصخبها وضجيجها ثم فتورها وصمتها. ثم يحل نسيان، ما بعده نسيان...
وأصحاب الصلة بالشؤون القومية هم ابناء سلالة معروفة وعريقة في مقارعتها لاسرائيل و حلفائها الغربيين" لكن ذلك لم يعصمهم من هَفَوات النسيان، اذ ليس بعيداً هو الزمن الذي وقف فيه اسلافهم الوطنيون مع الحركة النازية. وما زالت حية في اذهان الشيوخ منهم "حيثيات" تلك الجاذبية التي قرّبت بين النازية وبين شخصيات عربية كبرى في شبابها اليافع ومجموعات سياسية متجانسة معها: من ذلك القول ان المانيا النازية ترفع عن نفسها ظلم احتلال اراضيها الجنوبية، وان الحركة النازية تقوم على اساس التربية العسكرية للشباب، وانها سوف تحرّرنا، لو انتصرت، من الاستعمارين الثقيلين، البريطاني والفرنسي... وقريبة هي الازمان التي راجت فيها حملات تشريف مفكرين وفلاسفة غربيين انكروا حصول المحرقة ضد اليهود على يد النازية: بل من اجل هذا الانكار، امتلأت الصحف بالكمية نفسها والاقلام العربية نفسها الدائبة، آنذاك، على الانكار، وكثرت دعوة اصحاب الانكار الغربيين الى المآدب والتكريمات. وبدا يومها ان هذا الانكار يهدف الى التقليل من شأن الدرجة التي بلغها اعداؤنا اليهود من عذاب ومآسٍ و اهوال. فبذلك كان الدعاة هؤلاء يعرضون، على الملأ، درجة وطنيتهم وقوميتهم والتزامهم بالقضية.
اما الآن فانقلبت المعادلة: فبعد ان كان عدو المانيا عدونا اسرائيل صديقنا، وبعدما كان هذا العدو المانيا خفيف الوطأة على كاهل الانسانية، تحوّل فجأة الى "نسخة طبق الاصل" عن عدونا بحسب احد الاقلام، وتحديدا بسبب حجم العذاب الذي يتسبّب به هذا العدو اسرائيل، من مجازر و تهجير و تعذيب... وسطعت الحكمة القائلة إن عدوتنا اسرائيل هي عدوتها المانيا النازية.
ما سر هذا الانقلاب؟
قد يكون بين النازية والصهيونية نقاط تماس عديدة" والارجح انها تدور حول عبثيتهما وميلهما العميق للانتحار الجماعي في التاريخ. وهذا يحتاج الى تدقيق. لكننا نقول بشيء من الثقة ان مقارنة الصهيونية بالنازية ليست افضل التشبيهات" اذ ماذا ينقص الفاشية او الاستعمار او العبودية والعنصرية الحديثتين او الستالينية او التوتاليتارية؟ وكلها امعنت بالبشرية اجراما؟. لذلك فان السؤال الادق هو: لماذا النازية تحديدا دون غيرها من حركات التاريخ التي ابتليت بها هذه البشرية؟ بل لماذا "اكثر من النازية" بحسب احد اصحاب الصلة؟
الارجح ان هذه الحكمة تتصدّر حربا من نوع خاص وذات مستويات:
في الداخل اولا، حيث تكرّست عادة أبْلسة العدو، كفعل من افعال الحرب" وهي عادةٌ تحولت الى شعار واغانٍ: "اسرائيل شر مطلق"... "انا بَكرهْ اسرائيل"... انها اهون الحروب، تحرق طاقة الغضب الآتية من الهوان، تضفي المعنى على الفراغ والانحطاط وانعدام الحيلة، بان تجعل من الكره والبغضاء، هما الحرب. ومن آيات ذلك ما كتبه احد اصحاب الصلة الى صحيفة تبنّت حكمة التشابه، من ان عليها "ان تستمر في هذه التسمية الصهيونية كالنازية حتى تَُعلن دولة فلسطين!"...
حرب الخارج ثانيا: يعلم جميعنا ان اسرائيل تَكره ان تُكره: وامام عجزنا عن صدّها على اعقابها وردعها عن إقدامها على تنفيذ ارادتها من قتل وتهديم المنازل وتهجير الاهالي... نشهر في وجهها سلاحنا الاخير، وهو بغضنا لها. لكن ما لا يعلمه ضباط هذه الحرب اللفظية، او بالاحرى يتغاضون عنه، وسط غبار هذه المعركة، ان إشعال فتيل الكره ضد اسرائيل لا يضعفها، لا يضعف عنصريتها او "نازيتها"" بل يرصّ بنيانها حول المزيد من العنصرية والوحشية. و اسرائيل المدفوعة بتأجيج الكره هذا، والمتسلّحة من اجله بتفوقها البائن والصريح، سوف لن تخسر في هذه الحالة غير الجنة، جنة الارض وجنة السماء، فتعوّض عنهما بتفوقها وسلطانها وقدرتها المتجددة على إحداث المآسي، فيما الكارهون لها من الضعفاء، اي نحن، سوف تبقى ارضهم جحيما، والارجح انهم لن يكسبوا جنة السماء! اذ لا يكفي ان نكون ضحية لنُدخلها.
اما الغرب نفسه، حليف اسرائيل التقليدي، فلا يستطيع اصحاب الصلة ان يرموا في وجهه فكرة، او حكمة، ان "الصهيونية نسخة عن الامبريالية" او عن "العبودية الحديثة". فكلاهما انتصر حتى هذه الساعة، واحفاده هم اليوم القادة الذين نرجو عودة رعايتهم لتنظيم صراعنا مع الاسرائيليين.
اما اذا كان لا بد من تطبيق القانون الساري على الجميع من ان الضحية تأخذ من طبائع جلادها، لا محالة، فان المقارنة لا يجب ان تنحصر بالسنوات القليلة التي ارتكبت فيها النازية الجرائم ضد اليهود، بل بالقرون المديدة من الاضطهاد الاوروبي لليهود عشية نهضة اوروبا وبُعيدها. الا اذا كان اصحاب الصلة اعتادوا على هوايتهم الفكرية القائلة إن التاريخ لا يفعل غير التكرار. ساعتئذ سوف يكونون اول المتسبّبين بتحويل تراجيديا القرنين، السابق و الطالع، الى كوميديا سمجة سوداء...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.