تهز فضيحة شركة "ألف اكيتان" النفطية النظام الفرنسي بأسره، من اليسار الى اليمين، بعد تصريحات الرئيس السابق للشركة لويك لوفلوك بريجان التي نشرتها امس صحيفة "لوباريزيان" وأكد فيها ان الشركة كانت تدفع عمولات حتى سنة 1993 بموافقة رئاسة الجمهورية التي كان يتولاها في حينه الرئيس الراحل فرانسوا ميتران. ونفت الرئاسة الفرنسية الحالية ان يكون لديها علم بهذا الموضوع. بعد صمت طويل حول موضوع العمولات المعروف من جانب جميع الأوساط، والذي لم يتطرق إليه احد في فرنسا، لأنه بمثابة موضوع محظور تناوله من مختلف الأطراف السياسية، قرر الرئيس السابق لشركة "الف اكيتان" لويك لوفلوك - بريجان الحديث قبل أسابيع من محاكمة وزير الخارجية الفرنسي السابق رولان دوما، بتهمة خضوعه لضغوط غير مباشرة، لبيع فرقاطات فرنسية لتايوان، في مقابل عمولات تقاضتها صديقته كريستين دوفييه جونكور التي كانت تعمل لدى "ألف". واعترف لوفلوك - بريجان علناً وللمرة الأولى بأن الشركة وقعت رشاوى في إطار صفقات نفطية. وقال: "نعم ان ألف استخدمت الطريقة الافريقية في بلدي هلموت كول المستشار الألماني السابق وخوان كارلوس ملك إسبانيا". واضاف ان نظام "ألف" لدفع الرشاوى والعمولات كان أساسه الديغوليين وأنه اعتمد في عهد الرئيس شارل ديغول، لكن جميع الرؤساء الذين تبعوه وافقوا على ذلك. واكد لوفلوك - بريجان ان ميتران كان دائماً على علم بما كان يسمى "الإجراءات المواكبة" وهي دفع عمولات لمسؤولي دول معينة في افريقيا. وقال: "كان ميتران مقتنعاً بأن ألف كانت تمول حزب التجمع من أجل الجمهورية الديغولي" وأن الرئيس الحالي جاك شيراك "على معرفة تامة بما أعرفه مثلما كان ميتران يعرف ذلك". ونفى قصر الإليزيه في بيان له اي صلة له بشركة "ألف" مؤكداً أن رئاسة الجمهورية "لم تطلع من سنة 1995، وعلى أي مستوى كان على عمولات كانت تدفعها ألف". وتابع لوفلوك - بريجان انه في أيلول 1989، أبلغ ميتران بأن "النظام المعتمد من قبل ألف بعيد من الشفافية ومبهم، ولكنه نظام فاعل في افريقيا، إنما هو خطر وقد يخرج عن سيطرتي". واشار الى أنه إضافة الى "الإجراءات المواكبة، أي العمولات، التي كان يدفعها، كان هناك جزء من هذه العمولات خارجاً عن سيطرته، وطالب بتحقيق حول ممتلكات حوالى 40 مسؤولاً في شركة الف كانوا استفادوا من هذا النظام. ووصفت الصحيفة لوفلوك - بريجان بأنه شخص يشعر بالمرارة والضياع نتيجة العقوبة التي طالب المدعي العام الفرنسي شامبرونو اعتمادها بحقه المحكمة ستعلن عن قرارها في هذا الشأن في 30 الشهر المقبل وهي السجن لمدة خمس سنوات. وانتقد لوفلوك - بريجان في تصريحاته رئيس مجموعة "توتال - فينا - ألف" الحالي تييري ديماري، الذي يعمل محاميه على "إلقاء المسؤولية كاملة علي مجنباً معاونيي السابقين اي مسؤولية". وعمن كان على علم بهذه العمولات في فرنسا، قال لوفلوك - بريجان ان "هذا النظام انشأه أول رئيس لألف بيار غيوما الذي حصل على موافقة رؤساء الجمهورية المتتاليين من ديغول الى جيسكار ديستان". واضاف أن رئيس "ألف" كان يزور رئيس الجمهورية سنوياً حاملاً بيده لائحة بجميع العمولات، التي كانت بمستوى مئات الملايين، وأن رئيس الوزراء اليميني إدوار بالادور وقبل رئيس الوزراء الاشتراكي الراحل بيار بيريغوفوا على علم بذلك. وعن دور "الف" في انغولا، قال لوفلوك بريجان انه كان هناك في انغولا طرفان، "طرف الرئيس دوس - سانتوس وطرف يونيتا التي تزعمها جوناس سافيمبي". وتابع ان منشآت "ألف" كانت موجودة في مناطق خاضعة لسيطرة متغيرة ومتنقلة بين الطرفين وكان الفريد سيرفان يتولى مفاوضات مع سافيمبي ما أدى الى تقديم اموال الى "يونيتا". وعن تأثير الديغوليين ودور وزير الداخلية السابق شارل باسكوا في افريقيا قال لوفلوك - بريجان، انه كانت لباسكوا وشيراك شبكة علاقات وصداقات واسعة في افريقيا في بداية الثمانينات حيث كان رؤساء افريقيا يعتبرون ان ميتران يؤيد معارضيهم. وعما إذا كان حصل على موعد مع شيراك منذ استقالته من رئاسة شركة السكك الحديد الفرنسية واعتقاله، اجاب: "منذ خمس سنوات اعتبر شيراك اني ميت، وإذا كان هذا ما يناسبه فليكن". والواضح ان هدف لوفلوك - بريجان توريط مجمل الطبقة السياسية الفرنسية، من الاشتراكيين الى الرئيس الديغولي. ومعروف لدى جميع الأوساط الفرنسية ان "ألف" كانت أشبه بدولة داخل الدولة في ما يخص القارة الافريقية. وكان مستشار ديغول للشؤون الافريقية، الراحل جاك فوكار يسمى "الوالد" في الدول الافريقية. وكانت تدخلات الشركة في السياسة الافريقية سراً محظوراً لدى الطبقة السياسية الفرنسية، التي اعتمدت هذا الأسلوب، ولوفلوك - بريجان قرر الإباحة بما يعرفه لتوريط الجميع علناً.