} بدأ وزيران مغربيان بارزان زيارة مفاجئة أمس الى مدريد في ظل توتر في العلاقات بسبب قضية تعذّر الوصول الى اتفاق جديد للصيد. ويُعتقد ان هذا الموضوع سيأخذ حيّزاً مهماً من محادثاتهما التي ستتناول، رسمياً، قضية تسهيل مرور المغاربة الى بلادهم خلال فصل الصيف. بدأ وزيرا الخارجية محمد بن عيسى والداخلية أحمد الميداوي أمس زيارة لاسبانيا، بعد يومين من اندلاع أزمة حادة بين الرباطومدريد بسبب تعليق المفاوضات بين المغرب والاتحاد الاوروبي لتجديد اتفاق الصيد. وعلى رغم ان الاعلان الرسمي عن الزيارة أفاد انها للبحث في تأمين العودة الطبيعية لعشرات الآلاف من المهاجرين المغاربة الذين يعبرون الاراضي الاسبانية إلى بلادهم في فصل الصيف، إلا أن مصادر مطلعة ربطت بين الطابع العاجل للزيارة والأزمة التي تهدد مستقبل العلاقات، بعد تهديدات رئيس الوزراء الاسباني خوسي ماريا اثنار بالانتقام من المغرب لرفضه ابرام اتفاق. وقالت اوساط اسبانية إن مدريد قد تستخدم ورقة التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً في ملف تحويل الديون الاسبانية المستحقة على المغرب الى استثمارات، ورفض زيادة حجم الصادرات المغربية الى البلدان الاوروبية. لكن مصادر رسمية في الرباط اكدت ان المغرب لا يتحمل مسؤولية تعليق المفاوضات لتجديد اتفاق الصيد. وقال وزير الاتصال الاعلام والثقافة محمد الاشعري أول من أمس ان بلاده مستعدة للبحث في معاودة المفاوضات للتوصل الى "اتفاق عادل"، في إشارة الى طلب الرباط من الاتحاد الاوروبي تقليص مناطق الصيد واقرار صيغة جديدة للاتفاق. وتعتبر الأزمة بين الرباطومدريد الأكثر حدة في علاقات البلدين، في ضوء انعكاساتها السلبية على أكثر من ملف خصوصاً تطورات قضية الصحراء وتباين المواقف حيال مستقبل مدينتي سبتة ومليلة، اضافة الى ملف الهجرة ومجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والعسكري. لكن الرباط، من خلال تسريع وتيرة الحوار لاحتواء الازمة، بدت أقل حماسة للدخول في مواجهة مع جارتها الشمالية. وأعلنت أحزاب إسبانية معارضة في مقدمها الحزب الاشتراكي العمالي رفضها تهديدات أثنار للمغرب، وحمّلته مسؤولية سوء ادارة ملف الصيد. وكانت العلاقات بين البلدين تعرضت لأزمة أخيراً بسبب مواقف اعلامية وسياسية. وطلبت مدريد من الرباط تقديم ايضاحات لمقال في صحيفة "العلم" التي يصدرها حزب الاستقلال المشارك في الحكومة، دعا الى دعم الحركة الانفصالية "ايتا" في أقليم الباسك. وفي مدريد رويترز، أُفيد ان بن عيسى والميداوي قد يبحثان مسألة الصيد على خلفية تحذير أثنار من ان عدم وجود اتفاق بهذا الصدد قد يكون له "عواقب". وسارع وزير الاقتصاد الاسباني رودريغو راتو ووزير الخارجية جوزيب بيكوي الى القول ان تصريحات اثنار ليست تهديداً. واستبعدا ان يكون هناك رد اسباني على الموقف المغربي، بعدما أوردت صحف اسبانية ان مدريد قد تقطع المعونات عن المغرب. وقال بيكوي للاذاعة الحكومية رداً على سؤال عما اذا كانت اسبانيا ستوقف المساعدات: "طبعاً لا... ان ما نريده هو الحفاظ على العلاقة مع المغرب التي تزداد حميمية ومتانة". وقال بيكوي في مقابلة اخرى مع اذاعة "اوندا سيرو": "علينا التعامل مع مسائل مثل الهجرة الشرعية وغير الشرعية على اساس يومي وهناك الكثير من المجالات المشتركة بالنسبة الينا مما يمنعنا من الدخول في آليات المواجهة وردود الفعل". وأثار فشل المحادثات الخاصة بالصيد استياء صيادي السمك الاسبان الذين يشغلون معظم سفن الصيد التي تعمل في شبكات كبيرة تجر على قاع البحر وعددها 400 سفينة. وحاصر الصيادون الاسبان موانئ جنوباسبانيا مانعين الصادرات المغربية من الوصول الى الاسواق. وتطالب الرباط بمزيد من العائد المادي مقابل السماح بالصيد في المياه الاقليمية المغربية. كما تريد ضمانات بأن يكون للصيد حدود بحيث لا يهدد ثرواتها البحرية.