انهارت امس وساطة قادها عدد من الشخصيات الاسلامية البارزة لمعالجة الخلاف بين الرئيس عمر البشير وحليفه السابق الدكتور حسن الترابي بعد جولات مكوكية بين القصر الرئاسي في الخرطوم وسجن كوبر الشهير حيث يعتقل الزعيم الاسلامي منذ شهرين. وبقيت قضية توقيع حزب المؤتمر الشعبي بقيادة الترابي اتفاق مع خصمه التاريخي العقيد جون قرنق زعيم "الجيش الشعبي لتحرير السودان" عقبة كأداء امام مساعي الوسطاء، لكن معنيين استطلعت "الحياة" رأيهم اجمعوا على ان المفاوضات فشلت بسبب الارتباك الذي اظهره حزب الترابي اثناء المفاوضات، وبروز خلاف بين تيارين في الحكومة اراد احدهما ايجاد مخرج لاطلاق الترابي وآخر فضل بقاءه في السجن اثناء حملة اعادة بناء الحزب الحاكم التي تستمر حتى حزيران يونيو المقبل. واعلن الشيخ عبد المجيد الزنداني الناطق باسم وفد الوساطة الاسلامي توقف مساعي الوفد من دون الاقرار بفشل الوساطة، ونظمت قوات الامن هجوما متزامناً مع اعلان الزنداني على منزل قيادي بارز في حزب المؤتمر الشعبي كان يعقد فيه اجتماع للرد على اسئلة طرحها الوسطاء واعتقلت اثنين من قادة الحزب وفضّت الاجتماع عملياً. تفاصيل ص 7 ورصد المعنيون خطوات عدة من حزب الترابي دللت على علامات اضطراب تمثلت في الاصرار في البداية على عدم التفاوض قبل اطلاق الترابي باستخدام عبارة "رفض حوار السجين والسجان". وفي وقت لاحق قبل نناطق باسم هيئة القيادة التفاوض مع الوفد وقال انها اقرت النقاط التسعة التي اقترحها الوسطاء. وفي الوقت ذاته طرح الترابي من سجنه تعديلات على النقاط ثم عادت القيادة للاجتماع مجدداً واعدة بقبول المقترحات. ولم يختلف موقفا الترابي والقيادة من المسألة المركزية المتعلقة بالاتفاق مع قرنق لجهة عدم التراجع عنه، لكن ممثل هيئة القيادة محمد الحسن الامين قال ان هيئة القيادة تقبل التوصيات مع تقديم تفسير للاقتراح المتعلق بالتراجع يعتبر انه لا يتعلق بما تم التوقيع عليه مع قرنق حتى الآن. وقال هؤلاء ان تياراً في الحكومة اقنع القيادة بدعوة الوفد الى السودان في الاصل لكن الرئيس الذي قابل الوفد سارع الى اعلان فشل الوساطة قبل منحها الفرصة الكافية. ويضيف هؤلاء ان الحكومة تراجعت في وقت لاحق عن تصريحات البشير وقبلت اقتراحات الوسطاء. غير ان الامين العام للحزب الحاكم الدكتور ابراهيم احمد عمر اعلن بعد ذلك وصول الوساطة الى طريق مسدود على رغم قبول الحكومة المقترحات. ويلاحظ ان الحكومة كررت المطالبة بمشاركة الترابي في المفاوضات على رغم انه سجين لديها بتهم محددة وسمحت للوفد بزيارته في زنزانته مرات عدة وطالبت الوسطاء بالحصول على توقيع منه ما فسر انه ضغط على سجين. وجاءت الخطوة الاخيرة باعتقال قياديين في الحزب وفض اجتماعه في وقت كان يناقش طلباً من الوسطاء الذين نزلوا ضيوفاً على الحكومة. وفسر المراقبون ذلك بانقسام في وجهات النظر داخل الحكم ازاء مسألة الترابي.