يركز مهندسو الكومبيوتر والخبراء السوريون جهدهم، في مجال صناعة البرمجيات وتجميع الحواسيب، في محاولة لدخول عالم التكنولوجيا الرقمية. وعلى رغم العقبات الكبيرة التي تواجههم والتي تبدأ بقوانين حماية الملكية والرسوم الجمركية المرتفعة وتنتهي بالقيود التي تفرضها الولاياتالمتحدة في مجال نقل التكنولوجيا، يبدون تفاؤلاً بقدرتهم على النجاح. ويرى البعض في التفهم الحكومي لأهمية هذه الصناعة، شرطاً لنجاحها. وتنقسم صناعة التقنيات في سورية بين تجميع الحواسيب وصناعة البرمجيات. وتعتمد الأولى صناعة تجميعية تتفاوت بين ورش تصنيع منظمة، هي معامل صغيرة ترتبط بجهة خارجية او اكثر لاستيراد مكونات محددة من الحاسوب، ويؤدي الأمر الى تصنيع كومبيوتر مقبول من الناحية الفنية ورخيص الثمن نسبياً. ويقول عضو الجمعية المعلوماتية السورية الدكتور سامي الخيمي ان "هذا المستوى اعلى من مستوى الورش الفردية التي كثيراً ما تكون قائمة على مهندس أو فني او اثنين، فتشتري المكونات الحاسوبية المتوافرة في الاسواق والتي يأتي بها بعض التجار". ونشأت في سورية شركات محلية مجمعة مثل "شركة سكر للصناعات الالكترونية والمعلوماتية" التي تأسست عام 1992 بموجب قانون الاستثمار الرقم 10، وحصلت عام 1999 على شهادة المواصفات القياسية الدولية لنظام توكيد الجودة، وكذلك "شركة حمشو التجارية" التي نالت ترخيصاً لانتاج الحواسيب الشخصية والشاشات محلياً. وتهدف هذه الشركة الى ايجاد خط انتاج للحواسيب يكفي لتغطية حاجة السوق المحلية البالغة 40 الف جهاز سنوياً عبر تشغيل اليد العاملة الوطنية. فارق بين الأرباح الفردية ونمو التكنولوجيا ويقدر عدد الورش الفردية بنحو خمسة آلاف، تنتج الواحدة منها 20 حاسوباً سنوياً. ويقول الدكتور خيمي: "من الصعب تحديد عدد هذه الورش في دقة، لأن كل فني يبلغ سن الرشد الفني يعتقد انها وسيلة لتحسين مستوى دخله". ويقدر عدد الكومبيوترات المجمعة في هذين النوعين من الورش بنحو مئة الف سنوياً، ويبلغ عدد الاجهزة المستوردة خمسين الفاً تقريباً. وتعترض عمل الشركات المحلية مشكلات، منها الاسعار المرتفعة والتطورات السريعة المتلاحقة في مجال التقنيات والبرمجيات والأعطال الناجمة عن اجزاء مكونة مهرّبة، كثيراً ما تكون غير سليمة، اضافة الى الرسوم الجمركية المرتفعة، إذ يقسم الرسم على الكومبيوتر جزءين: الشاشة و"الهارد ديسك". وينبه الدكتور خيمي الى ان "الرسوم الجمركية في سورية وضعت قديماً، وعندما تقرر فرض رسوم على الكومبيوتر نظر اليه وكأنه مكون من جزء حاسوبي وجزء يشبه الأجهزة المعروفة مثل الشاشة". ويشير الخبراء الى ان تزايد عدد مصممي البرامج في شكل كبير في سورية في السنوات الاخيرة يستطيع معظمهم العمل على مشاريع فردية صغيرة، اساسها معالجة البيانات، يعود بأرباح مادية من دون ان يسهم في التطور العلمي والتكنولوجي. ويفصل هؤلاء بين تصميم البرمجيات وتكيفها، والبرمجيات الجاهزة التي تطوّر محلياً. والأخيرة ضعيفة في سورية. وثمة اربع محاولات ناجحة في السوق السورية، او خمس، لانتاج برامج محاسبة. ويشير بعض خبراء المعلوماتية الى ان صناعة البرمجيات في سورية تحمل افاقاً ممتازة، لكن هناك ضرورة لمساعدتها من خلال اجراءات، أهمها تأسيس حاضنات تكنولوجية، وهذه تجربة رائجة في دول العالم المتقدمة والنامية على حد واحد وسواء. ماذا بعد خمس سنوات؟ أصدرت الحكومة أخيراً قانون حماية حقوق المبدعين والمفكرين في مختلف ميادين الأدب والعلم والفنون من أشكال العبث، سواء بالانتحال ام بالتشويه ام بالطمس ام بأي شكل من اشكال مس هذا الانتاج ونسبته الى صاحب الحق فيه. ويشمل نطاق الحماية خصوصاً البرمجيات الحاسوبية. ونصّ القانون على عقوبات تصل الى الحبس من ثلاثة أشهر الى سنتين، وغرامة مالية لا تقل عن 100 ألف ليرة سورية الفا دولار. ويلفت الخبراء الى ان صناعة البرمجيات هي وسيلة تستطيع بها الدول النامية التي تمتلك مخزوناً بشرياً كفيّاً، ان تحقق نجاحاً فيها. ويتمثل التحدي الحقيقي في تحقيق قفزة نوعية خلال وقت قصير، قد لا يتعدى السنوات الخمس. ولا تكف ادوات البرمجة عن التطور في اطراد، ما يجعلها معقدة اكثر فأكثر. وتقع ادوات البرمجة الاكثر تطوراً تحت سيطرة الدول الأكثر تقدماً، ما يجعلها تمسك مفتاح جعل اي صناعة برمجية في الدول الصغيرة غير مجدية اقتصادياً. ويؤكد المعنيون أن حظوظ سورية في مجال صناعة البرمجيات جيدة، شرط ان تنظر الجهات الحكومية الى صناعة برمجيات الكومبيوتر، باعتبارها احدى نقاط الاختراق الاقتصادي الذي يحمل امكان تحقيق نجاحات كبرى.