حرص رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود قبل انعقاد الجلسة الاسبوعية لمجلس الوزراء، على ابداء ارتياحه الى اللقاء الذي جمعه برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في قصر بعبدا أول من أمس. ونقل وزراء عنه قوله "إن الأجواء كانت ايجابية ومفيدة وان اللقاءات ستتواصل كلما دعت الحاجة". ولم يقتصر جو الارتياح الذي خلفه الاجتماع على وزراء ونواب مقربين من لحود وجنبلاط، بل شمل أيضاً مسؤولين سوريين كباراً واكبوا عن كثب التحضيرات التي سبقت اللقاء، فعبروا عن تفاؤلهم بإمكان طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة تترك آثاراً طيبة على الساحة اللبنانية، اضافة الى ما يترتب عليها من انفراج يتعلق بملف علاقة جنبلاط بسورية الذي سيشهد انفراجاً في الأيام المقبلة. وفي هذا السياق، قال نائب في اللقاء الديموقراطي النيابي ممن شاركوا في اجتماع ترأسه جنبلاط، وخصص للاطلاع منه على نتائج اجتماع بعبدا، ان "الأجواء التي سادته تجاوزت الحديث عن كسر الجليد والدخول في خطوات جدية نحو تطبيع العلاقة الى تبادل الود الشخصي الذي كان حاضراً في شكل لافت طوال اللقاء. وكادت هذه الأجواء تمتد أطول، لولا ارتباط رئيس التقدمي بموعد اضطره الى الاعتذار عن عدم تناول الغداء الى مائدة لحود". وأكد النائب ل"الحياة" ان لحود وجنبلاط "اتفقا على مواصلة اللقاءات، وأن اللقاء ساده جو من الصراحة المتناهية. إذ أبدى الأخير رأيه في كل القضايا المطروحة من دون مواربة، واستمع في المقابل الى وجهة نظر رئيس الجمهورية الذي وضعه في صورة ما حصل في الجنوب بعد تحريره من الاحتلال الاسرائيلي". ونقل النائب عن جنبلاط "أن لحود أبلغه ان لبنان رفض ان تفرض عليه سياسة الأمر الواقع لدى البحث في اعادة ترسيم الحدود تمهيداً لرسم خط الانسحاب المعروف بالخط الأزرق، ونجح في استيعاب كل الضغوط الدولية التي مورست عليه، وتمكن من استرجاع أكثر من 14 مليون متر مربع من خلال مطالبته بتصحيح الخروق خلافاً لما كانت تطرحه اسرائيل، فاضطرت الأممالمتحدة من خلال ممثليها الى الاعتراف للبنان بحقه في استعادة أرضه". ولفت الى أن لحود "تحدث عن الأسباب التي تحول دون انتشار الجيش اللبناني عند الحدود اللبنانية الاسرائيلية، مؤكداً لجنبلاط اصرار الدولة على حفظ الأمن من خلال القوة الأمنية المشتركة بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية". وبالنسبة الى الوضع الداخلي، أكد النائب أن جنبلاط حمل الى لحود نسختين عن بيانين وزعا في بيروت، مبدياً عدم ارتياحه الى مضمونهما والى مضامين مواقف أخرى أدت الى اشاعة جو من التشنج والتعبئة الطائفية. الصورة المشوهة وأكد جنبلاط أمام لحود "ان لا مصلحة في استمرار أجواء التشنج"، مشيراً الى "ان الحزب التقدمي كان طرفاً في الحرب اللبنانية الى جانب القوى الوطنية في مواجهة القوى اليمينية، لكنه لم يتذكر ان البلد عاش مثل هذه الأجواء التي نشهدها اليوم، خصوصاً بالنسبة الى ما تضمنته البيانات من حملات تحريض، وما انطوى عليه بعض التجمعات من مظاهر لم يألفها اللبناني، واعتقد انها اساءت الى سمعة لبنان في الخارج ونقلت صورة مشوهة عن الوضع". وشدد جنبلاط على أهمية تعزيز الثقة الخارجية بلبنان اضافة الى عدم السماح بتكرار حال الفلتان. وإذ أبدى عدم رغبته في القيام بدور وسيط أو محاور، في ما هو مطروح داخلياً، أكد في المقابل أن منطقين بالمعنى السياسي للكلمة أخذا يتحكمان بالشارع: الأول يدعو الى بقاء الانتشار السوري بالكامل على الأراضي اللبنانية، والثاني يطالب بخروج الجيش السوري بالكامل من لبنان. وأضاف ان المواقف أصبحت معروفة على هذا الصعيد "ولسنا في حاجة الى تكرارها وقد أحدثت فرزاً بين اللبنانيين ولا يستطيع أحد سوى الدولة وتحديداً أنت يا فخامة الرئيس القيام بدور فاعل يرعى الحوار بينهم". وحدك القادر وتابع جنبلاط: "لا أغالي اذا قلت ان هناك "نقزة" بين المسيحيين، وأظن أنك وحدك قادر على الامساك بزمام المبادرة بغية تحضير الأجواء أمام اطلاق حوار في القضايا المطروحة، المحلية منها والخارجية، خصوصاً أن المواقف أصبحت واضحة ويترتب عليكم وبواسطة الحوار استخلاص المنطق الذي قد يتعارض مع هذين المنطقين". ورد لحود مؤكداً رغبته في اطلاق الحوار، مشيراً الى ان زيارته الى البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير غداً الأحد لن تقتصر على تهنئته بحلول عيد الفصح المجيد، وإنما ستشكل فرصة لتبادل الرأي في الأوضاع العامة. وأكد لحود ان الحوار ضروري وأكثر من مطلوب ولكن لا يجوز أن يقوم تحت الضغط، غامزاً من قناة أطراف استعجلوا في اثارة موضوع الوجود السوري فور تحرير الجنوب، ورفضوا اعطاء الحكومة - ولو فرصة قصيرة - لتوفير المناخ الذي يساعد على الالتفات الى المشكلة الاقتصادية والاجتماعية. وانتهى اللقاء الى تأكيد لحود نية الدولة فتح حوار هادئ قد يسهم في التأسيس لمرحلة سياسية جديدة يغلب عليها الانفتاح والتهدئة في طرح كل ما يتعلق بملف العلاقات اللبنانية - السورية.