} فيما بدأ الجيش التركي إجراءات محاكمة نائب في حزب "الفضيلة" بسبب تصريحات اعتبرتها القوات المسلحة مهينة وتناولت الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، ارتفع عدد الوفيات بين السجناء اليساريين المضربين عن الطعام في السجون التركية الى 11 خلال اربعة أيام فقط. توفي 11 سجيناً يسارياً تركياً وبات 96 اخرين مهددين بالمصير نفسه وهم من بين 500 بدأوا اضراباً عن الطعام قبل 177 يوماً احتجاجاً على سوء أوضاعهم، وللمطالبة بالغاء محاكم أمن الدولة، وبمساحة أكبر من حرية الفكر والتعبير، واستمروا في اضرابهم على رغم عملية أمنية دهمت خلالها قوات الشرطة والجيش، في كانون الأول ديسمبر الماضي سجونهم ونقلتهم الى سجون انفرادية جديدة، تبدو كتوابيت على حد وصف احدى الصحف التركية. وتشير التقارير الطبية الى ان المساجين ال 96 في حال حرجة، وتستحيل بعد الآن عودتهم الى حالهم الطبيعية، بعدما ضمرت عضلاتهم ودخلوا في ما هو أشبه بالحياة النباتية. وحذرت نقابة الأطباء من حدوث وفاة جماعية مفاجئة لهؤلاء السجناء الذين يعيشون منذ حوالى ستة أشهر على الماء والسكر وبعض الفيتامينات، ولم يتراجعوا. ووجه حزب الحرية والتعاون اليساري انتقادات لاذعة الى الحكومة وحملها مسؤولية وفاة السجناء، مشيراً، في بيان، الى ان وزارة العدل اكتفت بنقل السجناء وتفريقهم بعضهم عن بعض، لكنها تجاهلت تنفيذ تعهداتها تحسين ظروف معاملتهم، أو اخضاع سجونهم لرقابة من طرف ثالث محايد، يضمن عدم تعرضهم للتعذيب الجسدي أو النفسي. وفي المقابل، أكد وزير العدل حكمت سامي ترك انه لن يفاوض السجناء، واكتفى بالقول إنه سيجري تحقيقاً في الأمر ويعاقب المحرضين على هذا الاضراب من الزعماء اليساريين الذين حملهم مسؤولية وفاة زملائهم. وأعلنت الحكومة التركية حظر اجراء مؤتمرات وتظاهرات أو تجمعات في احدى عشرة محافظة، منها اسطنبول وأنقره وازمير، بهدف السيطرة على الشارع، الا ان خمس عشرة جمعية ونقابة اعلنت انها ستنظم تظاهرة حاشدة اليوم السبت في اسطنبول للتعبير عن سخطها وغضبها، وانتقدت جمعيات أخرى قرار الحكومة ورفعت دعوى لإبطاله في المحكمة الدستورية العليا. وكان لقرارات المنع الاخيرة أثر ظاهر في هدوء الشارع التركي أمس، باستثناء سجال بدأ به حزب "الفضيلة" ضد الجيش. واصدرت قيادة الأركان التركية بياناً نددت فيه بتصريحات عكست "كراهية" أدلى بها نائب "الفضيلة" بكير صوباجي وشبه فيها الجيش التركي ب"جيوش الدول الديكتاتورية". وأكد البيان ان تركيا تحتاج الآن "أكثر من أي وقت مضى الى السكينة والهدوء". ولم ينس ان يذكر في الختام ان الجيش بدأ بإجراءات لمقاضاة هذا النائب على ما قاله. وجاءت تعليقات النائب صوباجي في كلمة القاها امام البرلمان، أول من أمس، عقب احتجاجات عنيفة في الشارع على الازمة المالية الحادة في تركيا. ونقلت عنه صحيفة "حرييت" اليومية قوله: "لا يمكن ان نقلل من شأن الناس في الشوارع. ويجب ان يتذكر اولئك الذين يثقون بالقوات المسلحة التركية ان القوات التي كانت تحمي الشاه الايراني والرئيس الفلبيني فرديناد ماركوس عجزت عن القيام بمهماتها". ويتضمن قانون العقوبات التركي بنداً يجرم "اهانة الجيش"، وقد وضع العشرات في السجن بموجبه. على صعيد آخر، أعلن المصرف المركزي التركي أن العجز في الميزان التجاري بلغ 596 مليون دولار في كانون الثاني يناير الماضي، مقارنة ب131 مليون دولار في الشهر نفسه من العام 2000. يذكر أن العجز في الموازنة التركية، العام الماضي، بلغ 9760 مليون دولار. ويعود جانب كبير من العجز الذي عانته البلاد عام 2000، على رغم ارتفاعه، الى النجاح المبكر الذي حققته خطة مدعومة من صندوق النقد الدولي لمكافحة التضخم، وهي التي اسفرت في بعض الاحيان عن انخفاض أسعار الفائدة الحقيقية دون مستويات التضخم السائدة، وعن تنشيط الطلب الاستهلاكي على الواردات. وأفرغت تلك الخطة من مضمونها، من الناحية الفعلية، عندما عومت تركيا عملتها الوطنية في شباط فبراير الماضي في صورة أسفرت عن هبوط الليرة بنسبة 40 في المئة تقريباً في مقابل الدولار في نحو ستة اسابيع. ويتوقع محللون ان تساعد تلك الخطوة المصدرين وان تقلص الواردات. وأعلنت منافذ بيع الوقود في تركيا أمس انها رفعت اسعار البنزين ومنتوجات أخرى بنسب تتفاوت بين 9 و11 في المئة. وهذه الزيادات هي الأحدث في سلسلة زيادات حادة في الاسعار اعقبت الازمة المالية القائمة. وقالت رابطة تجار المفرَّق، في بيان، ان سعر البنزين الذي يحتوي الرصاص والبنزين الخالي من الرصاص سيرتفع بنسبة تتفاوت بين 7،10 في المئة و11 في المئة في اسطنبول وانقره ومدينة ازمير الغربية. وسترتفع اسعار زيت الوقود بما بين 1،9 و3،9 في المئة في تلك المدن، بينما سترتفع اسعار وقود الديزل بما بين 11 و1،11 في المئة. وتأتي هذه الزيادات بعد ارتفاع بلغ 20 في المئة في اسعار معظم المنتوجات النفطية في بداية نيسان ابريل الجاري.