نافذة ليل المدينة تنبض حياة غريبة يقظة كاتوديّة شظايا ليل لامرئيّة هذا المساء أنا على أوج الليل مرآة صمت في جلبة ما لا يسمّى ظهيرة لا شيء قبل الغسق نسيان الذات الذي لا غنىً عنه لتجاوز ليل الكلام الشارد أبيض هو الموت، دون شكّ نعم، أبيض مثل البشرة التي لم ترَ الشمس أبداً وتعبر الليلة سوداء، حالكة ثفل الحياة على الأرض زهرةٌ قصيّة منجم مباح لنسيانات متقزّحة أن أمضي الوقت، هذا النقص السقوف! أن أمشي في النشوة الرماديّة سقوف تُناوِشُها أدخنةٌ غسقيّة هذه التولة الدامية المعتمة على إدراكي المحفوف بهالة من برد أن أمشيَ، بهلوانةَ اللاشيء معلّقٌ على الذاكرة كجاروفة على القارب الموتُ هذه اليد الباردة الموضوعة بثقل شديد على ساعدي عيون حارقة شاخصة على ظهري عيون الرجال على امرأةٍ، على أيّة امرأةٍ تتعرّض للنظر عيون كَزَخَّةٍ على جفاف المدينة كلّ هذا النور في أناشيد الماضي كلّ هذا النور، صوَرٌ هاربة خطًى ذات آثارٍ لا تُمَسُّ تعميني وتكدّرني خطًى على طول ضفاف النهر اللاشفّاف للحياة التي تجري، هذا الحِبْر خطًى إلى إطار باب مشقوق على النور نهرٌ معطّر بالياسمين الغضِّ للّيل الخادِرِ خطًى حتّى عناق فجرٍ بارد الخدَّينِ وفي ضوئه نطاق الكينونة المحتوم إصرار النهار، فجأةً على معصميَّ شعاع شاحب يحيط بوحدتي ويَهدي جملتي أبعد فأبعد، الى ينابيع الليل عارية على السرادق المنصوب بينكِ وبين اغتصاب السماء جسد مفقود، جسد مشدود قربان حيّ الى معركة الكلام العاجز وهذا البياض القطبيّ لليالي الأصل المستبقاة في شهواتنا في هذا الغسق العكسيّ معيداً تكوين النهارات حتّى الليلة القاضية مطر الأدمع التي عادت لا تجيء وختمُ لحظة خارج الحاضر انطبع على جبيني رآني عاريةً، قرأني وليدة برد الليل أخذت اسماً، أخذت جسداً في عاصفة الضغائن على الجدار شفتاي الملتصقتان بملح الخِشْية حداد عينيّ الأبيض لم يعد له دمع ملجومة بفظاعة النصِّ المسجّل في نار نفْسي من قال من قال من قال هذا؟ في كذب القول بحثت عن حقيقة الموت حقيقة ليل تحت أسمال النور في نداء الكلمات الحيّة أَنْحَلُّ الموسيقيّ العجوز يتنشّق مطراً أسوَدَ أيّ باكيةٍ هكذا أغرقته تحت الدمع؟ يمضي، يمضي، يرشده الليل الرقص نسيان الجسد في نشوة الإيقاع ألمي المتحوِّل فضاءً بأعجوبة النفَس أقرأ وأعيد الزمن المتروك هنا تقاسم صمتٍ مع مِيتات غابرة دموع مقطّرة في بوتقات من الطين اليابس تغرق شفتيّ المنحوتتين من عطش وَمُتَّقِدٌ النورُ حتّى في غياباته مطلقاً، يبقى، مرتصعاً بين شعارات الظلّ ونقيّاً كذلك، إنّه هذا الجرح حيث تشرد العين بعيداً، بعيداً جداً، عن صروح الظلمات الثقيلة بَريقٌ صامتٌ بين خطوتَيْ موتٍ حين كانت حياتها تنعقد في تجمّر الصخور العتيدة نتهامس كلماتٍ فقيدةً من لغةٍ ثكلى اسمعي كلمات ما قبل الخلق هذه التي ألألئ بها لياليك ترجمة وتعريف: جاك الأسوَد * شاعرة جزائريّة الأصل، ولدت في باريس في أيار مايو 1965. الليل السافر هو عنوان باكورتها الشعريّة الصادرة سنة 2000 عن دار إيديسيون آن مارج في كيبك كندا بإدارة الشاعرة أوغيت برتران. وإذا كان الغوص في بئر اللغة هو الذي يجعل الغنائِيّة الحديثة، بحسب تعبير جان - ميشال مولبوا، نقيضاً لطيران إيكار، فكيف ينفتح ليل هذه البئر كنافذةٍ أو يرتسم كمتاهات الحنّة، حجاباً يكشف ما يعجز السفور عن كشفه؟ أمّا امتداد داخليّ لنظرة الآخر الرجل: نظرة تنزل كالأذيّة، مثالها الثنائيّ التقليديّ، ثنائيّ العازف - الراقصة، قيد الزمنيّة على الموضوع اللازمني للشهوة. وإمّا امتداد خارجيّ للذات: مرآة سوداء لعرسٍ نرجسيّ أو مثليّ... مع الأنوثة اللازمنية. ليلها يجذب كمدىً استدلاليّ، خريطة طاقاتٍ لا تبدو فيها الأشياء إلا كأعراضٍ "تُنَجِّمُ" خُطوطَها.