أعلن البطريرك اللبناني الماروني نصر الله بطرس صفير، الذي يزور العاصمة الاميركية واشنطن في اطار جولته الرعوية للولايات المتحدة، ان "الدولة اللبنانية صنيعة الدولة السورية، لذلك فمن الصعب رسم العلاقات السورية - اللبنانية من خلال الحوار الرسمي بين الدولتين"، واشار الى ان الازمة الاقتصادية في لبنان هي "نتيجة ابتعاد المستثمرين بسبب عدم الثقة بالحكومة اللبنانية". وفي تقويم لنظرة الولاياتالمتحدة الى لبنان منذ زار واشنطن عام 1988 والتقى الرئيس الاميركي آنذاك، قال صفير ل "لحياة": "حين اتينا الى واشنطن عام 1988 التقينا مسؤولين اميركين واعطونا تطمينات بأنهم مع لبنان واستقلاله وقراره الحر، لكن الامور بقيت على ما هي، على رغم انه منذ ذلك الوقت جاء اتفاق الطائف الذي قال ان الجيش السوري يبقى سنتين بعد توقيعه، ثم يعاد انتشاره الى البقاع. مضت عشر سنوات ولم يحدث شيء، بل على العكس ساءت الامور بالنسبة الى لبنان". وعن الاسباب التي تحول دون تطبيق اتفاق الطائف قال: "هناك من يقول ان الوضع لا يسمح الآن بتنفيذ البند المتعلق بالوجود السوري في لبنان لأن الامن يجب ان يسود في لبنان، وهذا لا يمكن ان يتم إلا برعاية سورية الى ما هنالك من أعذار، انا لست من هذا الرأي، فالطائف يجب ان يطبق لأنه تم برعاية دولية، ويجب وضع حد للوجود السوري في لبنان، ويجب ألا يكون هناك اي تدخل سوري في الشأن اللبناني". اضاف: "نحن لا نقول ذلك من اي موقع عدائي، يجب ان يكون هناك تنسيق بين لبنان وسورية على غرار ما يحصل بين الدول المتجاورة". ورداً على تصريحات سورية بأن تحديد العلاقات بين سورية ولبنان يتم عبر القنوات الرسمية، قال صفير: "هناك من يقول ان العلاقة يجب ان تكون بين دولتين وعلى المستوى الرسمي، هذا صحيح. ولكن عندما تكون الدولتان حرتين. إذا كانت دولة صنيعة دولة أخرى فلا يمكن ان نقول ان القرار يمكن أن يؤخذ بحرية تامة، وهذا هو الوضع اللبناني: الدولة اللبنانية هي صنيعة الدولة السورية". وعن زيارة الوزير السابق فؤاد بطرس الى سورية ولقائه مع الرئيس السوري وتوقيت الزيارة مع وصول البطريرك الى واشنطن، قال: "كان في نية الوزير بطرس ان يزور سورية منذ زمن بعيد، ولكنه انتظر او انهم لم يحددوا له موعداً. ماذا حدث؟ لا ادري. نحن موقفنا معروف ولا يمكننا ان نغيره الا اذا تغير الوضع". وقال صفير انه لم يتم اي اتصال بينه وبين بطرس بعد عودة الاخير من سورية. وبالنسبة الى الوضع الاقتصادي المتأزم في لبنان والجدل الحاصل عن تأثير الوضع في الجنوب وموضوع شبعا وعدم انتشار الجيش اللبناني بعد انسحاب اسرائيل والقول ان هذه من الاسباب التي تحول دون مجيء المستثمرين الى لبنان، قال صفير: "هذا ليس السبب الوحيد. نود لو ان انتشر الجيش وهذا ما نطلبه. هناك موضوع شبعا، ومنهم من يقولون انها للبنان ومنهم من يقولون انها لسورية، الامر ليس واضحاً. وكما لجأ لبنان الى الاممالمتحدة لرسم الخط الازرق بعدما انسحبت اسرائيل يمكن ان يلجأ اليها ثانية للتأكد مما اذا كانت شبعا لبنانية ام سورية. اما الاقتصاد عموماً فهو بائد لأن لا ثقة بالبلد، لا أحد يذهب لتوظيف امواله في لبنان، اللبنانيون في الخارج لديهم بلايين لكنهم لا يوظفونها في لبنان لأن لا يثقون بالقوانين أو بالاستقرار التشريعي، ولأن لبنان لا يستطيع ان يتخذ القرارات المهمة وحده". وعن الرأي القائل بتفضيل عدم اثارة الوجود السوري في لبنان بعد انتخاب آرييل شارون في اسرائيل، قال صفير: "هذا قول ما زلنا نسمعه منذ زمن بعيد وكلما تكلم احدهم بشيء يفيد لبنان قالوا أنه موحى من اسرائيل. طبعاً لاسرائيل اغراض في لبنان، ولكن ليس كل ما يفيد لبنان امر موحى به من اسرائيل. هذا غير معقول. هناك لبنانيون اصيلون يريدون خير لبنان ولكنهم ليسوا في الحكم". وعن امكان ان يزور سورية للقاء البابا عندما يزور الاخير سورية، قال صفير: "هذا امر لا يزال قيد البحث لنرى اذا كان لهذه الزيارة وقعها السلبي ام الايجابي على الرأي العام اللبناني". وعما اذا كان لمس تغييراً في التعاطي السوري في لبنان بعد وفاة الرئيس السوري حافظ الاسد، قال البطريرك الماروني: "أنا شخصياً لم ألحظ اي تغيير حتى الآن وعلى كل المستويات، هناك داخل سورية مسؤولون ابعدوا أو عادوا الى مواقعهم، نحن لا تعاطى بذلك فهو شأن خاص لكنه دليل الى ان شيئاً لم يتغير". وكان البطريرك الماروني فضل عدم زيارة وزارة الخارجية الاميركية ولقاء مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى نيد ووكر بعدما تعذر ترتيب مواعيد مع مسؤولين اميركيين كبار. وسئل هل يعتقد ان الديبلوماسية اللبنانية نصحت المسؤولين الأميركيين بعدم لقائه، قال صفير: "قد يكون ذلك صحيحاً لكن لا علم لنا بذلك".