يعتبر أسبوع الموضة في نيويورك الأهم عالمياً في عرض الألبسة الجاهزة التي تلائم النساء العاملات. ويتمثل الهدف الأوحد الذي يتوخاه المصممون في عرضهم هذا بإفهام مئات المحال الفخمة المنتشرة في أميركا بأنها كما المصممين تعيش من البيع. من هنا الطابع التسويقي لهذا المعرض. ولا يجد عمالقة الموضة هنا وقتاً للتسلية فإما يبيعون وإما يغرقون. من هنا اشتهرت مدينة نيويورك بصناعة الألبسة التي يرتديها العدد الأكبر من النساء من الطبقات والمستويات المختلفة نظراً الى النوعية الجيدة بأسعار في متناول الجميع. وعلى نقيض زملائهم في باريس لا ينفق المصممون في نيويورك المال على يد عاملة تضع الريش والكشاكش على أطراف الأثواب، لذا أزياؤهم أكثر عملية، تخاط في ساعات في دول العالم الثالث. من هنا ينتقدهم الأوروبيون معتبرين أنهم يصنعون موضة تفتقد الى الخلق والإبداع. لكن لذلك مبرراته، فالحياة في نيويورك باهظة وقاسية، هنا تخفض محال بيع الألبسة ميزانياتها، بينما ترتفع أسعار المواد الأولية في موازاة هبوب رياح الركود في هذا القطاع. وعلى نقيض دور الأزياء في إيطاليا وفرنسا، قلة هم المصممون الأميركيون على غرار كالفن كلاين ورالف لورين الذين يستمرون بالبيع في ظل التراجع الدراماتيكي لبيع الملابس. والحياة في نيويورك ليست عادلة لا سيما للمصممين الذين يشقون حياتهم المهنية حديثاً، ونسخ موديلات كريس وميغيل أدروفر هي الرائجة اليوم في موضة نيويورك بينما يتعرض سواها للفشل الذريع، لأن البارز هو افتقار هذه الموضة للمسة الفنية التي تتمتع بها موضة لندنوباريس. وإذا كانت الغرابة والإكزوتيكية التي تتميز فيها أزياء ألكسندر ماكوين وجون غاليانو لا مكان لها في الموضة الأميركية يبقى للأناقة والجمال موقعهما الأكيد. قد تبدو هذه الموضة كالحة لبعض منتقديها لكنها رائعة جداً بالنسبة الى نساء كثيرات. في أسبوع الموضة لهذا الموسم، تميز مارك جاكوب باستخدامه المواد الكلاسيكية: الميلتون الباراتيه والتويل وهي مواد تستعمل للمعاطف والسترات. واستوحى جاكوب موضة الخمسينات بالياقات والتنانير الفضفاضة والسترات الضيقة. ولاقت هذه المجموعة تجاوباً كبيراً لدى الشباب. ويبرز رالف لورين ومايكل كورس فرادة الأزياء الأميركية التي تتوافق مع العمل والمناسبات الخاصة في آن. أعاد لورين التركيز على ثياب مصممين من الماضي ونجح في ذلك. كل شيء في العرض كان جزءاً من لوحة متكاملة العناصر بألوانها وتناسقها الرائعين. التويد الأكثر أناقة والزينة البسيطة والمكثفة التي راقت لأهم العاملين في الموضة. وكان مايكل كورس أشد انتقائية، إذ استعمل الفرو المدموغ بالالوان على طريقة "ديازو"، الى المعاطف والمشالح التي تمت خياطتها من أقمشة متفرقة. مايسترو الموضة الأميركية الحديثة بين هونز صمم كما في كل موسم الثوب الأكثر شعبية في نيويورك. وتميز الثوب الشهير هذه المرة بالياقة العالية، والأكمام الطويلة واللون الرمادي الفضي، ووضع على الخصر زناراً نحيلاً ليعطي قطعة جديرة بمتحف وليس بخزانة! التناغم والسحر اللذين انبثقا من ثوب هونز، ناقضتهما الأزياء الفاضحة جنسياً التي صممتها داريل ك، وأثارت بتنانير الساتين القصيرة جداً والقمصان غير المتناسقة الألوان دهشة محبي الموضة إذ أظهرت المرأة في صورة بشعة جداً. خيبة امل اخرى سببتها آنا سو التي عادت بتصاميمها الى الماضي، وعوض ان تستوحي موضة اعوام الستينات والسبعينات، قامت بنسخها كما هي ومن دون أدنى تعديل!لكن المصممة دونا كاران ردت الإعتبار الى المصممات في ازيائها التي اعادت الى الأذهان صورة الأميركيين الأوائل والمهاجرين الإيرلنديين، من دون أن تتخلى عن صورة الأميركي المعاصر. إستعملت كاران في تصاميمها الجلد والألوان الحارة والبرونزية الجذابة. وأخيراً لاقت مجموعتا هلموت لانغ وكالفن كلاين نجاحاً كبيراً وهما اعتمدتا اللون الأسود فقط مع القصات البسيطة البعيدة من الفذلكة. واستعمل لانغ قماش الساتان الناعم، بينما آثر كلاين الجلد الجذاب والملائم للسيدات العاملات. اعداد: ميراي خليفة