} عمّ الاضراب الشامل أمس المدن والقرى العربية الفلسطينية لمناسبة الذكرى ال25 ل"يوم الأرض" وتخليداً للشهداء الذين سقطوا دفاعاً عما تبقى من أراضيهم في وجه آلة القمع والمصادرة الإسرائيلية. وشارك الآلاف من فلسطينيي المناطق المحتلة عام 1948 في تظاهرات ومسيرات شعبية حاشدة واحترمت قيادة شرطة إسرائيل التزامها عدم دخول المناطق العربية. شارك نحو 50 ألف فلسطيني أمس في التظاهرة المركزية في مدينة سخنين تلبية لدعوة لجنة المتابعة العليا لشؤون المواطنين العرب التي تمثل الحركات والتيارات السياسية الناشطة في الوسط العربي. وبرز بين الحضور قادة هذه الحركات والتيارات ووفد عن حركة "السلام الآن" الإسرائيلية التي تشارك للمرة الأولى في نشاطات ذكرى "يوم الأرض". كما حضر وفد عن أحرار الجولان السوري المحتل وعشرات الناشطين اليهود في الحزب الشيوعي الإسرائيلي. وقال الأستاذ الجامعي البروفيسور داني يعقوبسون، أحد قادة حركة "السلام الآن" ل"الحياة" إن حركته قررت المشاركة بعدما اكتشفت خطأها حين اعتقدت أن حصر نشاطها ضد الاحتلال الإسرائيلي ودعم عملية السلام سيحل المشاكل التي يعيشها المواطنون العرب في إسرائيل. وزاد أن الحركة ترى اليوم وجوب أن تناضل ضد الاحتلال وكأن التمييز ضد المواطنين العرب غير قائم وأن تناضل في الوقت نفسه ضد هذا التمييز وكأن الاحتلال ليس قائماً. وقال زميله لطيف دوري إن الحركة ترفع اليوم راية ضد التمييز العنصري والغبن التاريخي ضد المواطنين العرب، من دون أن تنسى مناصرة فلسطينيي الضفة والقطاع الذين يقاومون الاحتلال البغيض من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. وتحت أشعة الشمس الحارقة، شق المتظاهرون الشارع الرئيسي في مدينة سخنين التي ثكلت ثلاثة من أبنائها في "يوم الأرض" عام 1976، وروى اثنان من شبابها الأرض بدمائهما في الهبة الجماهيرية في تشرين الأول اكتوبر الماضي. وسار المتظاهرون يرددون هتافات تؤكد أولاً وحدتهم على اختلاف مشاربهم السياسية، ورفعوا شعارات تندد بسياسة المصادرة وتطالب بمساواة المواطنين العرب، وأعلنوا تضامنهم مع اخوتهم في الضفة والقطاع الذين يتعرضون للحصار التجويعي وآلة الحرب الإسرائيلية منذ سبعة أشهر. وهتف الآلاف: "من سخنين لبيروت، شعب حي لا يموت"، و"يا شارون اطلع برّه الأرض العربية حرة"، و"يا شهيد ارتاح ارتاح احنا حنكمل كفاح"، و"تحياتنا بحرارة لأطفال الحجارة"، و"ما بتنحل القضية إلا بدولة وهوية". ورفرفت أعلام فلسطين في سماء البلدة ورفع بعض المتظاهرين أعلام سورية والعراق، وهتفوا لوحدة عربية شاملة. وحلقت طيلة الوقت مروحية إسرائيلية في الأجواء. وفي ختام المسيرة، احتشد المتظاهرون في ساحة مدرسة وخطب فيهم رئيس البلدة المضيفة مصطفى أبو ريا، فدعا أولاً الحضور للوقوف دقيقة حداداً على أرواح الشهداء ثم أشاد بوحدة الصف الوطنية التي تجلت في التظاهرة. وقال إن "وحدة جماهيرنا شوكة في حلق الرجعية والصهيونية"، ثم ندد بسياسة القمع والتجويع التي تمارسها إسرائيل ضد أبناء الشعب الفلسطيني. وقال: "إن شعبنا ينشد الحرية قبل لقمة الخبز لا بد وان ينتصر". ودعا أبو ريا قادة الأحزاب السياسية العربية إلى عقد مؤتمر خاص في الأول من حزيران يونيو المقبل يحدد بوضوح معالم وحدة الجماهير العربية داخل إسرائيل كأقلية قومية في هذا الوطن. وتطرق أبو ريا إلى المخطط الجديد لترحيل فلسطينيي 48، فقال: "إننا سنعرف كيف نرد على كل مخطط ومحاولة من هذا القبيل". وخلال كلمته قام متظاهرون بحرق العلمين الإسرائيلي والأميركي. وشهدت بلدات عربية أخرى تظاهرات مماثلة وشارك الآلاف في مسيرتين حاشدتين في قرية كفر كنا الجليلية وبلدة راهط في النقب، وتم أيضاً غرس الآلاف من اشتال الزيتون في أراضي الروحة قرب مدينة أم الفحم في المثلث التي حاولت الحكومة مصادرتها قبل عامين، لكن أصحابها نجحوا في استردادها بعد مواجهات عنيفة مع الشرطة. وأفادت الاذاعة العبرية ان متظاهرين في كفر كنا رفعوا أعلام "حزب الله". وفي حين امتدح قائد شرطة الجليل "سلوك العرب"، أكد قادة المواطنين العرب أن الهدوء الذي ساد الوسط العربي أمس يؤكد أن المواجهات التي حصلت في الماضي نجمت عن استفزازات الشرطة للمتظاهرين.