شارك الآلاف من فلسطينيي 1948 أمس في تظاهرة احتجاجية كبرى قبالة المكاتب الحكومية ودار القضاء في مدينة بئر السبع في النقب (جنوب إسرائيل) التي دعت إليها «لجنة التوجيه لعرب النقب» ضد المخطط الحكومي الرسمي المعروف ب «مخطط برافر – بيغين» لاقتلاع أكثر من 30 ألف عربي من بدو النقب من أراضيهم لمصادرتها لمصلحة الدولة العبرية. كما عمّ الإضراب الشامل بلدات النقب بمؤسساتها الرسمية ومدارسها ومحالها التجارية. وانطلق المتظاهرون من السوق البلدي في المدينة وصولاً إلى المكاتب الحكومية، تقدمهم قادة الأحزاب والحركات السياسية العربية وممثلوها في الكنيست الإسرائيلية على مختلف أطيافهم. وحمل المتظاهرون لافتات تؤكد رفض أهل النقب اقتلاعهم من أرضهم التي سبق للحكومات السابقة أن سلبت معظمها لتقيم عليها مستوطنات يهودية. وهتفوا: «الشعب يريد إسقاط برافر»، و «بالروح بالدم نفديك يا نقب» وغيرها من الشعارات التي أكدت تمسك عرب الداخل بأرضهم ورفضهم مختلف الإغراءات الحكومية للتنازل عنها. وألقيت كلمات كثيرة أجمعت على وجوب مواجهة المخطط الاقتلاعي الجديد باعتباره «معركة وجود وبقاء» للأقلية العربية. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن المتظاهرين، وبينهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال، شاركوا في المسيرة، فيما تغيب 85 ألف طفل بدوي عن المدرسة في إطار الإضراب العام. وكانت «اللجنة الوزارية لشؤون التشريع» صادقت قبل أسبوعين على مشروع قانون يقضي باقتلاع أكثر من 30 ألف عربي من النقب من نحو 20 قرية «غير معترف بها» لتوطينهم في مدن بدوية أقامتها إسرائيل في سبعينات القرن الماضي، وذلك بغية الاستيلاء على أراضيهم. ويعيش حوالى 160 ألف من البدو في إسرائيل أكثر من نصفهم في قرى في صحراء النقب ولا يستفيدون من الخدمات البلدية مثل المياه والكهرباء، لأن السلطات الإسرائيلية لا تعترف بهم. ويعيش أهالي النقب منذ سنوات كثيرة هاجس التعرض إلى نكبة أخرى بعد نكبة عام 1948 التي شهدت تهجير عشرات الآلاف منهم إلى الدول العربية المجاورة والاستيلاء على أراضيهم لإقامة مستوطنات. ونجا نحو عشرة آلاف من هذه العملية، لكنهم لم يفلتوا من جريمة ترحيل خارج أراضيهم إلى أنحاء أخرى في النقب. ورأت منظمات حقوقية أن إقرار اللجنة الوزارية المخطط الجديد «بشكل شبه سري» وربط المسألة «بالمشاكل الإقليمية الساخنة» يؤشر إلى أن إسرائيل تعتبر قضية أراضي البدو «مسألة أمنية» لا مسألة مدنية صرفة تستوجب الحسم الفوري. كما اعتبرت تنفيذ هذا المخطط في حال إقراره بالقراءات الثلاث في الكنيست، بمثابة «نكبة جديدة لفلسطينيي النقب». وحذرت المواطنين من الوقوع في فخ الإغراء الحكومي ببعض المال في مقابل التنازل عن الأرض. وكان المحامي شحدة بن بري كشف قبل يومين عن وثيقة تؤكد خطورة المخطط الحكومي ضد عرب النقب، إذ تبين أن على المتقدمين لعطاءات لإقامة تجمعات سكنية للبدو الالتزام بالحفاظ على سرية بعض بنود العطاءات باعتبارها «أسراراً أمنية» وأن من يكشفها سيحاكم بتهمة ارتكاب مخالفة ضد «أمن الدولة».