وصلت المفاوضات المتعلقة بمشروع قرار لمجلس الأمن في شأن حماية للمدنيين الفلسطينيين إلى مرحلة "عض الأصابع"، في سباق اللحظات الأخيرة قبل افتتاح القمة العربية في عمّان اليوم. واحتدمت المعركة في مقر الأممالمتحدة، كما في العواصم، لبت مصير مشروع قرار تبنت تقديمه إلى التصويت الدول السبع غير المنحازة وجاء نتيجة مفاوضات مكثفة مع الدول الأوروبية، وبقي محور غموض لجهة الموقف الأميركي منه. وكان مرجحاً طرح المشروع للتصويت في ساعة متقدمة ليل أمس، ولكن بقي احتمال تأجيل التصويت وارداً، رهن قرارات العواصم والضغوط السياسية. وتبنت الديبلوماسية الفلسطينية والعربية استراتيجية استبدال المشروع الأصلي الذي قدمته الدول غير المنحازة بمشروع قرار أوروبي معدّل من مجموعة عدم الانحياز، لضمان حصوله على الأصوات التسعة الضرورية لتبنيه في المجلس، إذا لم يواجه "فيتو" أميركياً. وقالت مصادر روسية إن موسكو مستعدة لدعم المشروع الجديد، فيما توقعت مصادر فلسطينية دعم الدول الأوروبية الأربع المشروع، لا سيما إذا حذفت منه عبارة تشير إلى إمكان انشاء قوة مراقبة دولية لحماية المدنيين الفلسطينيين. وأفادت المصادر الفلسطينية عن استعداد لحذف هذه العبارة، إذا ضمنت امتناع واشنطن عن التصويت على مشروع القرار بدلاً من استخدام "الفيتو" ضده. لكن مصير المواقف الأوروبية والأميركية بقي غامضاً، علماً أن النص الأوروبي للمشروع، قبل ادخال تعديلات مجموعة عدم الانحياز، عمل على أساس الاجماع في مجلس الأمن. وبعدما تبنته الدول غير المنحازة، بتعديلاتها، تراوحت مواقف فرنسا وبريطانيا والنروج وايرلندا بين الدعم والامتناع، فيما تراوح الموقف الأميركي بين الامتناع واحتمال استخدام "الفيتو". وبحسب نص مشروع القرار "يطلب مجلس الأمن من الأمين العام للأمم المتحدة أن يتشاور مع الأطراف في شأن خطوات فورية وجوهرية لتنفيذ هذا القرار وان يقدم تقريراً إلى المجلس في غضون شهر، ويعرب عن استعداد المجلس لاتخاذ اجراءات بعد تسلم التقرير، لإنشاء الآلية المناسبة لحماية المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك انشاء قوة مراقبة تابعة للأمم المتحدة". وبقي وارداً حذف "بما في ذلك انشاء قوة مراقبة" تابعة للمنظمة الدولية قبل التصويت. ويتضمن مشروع القرار دعوة إلى "الوقف الفوري لكل أعمال العنف والاستفزاز والعقاب الجماعي"، و"العودة إلى المواقع والترتيبات التي كانت قائمة قبل أيلول سبتمبر" الماضي. ويدعو حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية إلى "التنفيذ الفوري، بلا شروط مسبقة، للتفاهمات التي تم التوصل إليها في قمة شرم الشيخ" في تشرين الأول اكتوبر الماضي، ويحض على "استئناف المفاوضات ضمن عملية السلام على الأسس المتفق عليها، مع الأخذ في الاعتبار التطورات الايجابية السابقة في المفاوضات بين الطرفين". كما يحضهما على التوصل إلى اتفاق نهائي على كل المسائل "على أساس الاتفاقات السابقة بهدف تنفيذ القرارين 242 و338". وبموجب مشروع القرار يعرب مجلس الأمن عن "القلق البالغ من نشاطات الاستيطان الأخيرة، خصوصاً القرارات الأخيرة بتوسيع مستوطنة جبل أبو غنيم، ويدعو إلى وقف كل نشاطات الاستيطان" ويطالب الأطراف المعنية باتخاذ الخطوات الفورية الآتية: أ- استئناف الاتصالات على كل الأصعدة لتنفيذ الالتزامات المتبادلة، بما فيها تلك المتعلقة بالحقل الأمني، التي تعهدها الطرفان. ب - انهاء كل اجراءات الاغلاق في الأراضي الفلسطينية المحتلة للسماح باستئناف النشاطات العادية اليومية كاملة. ج - تحويل إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية كل المداخيل المستحقة. د - اتخاذ اجراءات بناء ثقة إضافية من الطرفين، بما في ذلك اصدار بيانات واضحة تدعم الالتزامات في شرم الشيخ وفي هذا القرار. كما يعرب المجلس عن "الدعم الكامل" لعمل لجنة تقصي الحقائق التي انشأتها قمة شرم الشيخ، ويدعو كل الأطراف إلى "التعاون الكامل معها" ويناشد الأسرة الدولية المانحة تقديم كل المساعدات الممكنة الاقتصادية والمالية بسخاء، لمساعدة الشعب الفلسطيني. ويواجه المشروع اعتراض الوفد الأميركي على تفاصيل عدة فيه، خصوصاً ما يتعلق بالمستوطنات التي لا يريد ذكرها في هذا القرار. لكن الرغبة الأميركية لتجنب استخدام "الفيتو" كانت واضحة في انخراط الوفد في المفاوضات المكثفة تفادياً لتوجيه رسالة سلبية إلى القمة العربية. وفي الأراضي الفلسطينية جرحت القوات الإسرائيلية أمس بالرصاص خمسة متظاهرين فلسطينيين في اريحا خلال تظاهرة احتجاج على الحصار الاسرائيلي للمدينة. واصاب جنود اسرائيليون فلسطينياً سادساً بجرح خطير في قطاع غزة عند معبر المنطار. وأعلن ناطق باسم الجيش الاسرائيلي مقتل طفلة اسرائيلية واصابة والدها، المستوطن، برصاص فلسطينيين في حي استيطاني يهودي في مدينة الخليل. وأوضح الجيش انه رد باطلاق النار على المهاجمين في حي ابو سنينة في المدينة. وأفاد شهود ان الجيش الاسرائيلي استخدم اسلحة ثقيلة ضد هذا الحي، وأوقع جريحاً فلسطينياً على الأقل.