الظلم إن استمر دمر، هذا ما فهمه الأوروبيون وقبلهم كثيرون، إلا أن الأوروبيين تأخروا كثيراً في التسليم بهذه البديهية، وبدؤوا يراجعون موقفهم من ضرورة المساعدة على تحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الذي تعرض للظلم أكثر من نصف قرن وعقد من الزمن، ظلم تمثل في حرمانهم من وطنهم ومنحه إلى قوم غرباء، ومع هذا فقد ساعد الأوروبيون وبالذات الغربيون منهم على ترسيخ هذا الظلم والإبقاء عليه، فلولا وقوف الأوروبيين الغربيين ومن بعدهم الأمريكيون لما استمر الإسرائيليون يحتلون أراضي الفلسطينيين بعد أن ضموا ما تبقى للفلسطينيين من أقل من نصف وطنهم بعد التصويت الجائر من قبل الأممالمتحدة عام 1948 والذي منح الإسرائيليين (وطناً) قومياً على نصف الوطن الفلسطيني، وبمساعدة الأمريكيين على احتلال النصف الآخر من الوطن الفلسطيني في 5 حزيران من عام 1967م. يقظة الضمير الأوروبي والذي تمثلت في سلسلة من التوصيات التي وجهتها البرلمانات الأوروبية لتتوج أمس الأربعاء بتصويت مؤيد من قبل البرلمان الأوروبي يطالب به الحكومات الأوروبية الاعتراف بالدولة الفلسطينية، هذه اليقظة التي تكمل دائرة التأييد الدولي لهذا الاستحقاق الفلسطيني إذ لم يتبق سوى القليل والقليل جداً من الدول التي تتلكأ في الاعتراف بالحق الفلسطيني المشروع. وهذا ما شجع الفلسطينيين على تقديم مشروع قرار للمطالبة بحل عادل للقضية الفلسطينية ينهي الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية وإعلان الدولة الفلسطينية. مشروع القرار الفلسطيني المدعم بالمساندة والتبني العربي والمؤيد أيضاً بالمساندة الفرنسية التي أدخلت تعديلات على بنود القرار استجاب لها الفلسطينيون، وسيقدم ب(اللون الأزرق) والذي يعني أنه سيكتسب الصفة الاعتبارية ويخضع للتصويت وتكون نتيجته ملزمة للأسرة الدولية. وينص مشروع القرار الذي قدمته مندوبة الأردن أمس بوصف الأردن العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن على: 1 - إجراء مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تحت مظلة دولية، وليس أمريكية فقط بمشاركة الأطراف المعنية والدول العربية للتوصل إلى حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية ضمن حدود عام 1967م. 2 - وضع جدول زمني لمدة عام واحد كحد أقصى لإنهاء المفاوضات وعامين لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. مشروع القرار العربي المنقح فرنسياً يحظى بتأييد أوروبي وصيني وروسي ومرحب به من جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، ومع أن هناك تحفظات أمريكية، إلا أن الوزراء العرب ومنهم مسؤول ملف المفاوضات الفلسطيني الدكتور صائب عريقات قد لمسوا عدم جدية الممانعة الأمريكية وأنهم إن لم يصوتوا على مشروع القرار ويكتفوا بالامتناع عن التصويت فإنهم لن يجازفوا باعتراض مشروع القرار باستعمال (الفيتو) لأن هذا السلوك الأمريكي لا يغضب العرب والفلسطينيين فقط، بل سيحرج واشنطن كثيراً في علاقاتها مع حلفائها الأوروبيين الذين يؤيدون مشروع القرار بقوة خاصة بعد استجابة الفلسطينيين للتعديلات الفرنسية التي تمت بالتشاور مع الأوروبيين.