أجمعت كبرى الصحف الاسرائيلية التي صدرت أمس على ان رئيس الحكومة ارييل شارون حقق من زيارته للولايات المتحدة الأهداف التي وضعها، وفي مقدمها اعادة اعتباره الشخصي وتشويه صورة الرئيس ياسر عرفات لدى الادارة الاميركية الجديدة والرأي العام الاميركي. من جهته، أبلغ شارون وزراء حكومته أنه أوعز لجهات الأمن بانتهاج سياسة أكثر صرامة ضد منفذي عمليات عسكرية ضد اسرائيل ومن يقف وراءهم. في معرض تلخيصه لزيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون لواشنطن، كتب المعلق السياسي في صحيفة "هآرتس" ألون بن ان من أنتظر رؤية شارون آخر يختلف عن شارون الماضي غير البعيد سيصاب حتماً بالخيبة "وأخطأ من ظن انه سيرى على كرسي الحكومة شارل ديغول أو ريتشارد نيكسون بطبعة اسرائيلية". وزاد ان شارون، خلافاً لسلفه في زعامة ليكود والحكومة بنيامين نتانياهو، لم يبحث عن تبريرات لإقامة مستوطنات جديدة في جبل أبو غنيم أو المس بحقوق الانسان الفلسطيني انما اعترف امام مضيفيه بان الهدف من المستوطنات الجديدة منع تواصل جغرافي بين بيت لحم وبيت ساحور وبين الاحياء العربية في القدس. وتابع بن ان "شارون ليس معنياً بالتوصل الى اتفاق مع الجيران يتطلب بطبيعة الحال تنازلات عن أراض"، ومن هنا سعيه للحصول على تأييد اميركي لموقفه عدم التفاوض مع الفلسطينيين حتى وقف الانتفاضة، وهو الموقف ذاته الذي يتبعه في شأن المفاوضات مع سورية. ورأى حيمي شليف، المعلق السياسي في "معاريف" ان شارون ترك انطباعاً، بل لم يسع لإخفائه، بانه معني بدق أسفين بين الولاياتالمتحدة والعالم العربي بهدف اقامة جبهة استراتيجية موحدة مع الولاياتالمتحدة توجه ضد العالم العربي. ويوافق شليف في ذلك زميله من "هآرتس" الوف بن الذي كتب يقول ان شارون هاجم بشدة الدول العربية المجاورة باستثناء الأردن "نظراً لأهمية المملكة استراتيجياً". واضاف ان شارون وصف الرئيس ياسر عرفات ب"الارهابي" الذي يسعى لتدمير اسرائيل وتقويض الاستقرار في المنطقة، ورأى في الرئيس بشار الأسد "راعي الارهاب في لبنان" وفي مصر عائقاً في طريق العملية السلمية وبلدا يقود المقاطعة العربية، وأبدى قلقه من تعاظم قوة العراقوايران العسكرية. ولفتت الصحف الى ان شارون أولى في محادثاته في واشنطن "الخطر الذي تشكله ايران على اسرائيل" اهتماماً بارزاً وانه عرض امام الرئيس جورج بوش والمستشارة للامن القومي كوندوليزا رايس قائمة تفصيلية بالعتاد العسكري الذي تنقله طائرات ايرانية الى مطار دمشق ومنه الى لبنان، يشمل صواريخ "لاو" و"آر.بي.جي" وكاتيوشا وصواريخ بعيدة المدى بمقدورها ان تصل الى مركز اسرائيل. وابلغ شارون مضيفيه ان ارسال الأسلحة يتم بإشراف ايراني مباشر، اضافة الى قيام ايران بتدريب عناصر "حزب الله" على هذه الأسلحة للقيام بعمليات عسكرية ضد اسرائيل. وقال شارون في مقابلة مع صحيفة "معاريف" امس ان ايران جعلت من لبنان مركزاً للارهاب الدولي وان "نشاطها الارهابي هذا يتم بتنسيق وتعاون كاملين مع سورية التي تدعم المنظمات الارهابية"، وانه من دون دعم سورية لما كان باستطاعة ايران تزويد "حزب الله" بعتاد عسكري. وزاد شارون ان ايران كثف العام الماضي نشاطها عبر تسيير جسر جوي من طهران الى دمشق. ورداً على تصريحات الرئيس حسني مبارك انه اذا صحت الأنباء التي أفادت ان شارون دعا خلال لقائه اعضاء الكونغرس الى وقف المعونة العسكرية لمصر فسيعتبر مبارك موقف شارون عدائياً، جدد رئيس الوزراء امس نفيه هذه الانباء، متهماً اذاعة الجيش بعدم الدقة في اقتباس أقواله. وقال انه يرى في مصر الدولة الأكثر أهمية في المنطقة. ولهذا الغرض التقى السفير الاسرائيلي في القاهرة تسفي مزئيل مساعد وزير الخارجية المصري محمد العرابي وابلغه نفي شارون للانباء، مؤكداً ان رئيس الحكومة يشيد بأهمية الدور المصري في العملية السلمية. وكان وزيرالخارجية المصري عمرو موسى صرح قبل توجهه الى عمان امس: "ان مصر ستتخذ من المواقف ما يتناسب مع الموقف الذي عبر عنه شارون فعلا"، متوقعا ان تكشف التقارير التي سترد من السفارة المصرية في واشنطن حقيقة ما جرى. واضاف: "لدينا الكثير لنقوله عن تسليح اسرائيل وعن التهديد الذي يشكله ذلك لاستقرار المنطقة واستخدام الاسلحة ضد المدنيين الفلسطينيين". الى ذلك، بثت الاذاعة العبرية الرسمية امس ان شارون أصدر تعليماته لقادة الجيش واجهزة الأمن لتفادي تصعيد في المواجهات مع الفلسطينيين في الأيام المقبلة خلال انعقاد القمة العربية في عمان واحياء الذكرى ال 25 ليوم الأرض. وقالت الاذاعة ان شارون، بعد ان التقى رئيس أركان الجيش ومسؤولي الاستخبارات العسكرية، خرج بانطباع ان لا تغيير في القرار الاستراتيجي للرئيس الفلسطيني مواصلة "اعمال العنف والارهاب". ونقلت الاذاعة عن مصدر في ديوان شارون قوله انه أوعز الى أركان الأمن "بتجاوز الشهر الجاري بسلام"، وفي الوقت ذاته ملاحقة رجالات السلط ومنفذي الهجمات. ونقلت "هآرتس" ان الوزراء الذين التقاهم شارون فور عودته واطلعهم على نتائج زيارته فهموا من أقواله انه ينوي انتهاج سياسة عسكرية أشد صرامة ضد الفلسطينيين "في اعقاب تصعيد العمليات الارهاب ضد أهداف اسرائيلية اخيرا" دون ان يخوض في طبيعة التصعيد. والخطوات التي سيبادر اليها.