استبعدت مصادر سياسية وأمنية اسرائيلية رفيعة المستوى ان ينتهي الاجتماع الخاص الذي كان مقرراً ان يعقده رئيس الحكومة ارييل شارون، في ساعة متقدمة من ليل الخميس - الجمعة مع خمسة من كبار وزرائه وقادة اجهزة الأمن المختلفة، الى قرار يقضي بسحب فوري لقوات الاحتلال من المدن الفلسطينية التي اجتاحتها قبل اسبوع. وزادت ان شارون لن يقرر الانسحاب الفوري الا في حال تبين له ان الاجهزة الأمنية أنهت المهام التي كلفت بها، وفي حال تلقي التزاماً واضحاً من السلطة الفلسطينية بالقيام بنشاط واضح لمحاربة ما يسميه "منظمات الارهاب" واعتقال قتلة الوزير رحبعام زئيفي وتسليمهم الى اسرائيل. وسبق الاجتماع لقاء بين وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر وقادة الجيش بهدف بلورة موقف موحد يطرح في الاجتماع. وقالت اذاعة الجيش الاسرائيلي ان قادة الجيش ابلغوا وزير الدفاع بضرورة عدم الاسراع في الانسحاب "قبل اتمام المهام الملقاة عليهم وتحقيق أهداف الاجتياح". وزادت انهم أوصوه بالانسحاب تدريجياً من المناطق التي يسودها الهدوء، مشيرين الى ان محاولاتهم التفاوض مع قادة الاجهزة الأمنية الفلسطينية على "انسحاب متفق عليه" لم تنجح. وكانت الاذاعة ذكرت ان قيادة الجيش اقترحت على الفلسطينيين ان يلتزموا فرض سيطرتهم على المناطق التي يتم اخلاؤها على غرار الاتفاق الذي تم مقابل الانسحاب من بيت جالا والخليل قبل اسابيع. وأعلن وزير الدفاع ان قواته لن تنسحب اذا لم يتحقق الهدوء، واذا لم يتبين بشكل قاطع ان الرئيس ياسر عرفات جاد في تنفيذ حملة اعتقالات ضد قادة "المنظمات الارهابية"، مشيراً الى ان "انذارات ساخنة بتخطيط هذه المنظمات لارتكاب عمليات عسكرية ضد اسرائيل ما يحول دون اتخاذ قرار بالانسحاب". ورأت الاذاعة العبرية في هذا التصريح مؤشراً إلى القرار الذي سيتخذه اجتماع المطبخ السياسي - الأمني. ونقلت الاذاعة عن أوساط قريبة من شارون قوله ان الرئيس الفلسطيني قادر على تقصير فترة بقاء قوات الاحتلال في المناطق أ في حال باشر بحملة الاعتقالات ومحاربة الارهاب وان اسرائيل ستقوم بهذه الاجراءات طالما لم يقم بها عرفات "والولاياتالمتحدة تبدي تفهماً لموقفنا هذا". ونوهت الاذاعة الى مساعي الولاياتالمتحدة لمنع انعقاد مجلس الأمن للبحث في التطورات في المناطق الفلسطينية. وانضم وزير الخارجية شمعون بيريز الى موقف شارون وبن اليعيرز وقال ان اسرائيل لا تخطط للبقاء فترة طويلة في المدن الفلسطينية وانها ستنسحب في حال أوفى الفلسطينيون بالتزامهم "اعلان المنظمات الارهابية غير مشروعة". ونفى بيريز الذي كان يتحدث في مطار تل ابيب فور عودته من اميركا، ان تكون واشنطن مارست الضغط على اسرائيل للانسحاب الفوري، وقال مستخفاً: "يتحدثون هنا عن حال حرب مع الولاياتالمتحدة، لكنني لم ألمس أوضاعاً كهذه في واشنطن". وقال بيريز ان الرئيس جورج بوش أجرى تعديلاً على التصريح الذي أدلى به نائب الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية عن ضرورة "الانسحاب الفوري"، مشيراً الى ان بوش استخدم عبارة "في أقرب وقت ممكن" وليس "فوراً" مضيفاً ان القصد من فوراً لم يكن في الناحية الزمنية انما في النيات الاسرائيلية. وتابع يقول ان التعديل الذي اجراه بوش لا يتعلق بعلاقات اسرائيل بالدول العربية انما بالاستراتيجية الشاملة للولايات المتحدة التي لا تبذل جهوداً كبيرة في حل مشكلة الشرق الأوسط انما تركزها في محاربة الارهاب. واضاف ان الولاياتالمتحدة لن تقدم اي تنازلات تجاه الفلسطينيين بل تطالبهم باعتقال الارهابيين. وكانت صحيفة "معاريف" نقلت امس ان الولاياتالمتحدة أبلغت بيريز التزامها بأنها ستتفرغ لمعالجة "حماس" و"حزب الله" بعد ان تنتهي معالجتها لبن لادن وتنظيم "القاعدة". خطة شارون وقالت صحيفة "هآرتس" امس ان شارون أعد خطة واضحة المعالم قد يعرضها على الرئيس الاميركي "في حال لم يوقف الرئيس الفلسطيني العنف والارهاب". وينطلق شارون من افتراض ان الرئيس الفلسطيني لا يريد تحقيق السلام انما مواصلة الكفاح المسلح كرافعة لتحقيق مكاسب سياسية ولذا سيسعى الى انجاز تفاهم مع بوش يقضي بتصعيد القمع الاحتلالي ضد الفلسطينيين. وحسب الصحيفة فإن شارون سيبلغ بوش انه يقترح استئناف المفاوضات السياسية على اساس خطتي "ميتشل" و"تينيت" ويشترط أي تقدم في المسار السياسي "بوقف تام للارهاب والعنف والتحريض الفلسطيني"، وسيقترح شارون، في هذه الحال، على عرفات تسوية مرحلية لحل النزاع تقوم على اقامة دولة فلسطينية من دون رسم حدودها النهائية "وذلك لأن المجتمع الاسرائيلي غير مقتنع بتسوية دائمة. كما ان عرفات ليس قادراً على انهاء النزاع مع اسرائيل". وتعتمد الخطة السياسية لشارون الركائز التالية: - تسوية مرحلية طويلة الأمد من دون تحديد جدول زمني وإجراء البت في قضيتي اللاجئين والقدس. - تقام الدولة الفلسطينية قبل حل المشاكل الأخرى. - تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، ويسيطر الجيش الاسرائيلي على حدودها مع مصر والأردن ويتمتع سلاح الجو الاسرائيلي بحرية التحليق في سماء فلسطين. وذكرت الصحيفة ان شارون سبق وابلغ بوش بتفاصيل خطته في لقائهما السابق وان الرئيس الاميركي استفسر عن مصير المستوطنات، واكتفى شارون بالرد انها "لن تشكل عائقاً".