سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لجنة ميتشل واصلت عملها بلقاء مع عرفات بعد بيريز والاستخبارات الاسرائيلية تنفي قرب "انهيار السلطة". الفلسطينيون يجددون مطالبتهم بحماية دولية وسط تشديد اسرائيل الحصار على مدنهم وقراهم
} جدد الفلسطينيون مطالبتهم لواشنطن بالضغط على حكومة ارييل شارون لرفع الحصار العسكري والاقتصادي المفروض على الاراضي الفلسطينية والذي يزداد أحكاماً يوماً بعد يوم، في الوقت الذي تشهد فيه الساحة السياسية معركة ديبلوماسية شرسة يحاول فيها الطرف الفلسطيني توفير حماية دولية للشعب الخاضع للاحتلال، بينما تحاول اسرائيل من جهتها منع هذه الحماية بكل الوسائل بما في ذلك احداث تغيير جذري في تقييمها "الاستخباراتي" لمدى سيطرة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات على الاوضاع. قالت مصادر فلسطينية مطلعة ان "اتصالات مكثفة تجرى وراء الكواليس" لترتيب زيارة سريعة للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الى البيت الابيض يلتقي خلالها الرئيس الاميركي جورج بوش، وذلك فيما يسعى الفلسطينيون جاهدين الى تأمين ارسال قوات حماية دولية لهم في ظل "استفحال العدوان الاسرائيلي" عليهم. وقالت المصادر ل"الحياة" ان زيارة ارييل شارون الى واشنطن ونتائج لقائه مع بوش حملت اكثر من جهة الى العمل لانجاز هذا اللقاء في اقرب وقت ممكن "على رغم عدم وجود ترتيبات مسبقة لذلك، بسبب ضرورتها الملحة في هذه المرحلة". ورفضت المصادر الاشارة الى طبيعة هذه الاتصالات. ويتزامن ذلك مع انتقاد السلطة الفلسطينية الشديد لدعوة الادارة الاميركية شارون لزيارة واشنطن ومطالبتها بالضغط على شارون لرفع الحصار المطبق على الاراضي الفلسطينية. وطالب نبيل أبو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني الادارة الاميركية "بالضغط على حكومة شارون لرفع الحصار الاقتصادي والعسكري المفروض على الشعب الفلسطيني ووقف النشاطات الاستيطانية" التي تشهد اقصى درجات الزخم في المرحلة الحالية. وانتقد ابو ردينة في تصريحات للاذاعة الفلسطينية بشدة دعوة الادارة الاميركية شارون لزيارة واشنطن "قبل ان يلتزم بالاتفاقات الموقعة". واضاف ان المطلوب "استقرار المنطقة وليس الهدف توفير الامن لاسرائيل فقط". ومن جانبه اكد امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس ابو مازن ان الادارة الاميركية الحالية تمارس ضغوطاً على السلطة الفلسطينية. وقال في تصريحات صحفية ان اميركا "تتخذ سياسة الى حد ما اسمها سياسة اللامبالاة المعلنة وذلك من خلال ترديد عبارات مثل نحن لا نستطيع ان نتدخل ما لم تلتق الاطراف وتبحث عن حل لهذا العنف... هذه كلها معروفة بانها ضغوط علينا من اجل ان نقبل بما هو معروض علينا". وطالب "ابو مازن" بأن "لا تحتكر الولاياتالمتحدة وحدها دور الوسيط لانه ثبت انها غير قادرة بل فاشلة في ادائه، ولذلك علينا ان نستفيد من كل الاطراف التي ترغب في بذل جهد او المشاركة في بذل جهد". واستشهد "ابو مازن" بأقوال روبرت مالي الموظف الكبير السابق في المجلس القومي الاميركي للتدليل على ان "الوساطة الاميركية تتبنى المواقف الاسرائيلية بشكل كامل". واضاف ان "مالي كشف عن ذلك عندما قال نحن كنا نتبنى الأفكار والتكتيكات الاسرائيلية وننقلها مباشرة الى الفلسطينيين وهذا من اكبر اخطائنا". في هذه الاثناء، دعت السلطة الفلسطينية لجنة ميتشل لتقصي الحقائق التي يرأسها السناتور الاميركي السابق جورج ميتشل الى "وضع الحماية الدولية للشعب الفلسطيني على رأس اولوياتها". وطالب وزير الاعلام والثقافة الفلسطيني ياسر عبد ربه اللجنة بالقيام بعملها "بعيداً عن الضغوط السياسية والتصرف كلجنة تحقيق مستقلة". جاء ذلك مع استئناف اعضاء لجنة ميتشل عملهم بلقاء مع وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز والوزير بلا حقيبة داني نفيه وعدد من اهالي الاسرائيليين الذين قتلوا خلال الانتفاضة الفلسطينية الحالية. ومن المقرر ان يكون اعضاء اللجنة التقوا الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في وقت متقدم من مساء امس الاربعاء في رام الله بعد جولة تحقيق لهم في منطقة خان يونس، وتحديداً في مخيم اللاجئين هناك الذي يتعرض لقصف مدفعي متواصل منذ اشهر في ظل حصار عسكري مشدد وعمليات استيلاء متواصلة على اجزاء من اراضيه التي تقع تحت سيطرة السلطة الفلسطينية الكاملة. وقال بيريز خلال موتمر صحفي في القدس مع رئيس اللجنة ان "اسرائيل لا تقوم بأعمال عنف بل ترد"، مجدداً رفضه القاطع لأي وجود لقوات دولية لحماية الشعب الفلسطيني. وتزامنت تصريحات بيريز مع ما نقل من أنباء عن تجديد شارون في اجتماعه مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان مساء امس، معارضته المطلقة لارسال قوات دولية للأراضي الفلسطينية "لان ذلك سيعتبر مكافأة للارهاب" على حد قوله. في غضون ذلك، اكدت مصادر فلسطينية ميدانية ان قوات الاحتلال الاسرائيلي استمرت في عمليات عزل قرى ومخيمات ومدن فلسطينية في الضفة الغربية وشق طرق استيطانية على حساب اراضي الفلاحين الفلسطينيين. وقالت المصادر ذاتها ان القوات الاسرائيلية عزلت بشكل كامل قريتي تقوع وحوسان في منطقة بيت لحم وحفرت خندقاً على المدخل الغربي لبلدة تقوع بعد ان دمرته بالكامل، فيما اعرب اهالي بلدة حوسان عن تخوفهم من اقدام القوات الاسرائيلية على اعتداءات جديدة ضدهم بعد ان عزلت القرية عن محيطها بالكامل ومنعت المواطنين من الدخول اليها او الخروج منها. وفي منطقة رام الله، اغلقت القوات الاسرائيلية بالمكعبات الخرسانية والسواتر الترابية مدخل بلدة رأس كركر وشرعت الجرافات العسكرية بتجريف اراض محاذية للبلدة لشق شارع استيطاني جديد يربط مستوطنة "تلموند" المقامة على اراضي القرية بالشارع الالتفافي الرئيسي. واغلقت القوات الاسرائيلية بالسواتر الترابية شارعين في قريتي كفر الديك ودير غسانة يؤديان الى مدينة رام الله ومحافظة سلفيت. وتكرر المشهد ذاته في قرية عصيرة الشمالية التي تخضع اصلا لحصار عسكري مشدد. وأدلى رئيس قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية الجنرال عاموس غلعاد أمس بتصريحات وصفها مراقبون بأنها "بداية لتحول جوهري في النهج السياسي" ازاء السلطة الفلسطينية، إذ قال ان رئيس السلطة الفلسطينية "يسيطر سيطرة كاملة على الاوضاع" في الاراضي الفلسطينية، نافياً ان تكون السلطة على وشك الانهيار. وقال غلعاد ان الرئيس عرفات يتبنى استراتيجية واضحة "تقضي بمواصلة انتهاج العنف والارهاب" لتحقيق الأهداف المحددة وهي اقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. وزاد ان عرفات جدي في مطالبته تحقيق حق العودة "لكنه قد يكون مستعداً لقبول حل وسط يقضي بإعادة مئتي ألف لاجئ الى داخل اسرائيل ونصل مليون آخرين الى حدود الدولة الفلسطينية العتيدة". وحسب غلعاد فإن قادة الجيش يعتقدون بأن عرفات "توصل الى استنتاج ان اتفاق أوسلو وصل الى نقطة النهاية، لذلك اضطر عرفات الى بحث صياغات بديلة تخدم المصالح الفلسطينية كما يراها". ونقلت الاذاعة الاسرائيلية عن غلعاد قوله ان "عرفات يسيطر على الاجهزة السياسية والقضاء وان السلطة ليست على وشك الانهيار". كما نقلت عن مصادر امنية قولها ان "عرفات سمح لبعض افراد الاجهزة بالقيام بعمليات ارهابية، الا ان بضعة الاف منهم لم يتورطوا في هذه الاعمال". ودأبت الآلة الاعلامية والسياسية والعسكرية الاسرائيلية في الاشهر الماضية على نشر معلومات "استخبارية" تنذر بقرب انهيار اجهزة السلطة. ورأى المراقبون ان النهج الاسرائيلي الجديد يدعم الجهود التي تبذلها الحكومة الاسرائيلية لمنع توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني وتصوير الانتفاضة الحالية على انها "اعمال ارهابية وليست مقاومة للاحتلال".