} تبدأ نيابة أمن الدولة العليا في مصر قريباًَ تحقيقات مع الاصولي محمد مدحت مرسي عمر الذي ألقت السلطات القبض عليه في مطار القاهرة الاسبوع الماضي اثناء محاولته دخول البلاد. وحصلت "الحياة" على معلومات عن ملابسات عودة عمر، إذ تبين أنه قدم من اليمن وكان يعتزم البقاء في مصر لأيام ثم السفر إلى الشيشان. أفادت مصادر مصرية مطلعة أن التحقيقات التي تجريها السلطات مع نجل الرجل الثالث في تنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه اسامة بن لادن كشفت أنه أقام لفترة في افغانستانوباكستان وجال على دول عربية بينها سورية ثم استقر في اليمن، وأنه كان على صلة بقادة في "جماعة الجهاد" التي يقودها الدكتور أيمن الظواهري. وكشفت المصادر أن محمد مدحت مرسي عمر نجل الاصولي البارز "أبو خباب" كان قدم الاسبوع الماضي من اليمن ووصل إلى مطار القاهرة وحاول إنهاء إجراءات الدخول مستخدماً جوازَ سفر يمنياً باسم محمد عبدالله سعيد الحميري، ولجأ إلى الحديث باللهجة اليمنية، إلا أن ضابط الجوازات ارتاب في أمره وأحال جوازه على "جهاز مباحث أمن الدولة" فتبين أنه مزور. واضافت المصادر أن التحريات اثبتت انه غادر مصر مع والده وبقية أفراد الاسرة العام 1987 الى افغانستان حيث تربى هناك حين عمل والده في "هيئة الإغاثة العالمية"، ثم انتقل معه للإقامة في منطقة افغانية اضطلع فيها "أبو خباب" بدور مهم في تدريب عناصر اثناء القتال ضد الاحتلال السوفياتي. واوضحت المصادر أن التحريات اثبتت أيضاً أن الابن انتقل بعدها للإقامة في مدينة لاهور حين ارتبط والده لفترة مع اصوليين باكستانيين هناك، وأن السلطات الباكستانية رصدت اتصالات بين "أبو خباب" وزعماء حركة "لشكر طيبة" الاصولية عقب تفجير السفارة المصرية في إسلام آباد، وأنه فر مع افراد اسرته ولجأ إلى الأراضي الافغانية وبعد سنتين تفرغ للعمل في تنظيم "القاعدة" مع اسامة بن لادن. وأشارت المصادر إلى أن الإبن ظل طوال تلك السنوات على صلة بقادة الاصوليين المصريين والعرب في كل من باكستانوافغانستان ثم انتقل للإقامة في اليمن بمساعدة عناصر من الجهاد اليمني، ومنها تنقل بين دول عدة مضطلعاً بأدوار تنظيمية للربط بين عناصر التنظيم. ثم عاد إلى اليمن وضاق به الحال هناك بعد تفجير المدمرة الاميركية "كول" في ميناء عدن، وحاول العودة إلى افغانستان للإقامة مع والده مجدداً إلا أنه فشل. وأشارت المصادر إلى أن عمر سيحال في وقت لاحق على نيابة أمن الدولة لتباشر معه تحقيقات في شأن مذكرة تحريات تعدها أجهزة الأمن. ومن جهته أكد محامي الجماعات الإسلامية في مصر السيد منتصر الزيات أن موكله كان يعتزم البقاء في البلاد لأيام ثم يغادرها الى الشيشان للانضمام إلى المجاهدين هناك. ونفى أن يكون عمر عاد إلى مصر لارتكاب أي أعمال مخالفة للقانون، وبرر استخدامه جوازَ سفر يمنياً بأن "غالبية الافغان العرب الذين شاركوا في القتال إلى جانب المجاهدين وخرجوا من بلادهم بموافقة السلطات فيها أيقنوا أن حكوماتهم صارت تعتبرهم إرهابيين حتى اذا لم يتورطوا في أي أعمال مخالفة للقانون في بلادهم". وطالب الزيات الحكومة المصرية ب"تبرئة ساحة أعداد كبيرة من الشباب يرغبون في العودة إلى وطنهم ولم تسجل ضد أي منهم مخالفات قانونية". واشار إلى أن عمر كان توجه قبل ثلاث سنوات إلى السفارة المصرية في باكستان محاولاً استخراج جواز سفر مصري، وأوضح للمسؤولين في السفارة أنه يرغب في العودة إلى مصر، لكن طلبه رفض. ووصف الزيات المعلومات المتداولة عن أبو خباب بأنها "مبالغ فيها"، وأشار إلى أن "نشاط الحركات الاصولية عموماً وتلك التي تتخذ من الاراضي الافغانية مركزاً لها خصوصاً يغلف بسرية شديدة، ما يسهل تحويل الاشاعات التي تطلقها الأجهزة الأمنية في دول عدة إلى حقائق لدى وسائل الإعلام". ورجح الزيات أن تكون التحقيقات التي يخضع لها عمر حالياً تهدف الى الوقوف على نشاط قادة الاصوليين المقيمين في الخارج وشبكة العلاقات التي تربطهم بتنظيمات غير مصرية وكذلك طرق تمويل نشاطهم. وتمنى أن تتبع السلطات مع موكله "الإجراءات القانونية السليمة التي تكفل له ظروفاً طبيعية أثناء التحقيقات ومحاكمة عادلة إذا رأت النيابة ضرورة إحالته على القضاء".