يواجه وفد "لجنة الحريات الدينية" الاميركي، الذي اعلن أنه سيصل إلى القاهرة الثلثاء المقبل، صعوبات شديدة في تحديد مواعيد للقاءات مع المرجعيات الدينية المصرية او القيادات الشعبية والحقوقية، بعد الحملة التي شنها مثقفون مسلمون وأقباط على اللجنة. وعُلم ان ترتيبات زيارة الوفد التي ستستمر أربعة أيام برئاسة اليوت إبرامز تتضمن تحديد موعد مع شيخ الازهر الدكتور سيد طنطاوي والبابا شنودة الثالث والمفتي الدكتور نصر فريد واصل، لكن المرجعيات الثلاث لم ترد على طلب اللجنة حتى الآن. واللافت ان صحيفة "صوت الأزهر" شنت في عددها الصادر أول من أمس هجوماً عنيفاً على زيارة الوفد في صفحتها الاولى تحت عنوان "رجال دين وسياسيون يرفضون الزيارة". وأفردت مساحة كبيرة أوردت فيها رفض شيخ الأزهر التدخل في شؤون مصر الداخلية، مؤكداً عمق الروابط بين المسلمين والاقباط والمساواة بينهم في الحقوق والواجبات. ويضم الوفد الى جانب ابرامز نائب رئيس اللجنة نيروز كاظم زادة وعضو اللجنة ليلى ماراياتي، بالاضافة الى مساعدين آخرين، وتسعى إلى لقاء مسؤولين ورجال دين وأكاديميين وممثلي منظمات حقوق انسان واساتذة قانون للتشاور في قضايا الحريات الدينية. وكانت "الحياة" كشفت قبل أسبوعين ترتيبات الزيارة التي قررت بعد ضغوط عنيفة مارستها منظمات دينية غربية وقبطية في المهجر، في مقدمها منظمة "بيت الحرية الأميركي" الوثيق الصلة بدوائر القرار، وذلك بعد أحكام قضية الكُشح الثانية التي اعتبرتها بمثابة سياسة حكومية، إذ أكدت المنظمة أن "لدى الاقباط في مصر مخاوف مستقبلية حقيقية". وامتدت التحفظات عن زيارة الوفد الى المنظمات الحقوقية، فقال الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ ابو سعدة ل"الحياة" "سندرس الطلب إذا تلقيناه، وإذا بدت لنا بوادر تدخل في الشؤون الداخلية فسيكون لنا موقف واضح". في حين شدد مدير مركز هشام مبارك للدراسات القانونية جاسر عبدالرازق ضرورة اللقاء مع الوفد، وقال: "لا بد من تلقينهم درساً لأن اللجنة تعمل في إطار المصالح الاميركية وفي حدود السياسة الخارجية للولايات المتحدة ولا صفة لها للتفتيش او التحقيق في اي شأن غير اميركي". يذكر أن "اللجنة الاميركية للحريات الدينية" انشئت في 1998، استناداً الى تشريع اصدره الكونغرس ل"حماية الأقليات الدينية"، وأثار ضجة في بلدان عدة ومنها مصر. وتضم اللجنة اعضاء من الحزبين الجمهوري والديموقراطي وتقدم توصياتها وتقاريرها الى الكونغرس والرئيس الاميركي ووزير خارجيته. وكان مثقفون مصريون مسلمون واقباط وهيئات وطنية شعبية وأحزاب استبقت الزيارة بسيل من بيانات الاحتجاج عليها، والدعوة الى رفض مقابلة اعضائها، فيما تلقت الحكومة طلبات احاطة من نواب في البرلمان يسألونها هل ستسمح للجنة بدخول البلاد وترتيب لقاء رسمي معها. وفي ما يعد إشارة إلى التراجع بعد الضجة التي شهدتها القاهرة، نقلت وكالة "أنباء الشرق الاوسط" امس تصريحات لابرامز قال فيها إن "الوفد لن يزور الكُشح لضيق الوقت ولأن دور الزيارة ليس التحقيق، بل الاستماع إلى تقويم الاطراف المختلفة للحريات الدينية". وفي إطار محاولات التهيئة قبل وصول الوفد لفت ابرامز في تصريحاته إلى ان "الحكومة المصرية اظهرت تعاوناً في تسهيل مهمة اللجنة ولم تتدخل في الترتيبات"، وشدد على ان "اعضاء الوفد يرغبون في معرفة حقيقة الاوضاع على أرض الواقع، ونحن لا نتفاوض مع حكومات ولا نطالب بتنفيذ قوانين، بل نقدم توصيات إلى الكونغرس والادارة".