يتوجه الناخبون الفرنسيون مجدداً اليوم الى صناديق الاقتراع في الدورة الثانية من الانتخابات البلدية، التي تشكل نتائجها، بالنسبة الى الطبقة السياسية نوعاً من الاستطلاع المبكر لما ستسفر عنه انتخابات الرئاسة المرتقبة السنة المقبلة. وكان المتنافسون في المدن المختلفة، ومنها باريس، وجهوا كلمات أخيرة الى الناخبين لحملهم على عدم تجاهل الانتخابات، خصوصاً ان نسبة الممتنعين عن التصويت في الدورة الأولى الأحد الماضي فاقت 33 في المئة من ناخبي العاصمة. وخلال مهرجان انتخابي حضره نحو الف شخص، دعا رئيس بلدية باريس الحالي جان تيبيري، الى "بذل كل ما أمكن لمنع اليسار من الفوز" وبالتالي تولي رئاسة بلدية باريس، المعقل التاريخي لليمين الفرنسي. ومعروف ان تيبيري خاض المعركة الانتخابية متمرداً على اسرته السياسية اليمينية التي رفضت ترشيحه و فصلته من حزب "التجمع من اجل الجمهورية"، تجنباً للاحراج الناجم عن تورطه في قضايا فساد وتزوير. وأدى اصرار تيببري على المضي في ترشيح نفسه الى اضعاف موقف منافسه المرشح اليميني الرسمي فيليب سيغان. وفي مواجهة هذا الموقف الذي يحمل سيغان مسؤولية هزيمة اليمين المحتملة في باريس، كرر الأخير، ان عدم سحب تيبيري مرشيحه في ست دوائر جاءت نتائجها في الدورة الأولى أفضل لمرشحي اليمين الرسمي، سيؤدي الى الخسارة. وكان سيغان رفض دعوة تيبيري الى خوض الدورة الثانية من الانتخابات على لوائح موحدة. ووسط حملة الانتقادات المتبادلة في الصف اليميني، دعا المرشح اليساري الى رئاسة بلدية باريس برتران دولانويه الناخبين اليساريين الى رص صفوفهم والادلاء بأصواتهم بكثافة في الدورة الثانية. وناشد ناخبي اليمين المستائين من انقسامات قادتهم، معاقبتهم بالادلاء بأصواتهم لمصلحته. وضم وزير الداخلية دانيال فايان الاشتراكي صوته الى صوت دولانويه، معتبراً ان سيغان وتيبيري يحتجزان باريس رهينة، وأن من حق الباريسيين ان يكون لديهم رئيس بلدية يستند الى غالبية فعلية وبرنامج فعلي. ولا يزال الغموض يلف نتائج الانتخابات، اذ يرى البعض ان المجال لا يزال متاحاً امام اليمين لتحقيق مفاجأة والاحتفاظ برئاسة بلدية العاصمة، فيما يرجح آخرون فوز اليسار بصعوبة. ويحتاج اليسار للفوز برئاسة بلدية العاصمة الى الاحتفاظ بمقاعد 62 عضواً في المجلس البلدي، كان فاز بها في الانتخابات البلدية عام 1995، والفوز ب20 مقعداً جديداً. وفي غضون ذلك، فإن الاستنفار على اشده في أوساط رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، في انتظار نتائج الدورة الانتخابية الثانية، التي تشكل مؤشراً الى ميول الناخبين قبل عام من انتخابات الرئاسة. ومن هذا المنطلق، هناك من بدأ يقول إن خسارة اليمين بلدية باريس، ستؤدي الى انعكاسات مباشرة على أوضاع الرئيس الفرنسي جاك شيراك، في حين يتطلع رئيس الحكومة ليونيل جوسبان الاشتراكي، الى الحصيلة الاجمالية للانتخابات البلدية على مستوى عموم فرنسا، باعتبارها مقياساً لشعبيته.